المحتوى الرئيسى

د. هشام عبد الصبور شاهين يكتب: رسالة إلى الطغاة.. حاليين وسابقين

06/15 16:08

ربما بررتم لأنفسكم ما فعلتم وتفعلون بأنكم الأصلح والأمثل والأنسب لحكم بلادكم، ولا أحد غيركم يملك مواهبكم، وكذبتم على أنفسكم وعلى الناس، فإن صدقتم أنفسكم؛ فهل حسبتمونا صدقنا أكاذيبكم؟

قد تسلطون أذنابكم وكلابكم لإحداث الفوضى والبلبلة بعدكم، وقد تضمنون بقاء ديكتاتورياتكم فى مقاعد السلطة بعد رحيلكم، وقد يؤتي هذا المكر ثماره حتى حين، ولكن.. ألم تسألوا أنفسكم لماذا ثارت عليكم شعوبكم ؟

حين كانت شعوبكم أحوج ما تكون إلى بيوت تؤويهم، وأسقف من حر الشمس تقيهم، ومن برد الشتاء تحميهم، ووظائف يعملون فيها ليسدوا رمق أسرهم؛ أبدلتموهم بأحلامهم بالبيوت سجونا، وأشبعتموهم فيها اعتقالا وتقتيلا وتعذيبا، وبنيتم لأنفسكم ولمنافقيكم قصورا ومنتجعات وملاعب للجولف.

حين انحدرت شعوبكم إلى مستنقع الفقر، وعز عليهم توفير الفول والطعمية والعيش الحاف؛ كنتم تملأون خزائنكم من أمواله، وتسرقون آثاره، وتبيعون أرضه ومصانعه، وتصدرون لحساباتكم ذهبه وغازه وبتروله، وتقامرون بغده ومستقبل أبنائه.

حين كان العالم يتطور ويتحضر ويتعلم؛ حافظتم على نسبة الأمية عالية فى شعوبكم، وبررتم ذلك لأنفسكم أنه يسهّل لكم قيادهم والتحكم فى مصائرهم، والعالم الحر المتعلم يتفرج علينا كما يتفرج على مجموعات من القردة فى الجبلاية.

حين كان الشباب يطالعون ويعرفون، ويغبطون دول العالم الديمقراطية على إعلامها الحر وشعوبها الطليقة، كان إعلامكم يكذب ويدلس ويستهبل، ليلمّع صوركم وصور ورثتكم، ويزور حقيقتكم.

حين كانت تنتشر فى قنوات الإعلام أخبار الانتخابات النزيهة واستطلاعات الرأي الحقيقية فى دول العالم المتحضر؛ كان زبانيتكم يزورون الانتخابات والاستفتاءات.

والآن تقتلون الناس جميعا ..! القرآن الكريم قرر أن من قتل نفسا بغير نفس أو فساد فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعا، وأنتم قتلتم آلاف الأنفس بغير أنفس، وأزهقتم آلاف الأرواح فسادا فى الأرض، والشهداء والأحياء يشهدون عليكم.

بأموال شعوبكم اشتريتم السلاح بحجة الدفاع عنهم، وقبضتم العمولات ملايين متلتلة، ثم حين احتجـّوا عليكم وانتفضوا على ظلمكم أطلقتم الرصاص على رؤوسهم وصدورهم، فقتلتم من قتلتم، وجرحتم من جرحتم، فهل تظنون أنهم ينسون أو أن التاريخ ينسى ؟ أو أن الله تعالى ينسى ؟

ربما غاب عن أفهامكم أن الله هو الديّان، وأنه تعالى لا ينام ولا يموت ولا ينسى، ولكن جنون الشهرة وسطوة الحكم والغرور بالأماني، كلها أدت إلى جنونكم واضطراب قراراتكم، حتى نسيتم أنكم بشر عاديون لا تتميزون، بل إنكم أضعف كثيرا من أضعف خلق الله فظننتم أنكم نجوتم بفعالكم ؟ هل تظنون التاريخ ينسى ما فعلتم بشعوبكم ؟ هل حسبتم أنفسكم مخلدين على هذه الأرض لا تطالكم يد الموت ؟

الموت ؟ هل فكر أى منكم فى الموت ؟ ألا تخطر على بالكم سكراته ؟ هل تفكرون فى يوم القيامة ؟ يوم يقف الإنسان عاريا مما يستره، ويجد ما قدمت يداه حاضرا أمامه فى كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا ذكرها، يومها ستحملون أوزاركم وخطاياكم على ظهوركم، قتلاكم ومصابيكم ومعتقليكم، ومن سرقتم وشردتم والبيوت التى هدمتم، والأراضى التى نهبتم، والبلاد التى بعتم، كلها ستأتون يوم القيامة تحملونها فوق ظهوركم، فهل تفكرون فى ذلك اليوم ؟

أردتم أن تدخلوا التاريخ فى غفلة من الشعوب وفى غفلة منه.. لكنكم فوجئتم بأن الشعوب؛ التى ظننتم لجهلكم أنها ماتت؛ تنبعث كالعنقاء من تحت الرماد، وتغطى أجنحتها السهل والجبل، فضاعت فرصة دخولكم التاريخ من بابه الشريف، وتدخلونه لتضاف أسماؤكم إلى قوائم الطغاة نيرون والحجاج وهتلر وشارون... والبقية تأتي .. واسلمي يا مصر.  

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل