المحتوى الرئيسى

رسالة "اعتذار" من يوسف العظمة إلى نيكولا ساركوزي بقلم: معن بشور

06/17 22:40

رسالة "اعتذار" من يوسف العظمة إلى نيكولا ساركوزي/ معن بشور

مسيو ساركوزي

أعتذر منكم باسمي وباسم كل إخواني وأبنائي ممن خاضوا إلى جانبي معركة ميسلون على أبواب دمشق قبل 90 عاماً، فاستشهد من استشهد، وجرح من جرح، لم نكن نعرف يومها أن نواياكم "طيبة" تجاه بلدنا سوريا إلى هذا الحد الذي نراه اليوم من خلال تصدّركم المحاولات الرامية لاستصدار قرار دولي ضد دمشق ولتبرير التدخل العسكري الأجنبي ضدّها كما تفعلون اليوم في ليبيا، وكما فعل حليفاكما الأمريكي والبريطاني في العراق.

وأعتذر منكم أيضاً باسم سلطان باشا الأطرش ورجال الثورة السورية الكبرى، وباسم أحمد مريود وفرسان الجولان، وباسم الشهيدين محمد الأشمر وحسن الخراط ومعهما الدكتور عبد الرحمن الشهبندر وكل مقاتلي الغوطتين وحي الميدان وسائر أبناء دمشق، بل أعتذر باسم إبراهيم هنانو وأهل الثورة في الشمال السوري ممن توزعت دماؤهم في كفر تخاريم، وعفرين، وجسر الشغور، ومعرّة النعمان، كما باسم الشيخ صالح العلي وعمر البيطار من ثوار الجبل والساحل السوري، وباسم سعيد العاص وعثمان الشيشكلي وأكرم الحوراني وغيرهم من أبناء حماة المجاهدة، فهم حينها لم يدركوا "النعمة" التي تحملونها لسوريا من خلال الانتداب ورسالته "الحضارية"، كما أنهم أخطأوا حين رفضوا تقسيم سوريا إلى دويلات أربع على أساس طائفي ومذهبي، وهو ما تسعون اليوم إلى إعادة تحقيقه "لصالح" سوريا وشعبها ومستقبلها.

أعتذر منكم أيضاً باسم شكري القوتلي وصبري العسلي ونسيب البكري وفارس الخوري وفخري البارودي وسعيد حيدر وعفيف الصلح وغيرهم من قادة الكتلة الوطنية في دمشق ومعهم شباب دمشق الوطني يومذاك ميشيل عفلق وصلاح الدين ومدحت البيطار، بل باسم سعد الله الجابري، ورشدي الكيخيا، وعبد الرحمن الكيالي، وناظم القدسي من زعماء الحركة الوطنية في حلب، ولا بدّ أيضاً من الاعتذار منكم باسم جلال السيد وعبد السلام العجيلي وغيرهما من رجالات دير الزور والحسكة والرقة وشبابها الأبطال، كما أعتذر باسم كل من سعى على امتداد سوريا إلى إخراجكم من بلادنا فقد أثبتت الأيام أنهم لم "يفقهوا" أنهم بذلك يخرجون "مبادئ الحرية والأخوة والمساواة" التي حملتها جيوشكم "المحرّرة" ونشرها جنودكم "المتحضرون".

أعتذر منكم أيضاً باسم أعضاء البرلمان السوري الذي قصفه طيرانكم في 31 أيار 1946، لأنهم أصرّوا على تجاوز حدودهم وصلاحياتهم ودعوا إلى جلاء قواتكم عن سوريا فاستحقوا منكم التأديب المناسب..

ولا أنسى بالطبع أن أعتذر لكم باسم القائد الكبير صلاح الدين الأيوبي الذي زار قبره الجنرال غورو في دمشق بعد دخول جيشه سوريا ليقول له كلمته الشهيرة "ها قد عدّنا يا صلاح الدين"، فلقد أخطأ القائد الكبير حين حرّر القدس من الفرنجة الذين لو بقوا في بلادنا كل هذه القرون لما شهدنا ما شاهدناه من "أهوال".

ولأن العروبة تشدّني إلى كل أبناء أمتي، فأنا أعتذر أيضاً باسم 45 ألف جزائري استشهدوا على يد جيشكم في الجزائر يوم خرجوا في 8/5/1945 يحتفلون بانتهاء الحرب العالمية الثانية ويطالبون بالاستقلال، فلقد كانوا لا يعلمون أن مطلب الاستقلال عنكم هو "إرهاب" ينبغي استئصاله، وأن الخروج في مسيرات سلمية تحتفي بالنصر وتنادي بالحرية "جريمة كبرى ضد الإنسانية"، ولا أنسى في هذا المجال أن أحيّي "جنرالاتكم" الذي أشرفوا على تلك العملية "الإنسانية" الخالصة، بل أحيّي حكومتكم لأنها لم تقدمهم آنذاك إلى المحاكمة بل كافأتهم على ما فعلته أيديهم، كما كافأت جنرالات "الأقدام السوداء" وكل من تسبب بقتل مليون ونصف جزائري في ثورة الفاتح في نوفمبر 1954.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل