المحتوى الرئيسى

شحاتة محمد شحاتة يكتب: الفساد وحكومة عصام شرف

06/18 22:44

قرأت التصريحات التى أدلى بها الدكتور عصام شرف، رئيس مجلس الوزراء، للصحف على هامش المنتدى الدولى لمسارات التحولات الديمقراطية، والتى قال فيها إن الفساد أصبح ثقافة عامة، وإن فساد المؤسسات يحتاج إلى جهود كبيرة، وهذه التصريحات من وجهة نظرى كمواطن تعتبر تصريحات صادمة لأنها حينما تصدر من موظف عام بدرجة رئيس وزراء مصر ويشغل أعلى مراتب صناعة القرار فى الدولة فلابد أن يكون صادما، وذلك لعدة أسباب، أولها أنه ينم عن عجز حكومى أو بالأحرى يأس الحكومة من قدرتها على القضاء على الفساد فى أقرب وقت، كما يدلل كذلك أن معركة الفساد مازالت طويلة وهذا هو الأمر الصادم لى كمواطن يريد أن تتخذ بلده طريق النزاهة فى أقرب وقت، كما أنه صادم لى بصفتى أحد العاملين فى مجال منظمات المجتمع المدنى المعنية بأمر مكافحة الفساد، وهو ما يعنى أن إرساء قواعد مكافحة الفساد والقضاء عليه داخل أجهزة الدولة لا تحتاج سنوات طويلة لوضعها قيد التطبيق، فالأمر بسيط والروشتة سهلة جدا إذا خلصت نوايا القائمين على صناعة القرار فى مصر وهذه الروشتة تتلخص فى الآتى:

أولا – إصدار قانون يكفل منع تضارب المصالح فليس من المنطقى أن يتم تعيين وزير أو مسئول كان يمارس نشاطا تجاريا معينا فى وزارة تمارس نفس هذا النشاط، كما يجب أن يشمل القانون كذلك الأبناء والأقارب من الدرجة الأولى وأن يتحتم عليهم عدم ممارسة أى نشاط تجارى متعلق بطبيعة عمل الوزارة التى يشغلها قريبهم المسئول سواء بالذات أو بواسطة آخرين وهذا القانون معد وجاهز إذا أراده المجلس العسكرى أو السيد رئيس الوزراء فنحن على أتم استعداد لتقديمه للمناقشة فورا تمهيدا لإقراره.

ثانيا – إصدار قانون إتاحة المعلومات وهو القانون الذى طالما نادت به منظمات المجتمع المدنى فليس من اللائق ألا يكون لدينا قانون يتيح لأى شخص الحصول على المعلومات التى يرغب بها من أى جهة حكوميه فهذه المعلومات فى النهاية ليست قدس الأقداس طبعا ماعدا ما يخص الأمن القومى منها واعتقد أن سياسة الإفصاح التى تمارسها البورصة المصرية ابلغ دليل على أن إتاحة المعلومات لا تضر بالصالح العام أو الاقتصاد القومى على الرغم من أهمية المعلومات المتاحة فى قطاع الشركات بل إنها كانت أحد أسباب انتعاش البورصة المصرية.

ثالثا – تبنى حزمة كبيرة من التعديلات التشريعية يأتى فى مقدمتها بالطبع القانون الأعظم فسادا وهو القانون 89 لسنة 1998 (قانون المناقصات والمزايدات )على أن تتبنى هذه التعديلات وضع عقوبة جنائية للموظف العام الذى يقوم ببيع أموال وأراضى ألدوله بالأمر المباشر لما سببه هذه القانون من إهدار ما يقرب 37 مليار دولار سنويا حسب تقارير منظمة الشفافية الدولية.

رابعا – أما الأمر الهام الذى سيقضى نهائيا على الفساد هو ما أعلنته الحكومة منذ أيام ثم تراجعت عنه على ما يبدو واقصد هنا هو إنشاء هيئه عامه وفقا للمادة السادسة من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد الموقعه عليها مصر وهذه الهيئة يناط بها محاربة الفساد فقط على ان يتمتع رئيس هذه الهيئة بعدم قابلية العزل وهذه الهيئة كنت قد قرأت فى الصحف كغيرى اعتزام الحكومة تأسيسها ولأسباب لا أعلمها بالطبع تم التعتيم على الموضوع وانتهى الحديث فيه لماذا لا أعلم خامسا -تفعيل مدونات السلوك الواردة فى المادة الثامنة من الاتفاقية المذكورة وكذا الأخرى الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة.

هذه هى الروشتة التى أراها كمتخصص فى مجال منظمات المجتمع المدنى المعنية بأمر مكافحة الفساد وقد طالب بها الكثيرون قبلى وسيطالب بها آخرون من بعدى، فإذا كانت الحكومة جادة فعليها تنفيذ وتطبيق هذه الروشتة، أما إذا كان الفساد أقوى من تبنى هذه الروشتة فهذا أمر آخر؟؟ اما أضعف الإيمان من وجهة نظرى هو أن تتبنى الحكومة سلسلة إجراءات تهدف إلى تقوية منظمات المجتمع المدنى المتخصصة فى هذا الأمر وأن تعمل على اعتماد المزيد من الضمانات التى تكفل قيامها بأداء دورها وان تتبنى التقارير الصادرة عنها وان تتبنى سياسات جديدة على ضوء هذه التقارير تكفل القضاء على الفساد ولا يجب الا ننسى وسط ذلك أننا مازلنا ضمن العشر دول الأكثر فسادا فالامر جد خطير ويتعلق بجذب استثمارات جديدة وزيادة انتعاش اقتصادى لان المستثمر الأجنبى يقرأ تقارير المنظمات الدولية قبل ضخ استثماراته وبالطبع فإنه لن يضخ استثمارات فى دول غارقة فى الفساد فأرجوأن تسرع الحكومة من خطاها نحو وضع الآليات اللازمة لمكافحة الفساد، وإلا فإن العواقب ستكون وخيمة على الاقتصاد المصرى فى المدى القريب.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل