المحتوى الرئيسى

كارت «أرامكو» الأحمر

06/18 11:55

علي المزيد

ألمانيا بلد صناعي وهو ينتج أعلى العلامات التجارية مثل «بنز» و«بي إم دبليو»، وشركة «سيمنز».. إلخ، ويتم ضخ الطاقة بالمفاعل النووي في مدينة صغيرة في هذا البلد، في بلد كهذا يتوقع الكثيرون رؤية مواطنيه يعيشون في رغد وحياة فاخرة.

عندما وصلت إلى هامبورغ، رتب زملائي الموجودون في هامبورغ جلسة ترحيب لي في أحد المطاعم، وعندما دخلنا المطعم لاحظنا أن كثيرا من الطاولات كانت فارغة. وكانت هناك طاولة صغيرة وجد عليها زوجان شابان لم يكن أمامهما سوى اثنين من الأطباق وعلبتين من المشروبات. كنت أتساءل إذا كانت هذه الوجبة البسيطة يمكن أن تكون رومانسية؟ فماذا ستقول الفتاة عن بخل هذا الرجل؟ وكان هناك عدد قليل من السيدات كبيرات السن.

كنا جياعا، طلب زميلنا الطعام كما طلب المزيد، لأننا نشعر بالجوع، وبما أن المطعم كان هادئا، وصل الطعام سريعا، لم نقض الكثير من الوقت في تناول الطعام. عندما غادرنا المكان كان هناك نحو ثلث الطعام متبقٍ في الأطباق. لم نكد نصل إلى باب المطعم وإذا وبصوت ينادينا!! لاحظنا السيدات كبيرات السن يتحدثن عنا إلى مالك المطعم!! عندما تحدثن إلينا، فهمنا أنهن يشعرن بالاستياء لإضاعة الكثير من الطعام! قال زميلي: «لقد دفعنا ثمن الغذاء الذي طلبناه فلماذا تتدخلن فيما لا يعنيكن؟»، إحدى السيدات نظرت إلينا بغضب شديد. واتجهت نحو الهاتف واستدعت أحدهم.

بعد فترة من الوقت، وصل رجل في زي رسمي قدم نفسه على أنه «ضابط من مؤسسة التأمينات الاجتماعية» وحرر لنا مخالفة بقيمة 50 يورو! التزمنا جميعا الصمت. وأخرج زميلي 50 يورو قدمها مع الاعتذار إلى الموظف.

قال الضابط بلهجة حازمة «اطلبوا كمية الطعام التي يمكنكم استهلاكها.. المال لك لكن الموارد للمجتمع. وهناك الكثير من الآخرين في العالم الذين يواجهون نقص الموارد.. ليس لديك سبب لهدر الموارد!».

تذكرت هذه القصة التي أرسلها لي الزميل رجل الأعمال أحمد بن غيث وأنا في زيارة لـ«أرامكو» الثلاثاء الماضي مع ثلة من الكتاب السعوديين، حيث كان مسؤولو «أرامكو» يحذرون بأعلى صوتهم من أن إنتاج الطاقة سيستهلك الكثير من النفط مستقبلا، وتذكرت أيضا ما قاله المهندس علي البراك في وقت سابق وهو رئيس الشركة السعودية للكهرباء، بأننا قد نستهلك نصف المنتج من النفط مستقبلا لإنتاج الطاقة فقط وهو ما يضر بالدخل الوطني، ودعا إلى الترشيد في استخدام الكهرباء ونادى بإنتاج الكهرباء من المحطات النووية. المتتبع لأحوال مجتمعنا يرى أننا نسرف في استهلاك الطاقة، فهل نحن بحاجة لكارت أحمر من «أرامكو»؟

كما أننا نسمح بدخول الأجهزة الكهربائية الرديئة لبلادنا، التي تستهلك طاقة كهربائية أكثر من مثيلاتها من الأجهزة الكهربائية الجيدة، فهل نحن بحاجة لكارت أحمر؟ كما أن منتج الكهرباء يستخدم أسوأ المولدات فهل هو بحاجة لكارت أحمر؟ مؤسسات الحكومة بطيئة التحرك للتعاون في اتخاذ قرار لإنشاء مفاعلات نووية لإنتاج الكهرباء عبر استثمار 600 مليار ريال من الاحتياطات السعودية.. فهل هي بحاجة لكارت أحمر من «أرامكو»؟ أم أن هذا الكارت أصبح ألمانيا؟ أم أن الكارت الأحمر هذه المرة يجب أن يكون من الشعب للمنظمين حتى يحافظوا على موارده ومستواه المعيشي.


*عن صحيفة" الشرق الأوسط"

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل