المحتوى الرئيسى

من القاهرة

06/15 00:58

مأزق الليبرالي المصري‏!‏

يواجه الليبرالي المصري الذي كافح بالكلمة والعمل السلمي خلال العقود الماضية مأزقا محكما في تعاملاته مع القوي السياسية الأخري والمشهد السياسي بوجه عام. من ناحية كان طريقه إلي السياسة هو الدفاع عن الحريات العامة, والوقوف إلي جانب كل القوي السياسية التي تحاول أن تجد لها صوتا سلميا داخل النظام القائم, ولكنه عمله الكبير كان من خلال مؤسسات المجتمع المدني خاصة تلك التي ارتبطت بحقوق الإنسان. ولحسن حظي أنني كنت واحدا من المؤسسين لمركز القاهرة لحقوق الإنسان الذي لعب دور الذراع البحثية للدفاع عن الحرية من ناحية والبيت الذي خرجت منه الكثير من المؤسسات الأخري.

الليبراليون المنتشرون بين مؤسسات عدة يواجهون الآن أحزابا ليبرالية متفرقة ومشتتة, ولا يوجد لها أرضية صلبة لها علاقة بالقيم التي يدافعون عنها والمشتقة من عصور التنوير والتقدم, وبين قوي سياسية لها جذورها السياسية أو قوتها المعنوية والمادية وهي الأقرب, كما ثبت, إلي صندوق الانتخابات أكثر من شعارات الحرية في ميدان التحرير.

الحل لدي الليبرالي هو أن يضع الحدود والقواعد الحامية للحريات والقاضية بالمساواة أولا من خلال دستور جديد يسبق الانتخابات العامة. ولكن صندوق الانتخابات هو الذي حسم القضية من قبل, وسوف يحسمها في المستقبل. ولا يوجد ما يؤكد أن إنجاز الدستور الآن سوف يعطي لليبراليين ما يتوقون إليه من حريات أساسية لا غني عنها في بلد ديمقراطي حقيقي. علي العكس فإن التعجل في وضع الدستور ربما يؤدي في أحسن الأحوال إلي الفرقة القومية, وفي أسوئها إلي الفتنة. وإذا كان الليبراليون يرون ضرورة تأجيل الانتخابات حتي يوضع الدستور وتستعد الأحزاب الليبرالية, فإنهم يحتاجون أكثر لوقت حتي يكون للمبادئ الليبرالية مكان في الدستور المقبل.

المسائل السياسية الكبري في حياة دول العالم لا تحل إلا من خلال عمل سياسي يدفع الجماهير للتعبير; ولكن الأهم هو الذهاب إلي صناديق الانتخابات وفق الرؤي التي يعتقدون فيها. فنوبات الحماس في الميادين يمكنها أن تطيح بنظام سئمت منه; ولكنها لا تقيم نظاما يكفل الحرية والعدالة والمساواة والكرامة للجميع دون أن يترجم ذلك إلي مؤسسات وسياسات لا يهتف بسموها, وإنما يصوت من أجلها في صندوق بات هو وحده, وليس نداءات البيانات, هو مجال الاختيار.

[email protected]
 

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل