المحتوى الرئيسى

نقطة نور

06/15 00:58

المشكلة في النخبة‏!‏

لم يكن خلاق المصريين هو المشكلة أو المرض الذي أعاق تقدم مصر في أي من عصورها, وأظن أن من الافتئات البالغ علي حق الشعب المصري أن يحاول البعض تلمس أسباب الإخفاق الراهن الذي تعانيه الثورة في خلاق المصريين الذين ينتشر بينهم, كما يقول هؤلاء, الكذب والنفاق والرغبة الدفينة في إهدار حقوق الآخر, والاستسلام الطوعي للواقع, وغياب الأهداف الطموح, والرضا بالقليل والإخفاق في العمل الجماعي بروح الفريق, وضعف الانتاجية وتواضع القدرة علي التميز والابتكار.. وبرغم أنني لست من هؤلاء الذين يرفعون الشعب الي مكانة الإله ويعتقدون في قداسته, لأن لجميع الشعوب طبائع وسلوكا يختلط فيها الجيد بالسييء والخير مع الشر, لكن تاريخ المصريين يقول لنا بكل الوضوح إن العلة لم تكن أبدا في أننا مصريون, لأن المصريين كانوا دائما برغم عيوبهم شعبا متحضرا بناء, يبدع متي أحب أو اقتنع, لم يكونوا أبدا أجلافا أو قساة, ولم يكن الشر ريحهم لأنهم يعتقدون أن رسالة الإنسان علي الأرض هي العمران وإقامة العدل وتمجيد الخالق, لم يخرجوا يوما من واديهم إلا للدفاع عن مصائرهم, عندما كان ضعف الدولة المركزية يغري قبائل الشرق والغرب علي أن تغير علي الوادي طمعا في خيراته.

لكن آفة المصريين كانت دائما في فساد نخبتهم الحاكمة وتفرقهم شعيا وجماعات متناثرة عندما يغيب صوت الحكمة, لأن الكهنة والسدنة والكتبة والعرافيين وأصحاب الناموس تنكبوا الطريق الصحيح وخانوا الشعب وتحولوا الي طبالين وزمارين لمن بيده سيف المعز وذهبه.. وأظن أن من الظلم البين أن يشيع البعض الآن أن أول أسباب إخفاق الثورة هو خلاق المصريين الذين يتحتم عليهم أن يمعنوا النظر في مرآة الحقيقة ليروا مثالبهم وعيوبهم, علي حين تقول الوقائع والحقائق إن الاخفاق يعود الي النخبة المصرية بمفهومها الواسع الذي يضم المثقفين وصناع المعرفة والحكمة والضالعين في كل أنشطة السياسة الذين يتفانون في تفتيت المفتت واختلاق أسباب التجزئة, والغرق في ماهات الجدل البيزنطي وافتعال الأزمات والانقسامات, ويعجزون عن بناء موقف مشترك برغم أن ما يجمعهم أكبر كثيرا مما يفرقهم, وبرغم أنه في كل الأزمات يظهر المعدن الأصيل لهذا الشعب يؤكد حقه في غد أفضل.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل