المحتوى الرئيسى

خبير اقتصادي خليجي : البحرين بحاجة عاجلة إلى ضخ 5 مليارات دولار

06/15 02:03

غزة - دنيا الوطن

كشف الخبير الاقتصادي الخليجي وعضو المنتدى الاقتصادي العالمي خالد الجناحي لـ«الشرق الأوسط» أن البحرين في حاجة عاجلة لضخ نحو 5 مليارات دولار في المصارف البحرينية لتوفير السيولة وإنعاش الحركة التجارية لتتجاوز مرحلة الركود الاقتصادي الذي ضرب الاقتصاد البحريني على خلفية الأحداث الأخيرة، وتبعات الأزمة المالية العالمية. ودعا جناحي دول الخليج وفي مقدمتها السعودية، إلى تمويل البنوك البحرينية بقروض دون فوائد على مدى نحو 10 سنوات، لإعادة الاستقرار للاقتصاد البحريني ورفع درجة التصنيف المتدني الذي وصل إلى درجة (BBB). وأكد الجناحي أن البحرين تواجه مشكلة اقتصادية، وأنه لا بد من التعامل مع الواقع لإيجاد الحلول للنهوض باقتصادها وإعادة الثقة إلى المصارف البحرينية، والإسراع إلى تنفيذ المطالب الإصلاحية الاقتصادية، ودعم توفير مأمن شأنه إيجاد سبل رغد العيش للمواطن البحريني على مختلف مشاربهم ومذاهبهم.

وشدد على أهمية توجه الشركات الخليجية الكبرى وخصوصا الشركات السعودية إلى إنشاء مصانع لها في البحرين بدلا من التوجه إلى الهند أو الصين أو دول أخرى، وذلك لدعم الاقتصاد البحريني وخلق نحو 1500 فرصة عمل للبحرينيين. وما يدفع البحرين إلى بناء اقتصاد قوي على النموذج السنغافوري. وأشار الجناحي إلى أن الحكومة البحرينية قد اختارت إحدى شركاته (نسيج) لتنفيذ مشروع سكني يضم نحو 4.5 ألف وحدة سكنية وبتكلفة تلامس الـ500 مليون دولار. وقال إن القرض الذي قدمته دول الخليج بقيمة 20 مليار دولار على مدى 10 سنوات مناصفة للبحرين وسلطنة عمان لا يرتقي إلى الدعم المطلوب، داعيا أغنياء العرب إلى إعادة ودائعهم في الخارج واستثمارها في الدول العربية. وتطرق الجناحي إلى كثير من الموضوعات المتعلقة بالشأن الاقتصادي الخليجي والبحريني على وجه الخصوص في هذا الحوار لـ«الشرق الأوسط»:

* كيف ترون تأثير الأحداث الأخيرة في البحرين على الاقتصاد البحريني بشكل عام؟

- دون شك أن تبعات الأحداث كان لها تأثير على الوضع الاقتصادي وخصوصا فيما يتعلق بالسوق المركزية وقطاع المواد الغذائية، ولكن يجب أن لا نتوقف عند هذه التأثيرات، وعلينا أن نبدأ التفكير والعمل لما بعد الأزمة بعد تراجع تصنيف البحرين. كما يجب التركيز على المؤسسات المالية التي تشكل نحو 28 في المائة من الناتج المحلي للبحرين من خلال 400 مؤسسة مالية تقريبا، حيث تبلغ أصول البنوك نحو 200 مليار دولار، في حين أن الناتج المحلي للبحرين يصل إلى نحو 22 مليار دولار. ومن الصعب أن تعود الأوضاع المالية إلى ما كانت عليه قبل الأزمة خلال فترة وجيزة. كما أن البحرين كبلد صغير لا تستطيع دعم هذه المؤسسات في ظل عدم وجود استقرار دائم، في حين أن وكالة ستاندرد أند بوزر تتكون لديها رؤية سلبية عند منحها التصنيف الائتماني، ومن السهل الدخول في المشكلة، ولكن الخروج منها يحتاج إلى عزيمة والكثير من الوقت وتغيير أمور كثيرة، ونحن في البحرين يجب الآن أن نتجاوز مرحلة تقييم الصح والغلط أو تسييس الأمور، إنما يتوجب التفكير في الاستقرار الاقتصادي، الذي سيكون مفتاحا لحل الكثير من الاحتياجات والمطالب، وهذا يتطلب إصلاحات اقتصادية مبنية على تكافؤ الفرص والتنافس الشريف بين الأفراد، والكفاءة هي التي تبرز الشخص وليس التوازن الطائفي أو توازن المحسوبيات التي يلعب عليها البعض الآن.

* وما هي السبل التي يمكن اتخاذها للخروج من تأثيرات الأزمة بما يدعم الجانب الاقتصادي في البحرين؟

- أعتقد أنه من المناسب أن تحذو البحرين حذو النموذج السنغافوري، بالاعتماد على توازن الكفاءة وليس توازن المحسوبية أو التوازن الطائفي، وأن نستفيد من درس الأحداث، كما أن روية البحرين 2030، تتضمن إصلاحات عدة، ومن الأهمية العمل على تنفيذها الآن، كي نختصر الكثير من الجهد والزمن لدفع عجلة الاقتصاد البحريني نحو التعافي.

* وما ملامح هذه الإصلاحات؟

- إصلاحات اجتماعية واقتصادية واجتماعية وسياسية، وأن نتجاوز تسييس الأمور أكثر من اللازم، وأن ندعم كل الخطوات الإيجابية، بعيدا عن التأثيرات والدخول في النيات أو قول «التقية» وما يخرجنا من طوع ديننا الإسلامي.

* وأين تتجه البحرين اقتصاديا من وجهة نظرك؟

- هناك من يقول إن البحرين تعوم على بحر من السيولة، ولكن ما نشاهده وما نلمسه يشير إلى أن الحركة العمرانية متوقفة وركود في الأسواق، و«طيران الخليج» يشهد تراجعا في أرباحه نتيجة لإيقاف نحو تسع محطات مربحة في إيران والعراق ولبنان، والاقتصاد يسير من سيئ إلى أسوأ وهو ما يجب أن يكون في الحسبان، كي نواجه الواقع لحل الأمور، ويجب الاعتراف بأن لدينا مشكلات، كما أن واقع الاقتصاد يشير إلى أن تصنيف البحرين الآن (BBB)، خاصة بعد أن تأثر اقتصادنا بالأزمة المالية العالمية 2008 وتأثرت بها الكثير من البلدان التي فيها مؤسسات مالية وفي مقدمتها دول أميركا وأوروبا وخصوصا بريطانيا، والبحرين تأثرت كونها جزءا من العالم.

* وما هو حجم التأثير أو الخسائر التي لحقت بالبحرين من تبعات الأزمة المالية؟

- قلت في تصريحات سابقة إن البحرين تأثرت من أزمة 2008 وغضب البعض، ولكن اليوم أؤكد أن هناك حاجة لضخ سيولة في السوق، والبدء فعليا في توفير المتطلبات من سكن ووظائف مستدامة، لأنه من دون تنمية مستدامة لن يكون هناك استقرار اقتصادي، ومن دون تكافؤ الفرص ومنح الكفاءات الفرصة للوصول فلن تكون هناك تنمية مستدامة، أما إذا استمرت المحسوبية فلن يكون استقرار. ومن ناحية توفير السكن فهو مقدور عليه لأنه لن يكلف أكثر من إنتاج 4 أيام من إنتاج البترول في السعودية، لأن البحرين جزء لا يتجزأ من الخليج والأحداث الأخيرة أثبتت ذلك.

* وهل تعتقد أن السعودية بمقدورها تحمل كل هذه الأعباء المالية؟

- من الممكن أن يكون الدعم السعودي من باب التوجه للاستثمار في البحرين، على أن تقوم بعض الشركات السعودية الكبرى الراغبة في إنشاء مصانع لها في الهند أو الصين، بأن تنشئ تلك المصانع في البحرين، وهذا سيخلق نحو 1500 فرصة عمل للمواطنين البحرينيين، وهو الأمر الذي سيحدث قفزة نوعية في الاقتصاد البحريني، وصحيح أن هناك فرقا بسيطا في السعر فيما لو أقيمت المصانع في دول شرق آسيوية، ولكن دول الخليج والسعودية خصوصا قادرة على التكفل بفارق السعر.

* وما هي الفرص الاستثمارية المتاحة في البحرين؟

- هناك فرص عدة، ولكن الاستثمار في الإنسان البحريني يمثل ميزة للسوق البحرينية، كون البحرينيين جبلوا على العمل في مختلف الميادين والمهن، من أجل توفير العيش الكريم، كما أن البحرين تملك مقومات عدة وفي مقدمتها الخدمات اللوجستية، ولا بد من الاستمرارية في التطوير في ظل ظهور منافسين جدد في المنطقة، بعد أن كانت البحرين الوحيدة منذ 30 سنة.

* هل تعتقد أن البحرين مهيأة الآن لهذه الإصلاحات التي تتحدث عنها؟

- ليس أمامنا أي خيار آخر إلا التطوير والإصلاح، وليس هناك خيار إلا إيجاد دعم، بالاعتماد على السعودية في المقام الأول، ولكي نعزز مكانة البحرين المالية فإننا نحتاج إلى ضخ ما يقارب 5 مليارات دولار في البنوك البحرينية، كي نحرك التجارة بغض النظر عن المساعدات الأخرى التي تعنى بالبنى التحتية، على أن يكون هذا الدعم بمثابة قرض دون فوائد على مدى 10 سنوات.

* وهل البنوك البحرينية الآن تعاني فعلا من نقص السيولة؟

- عندما يكون تصنيفك BBB يجب أن تبسط الأمور، خاصة أن البنوك الخارجية اليوم لا تستطيع أن تعطيك فلوسا في الداخل ولو أعطت سيكون بفائدة مضاعفة لأن تصنيفك نازل، وهذا غير مجدٍ لا للبنوك ولا للمقترض.

* وكيف يمكن القول إن المؤسسات المالية تعاني من السيولة والبحرين تعد أكبر مركز مالي في المنطقة؟

- لو وضعنا مقارنة لوجدت أن نيويورك أكبر مركز مالي في العالم، وفي 2008 انهارت كثير من المؤسسات المالية، ولكن نشكر العرب والهنود والصينيين الذين تحملوا السندات الأميركية كي يدعموا البنوك.

* هل اهتزت سمعة ومكانة البحرين المالية على خلفية الأحداث الأخيرة؟

- ما في شك، وبعد أن بدأت المصارف البحرينية تتعافى من الأزمة المالية، إلى حد ما، جاءت هذه الهزة، وكانت هزة طاردة وتأثيرها كبير وتحتاج إلى إصلاح الوضع، وضخ سيولة كي تعود الحركة التجارية وتحتاج إلى تعزيز الثقة في المصارف وفي الاقتصاد البحريني والثقة ودعم رؤية البحرين 2030، وليس شرطا أن تكون الحكومة هي الداعم الوحيد، بل على القطاع الخاص أن يضطلع بدوره في الدعم.

* وهل القطاع الخاص البحريني في وضع يساعده على الدعم؟

- لا.. القطاع الخاص ممسكوك من يده اليوم، لأنه جزء لا يتجزأ من السوق، والبعض يقول إنه من دون أمن لن يتقدم أو يتطور الاقتصاد، وأظن هذا ردا للهروب من الواقع الذي نحن فيه، والواقع يثبت وجود مشكلات ولكن إذا لم تواجه تلك المشكلات، فلن يكن هناك حل. والقضية الأخرى أنه خلال الثلاثة الشهور الأخيرة هناك من يعمل على تسييس الوضع.

* وهل تعتقد أن مشكلة الوضع السياسي في البحرين أمر هين الآن؟

- الأمور أعطيت أكبر من حجمها في البحرين، وأنستنا الجانب الاقتصادي الذي سيعود بالفائدة على الإنسان البحريني الذي هو الأساس، لإدراكنا أن ما حدث ما هو إلا آني، لأننا غدا سنجلس مع بعض، لذلك يجب أن نواجه الأمور قبل أن تكبر، ولا بد من تفعيل الحوار والتجاوب مع دعوة الملك للحوار.

* ولكن من وجهة نظرك إلى أين تتجه الأمور فيما يتعلق بالجانب الاجتماعي؟

- لا يمكن أن نعيش في البحرين إلا كشعب ولكن يجب أن تتغير العقلية التي تعاملنا بها خلال الأحداث، التي استغلها البعض من كل الأطراف استغلوا هذه المواقف لتحقيق مصالح شخصية، وانعكست الخسارة على الصالح العام. وما في أحد لم يخسر في البحرين.

* من المسؤول عن تصحيح هذا المفهوم في البحرين؟

- كل البحرينيين، ولا فرق بين أي بحريني ولو كانت هذه عقلية الجميع لما وصلنا إلى المصيبة التي حلت بنا، والطائفية اليوم تتأجج في البحرين، والعالم الخارجي يراقبنا، وهو ما سينعكس سلبا على اقتصادنا، وفي نفس الوقت نناشد الخليجيون الذين لهم أكثر من تريليون دولار (كاش) في أميركا، وعلى كل البلدان العربية الغنية أن تفكر وتبدأ في التنفيذ اليوم قبل بكرة في جذب هذه الأموال واستثمارها في دول مثل البحرين ومصر واليمن وعمان، لأن هذه الأموال ليست في مأمن كما يعتقد البعض، ولا بد أن تكون نظرتها لنحو 30 سنة قادمة التي قد تتغير فيها الأوضاع، والأولى بنا أن ننام وجيراننا مطمئنون، لأننا حتما سنتأثر بهم وسيتأثرون بنا. كما أن ما يسمى بربيع العرب، كشف عن ترابط العرب وتأثرهم ببعضهم البعض.

