من يخبرني ؟ بقلم ورد محمد

من يخبرني ؟

من يخبرني عندما يصبح الوطن سلعةً تباع وتُشرى في أسواق النخاسة , مَنْ يكون الرابح الأكبر هل من يبيع أم من يشتري طالما أننا نعلم جيداً من هو الخاسر المسكين دائماً في تلك الصفقات الخسيسة ؟!

وعندما يوضع وطنٌ على مذبح الموت وتقترب ساعة النهاية , لماذا يستلُّ من كانوا لأعوام يحملون بنادقهم ليدافعوا عنه خناجرهم المسمومة ويبدؤون في طعن بعضهم البعض أمام عينيه الدامعتين ؟!

مَن يخبرني لماذا تم خلط الأوراق المحروقة والمزيفة بأوراق الحقيقة ووضعها في رفوف الانتظار , والإعلان بشكلٍ يومي أنّ الوطن أصبح قريباً منا هو وجميع حقوقنا المسلوبة , وأنّ المسألة هي مسألة ساعات أو أيام أو أشهر أو سنوات مع أنّ الوقت مضى إلى أن أصبحت عشرات السنين ولازال عداد الزمن يحسب مدة انتظارنا اللانهائي ؟!

وهل هناك من يستطيع الوقوف الآن أمام محراب الوطن والاعتراف أنه لم يُخطيء في حقه , ولم يتهاون في الدفاع عنه , وأنّ تحريره هو هدفه الأسمى لأنّ كرامته في حرية وطنه , وأن يقول بكل صدق لماذا توقفنا عن الفداء والدفاع والمقاومة طالما أننا نحيا بلا وطن أو هوية أو وجود , وأننا لازلنا مطاردين , مقهورين , معذبين , وبائسين ؟!

وهل هناك شجاع يقف وقفة بطولة ويخبر ذلك الوطن الأسير بكل مافيه لماذا أصبحنا هكذا نُدير معارك فيما بيننا خاسرة , ومثيرة للشفقة والسخرية والاستغراب ؟!

ولماذا بدأ الكثيرين بالتخلي عن ضمائرهم ومبادئهم وأفكارهم وذاكرتهم وإنسانيتهم من أجل أوهامٍ برّاقة زائلة لامحالة , لأنها كجزيرة صغيرة جميلة يحلم بها الجميع ولكنهم ينسون أنها وسط بحر من الحقد والانتقام سرعان ما يغطيها في ليلةٍ سوداء عاصفة فيسقط كل من على تلك الجزيرة في أعماقة ليلاقوا مصيرهم المحتوم ؟!!!!!!