* وهل ترى المناخ الاقتصادي والأمني يساعد على الاستثمارات في الدول العربية حاليا؟

- هل تعتقد وجود مناخ أمني للأموال العربية في أميركا على المدى الطويل، كما أنه من المهم الاهتمام بوضع الدول المجاورة، ولنا مثل في الأوروبيين الذين فتحوا الباب على أوروبا الشرقية لأنهم خائفون، وإذا جاع هؤلاء سيجوعون هم، والبحرين من أبسط الدول التي لا تحتاج لدعم كبير ولكنها بحاجة لقرض طويل المدى للمؤسسات المالية دون أرباح كي تنتعش السوق ومن دون استثمار في هذا البلد لن ينتعش الاقتصاد.

* هناك توجه لدى حكومة البحرين لإنشاء وحدات سكنية للمواطنين.. فماذا تم بهذا الجانب؟

- لقد اختيرت إحدى شركاتنا (شركة نسيج) لتنفيذ مشروع يتضمن 4.5 ألف وحدة سكنية بقيمة تفوق 500 مليون دولار، على أن تنفذ خلال 3 سنوات وهو أول عقد من هذا النوع بين الحكومة وقطاع خاص في الخليج ككل، وسيكون نموذجا للبحرين ولدول الخليج، وفي البحرين مطلوب الآن نحو 55 ألف وحدة سكنية وفقا للطلبات المقدمة لدى وزارة الإسكان.

* وما هي عوامل جذب رؤوس الأموال الأجنبية للبحرين الآن كي يتم ضخ سيولة في المصارف البحرينية؟

- إذا لم نحظَ بالثقة من جيراننا، فكيف سيثق الأجنبي، وثانيا إذا لم نستطع جذب الأموال الخليجية، كيف لنا أن نذهب للبعيد، وعلينا جذب رؤوس الأموال الخليجية في البداية، وفي نفس الوقت يجب على كل البحرينيين، سنة وشيعة ويهودا ونصارى، أن يثبتوا للعالم، عدم الاستمرارية في الاعتماد على دول الخليج في العيش، بل الاعتماد على أنفسنا وبناء اقتصاد بحريني قوي على غرار الاقتصاد السنغافوري، قد نحتاج لدعم في البداية، كإبرة أنسولين، لمدة 5 سنوات، ومتأكد أن الإنسان البحريني قادر على أن يكون مثل السنغافوري. والسعودية يجب أن تستثمر في البحرين كي تستقر لأن استقرارها ينعكس إيجابا على استقرار السعودية، ويجب الاستفادة أيضا من قطاع السياحة، التي تمثل بوابة سياحية مهمة جدا في البحرين، والأهم أن الثقة في النفس، وأن نعامل كبحرينيين كعائلة واحدة لأن البلد لا يتسع لأكثر من عائلة.

* لكن ألا ترى أن الأمور عادت لوضعها الطبيعي؟

- وهل أنت تراها كذلك..

* أنا أسألك؟

- لا، لم تعد كما كانت.. وهناك شرخ كبير، وهذا أمن سطحي، ويجب أن نفكر في المستقبل وليس في اليوم، لرأب الصدع.

* أفهم أن نظرتك تشاؤمية لمستقبل البحرين الاقتصادي؟

- لم تكن لي نظرة تشاؤمية في يوم من الأيام، ولو كنت متشائما للزمت الصمت. وبالعكس نظرتي دائما متفائلة، ولكن الموضوع هل سينصلح الحال في هذا يوم أو في 50 سنة قادمة، وأعتقد أن الفرق بينهما أن تتخذ القرار الصعب، وتعمل على تنفيذه.

* على خلفية الأحداث الأخيرة وانفتاح الأسواق الخليجية الأخرى أمام الاستثمارات الأجنبية.. ألا ترى أن البحرين هي المتضرر الأكبر؟

- طبعا البحرين ستتضرر، والاستثمارات الأجنبية قد تفضل الدول الأخرى على البحرين في هذا الوقت، ولكن يجب أن يكون هناك تنافس شريف، وصحيح قد نخسر جزءا من هذه الاستثمارات ولكن هذا التنافس سيرفع الاقتصاد الخليجي، ولكن من باب تكافؤ الفرص وليس القوي يسطو على الضعيف. والحسد موجود والضرب في بعض موجود، ومع ذلك نرحب بالتنافس.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل