المحتوى الرئيسى

سلمى وأخواتها

06/14 10:14

فراج إسماعيل

لست مطمئنا إلى سيل الأخبار التي تتحدث في الأيام الأخيرة عن تجاوزات جديدة للشرطة. وأشعر بأن هناك من يحارب أي محاولة لإعادة هيبة الدولة ووقف فوضى الاعتصامات والمظاهرات وقطع الطرق التي هددت إحداها بإغلاق المجال الجوي.

قبل سقوط مبارك. كنت من أكثر الناقمين على الشرطة وأساليبها القهرية. وداعياً لإنهاء الدولة البوليسية التي تتخطف الناس من الشوارع والبيوت الى السجون والمعتقلات.

لكن نجاح الثورة لا يعني دفن هيبة الأمن. فهي تعبير رمزي عن سيادة الدولة وسلطة القانون.

بلا شرطة قوية وقادرة على الضبط والربط. قد تتحول مصر الى صومال اخرى. "كانتونات" يحكمها ويسيطر عليها من يشهر السيف وقرن الغزال والأسلحة النارية التي زاد إنتاجها أو تهريبها الى مصر.

في الأيام الاخيرة ظهرت رغبة الأغلبية الصامتة في الانتقال الفوري الى الانتاج والعمل وضبط إيقاع الحياة ووقف ثورات الغضب التي لا تهدأ. ولن يتحقق ذلك بدون شرطة قادرة وقوية وعادلة.

يبدو أن هناك من يرى ان الغضب المستمر هو الحرية. وأن الثورة قامت من أجل استمرار ميدان التحرير معقلاً للمعتصمين والثوار وبديلاً عن المؤسسات الدستورية كالبرلمان مثلاً. ثم أضافوا اليه "ماسبيرو" والسكك الحديدية بعد أن توصل صعايدة "قنا" لهذا الاختراع الذي وقفت أمامه الدولة صامتة بلا ردة فعل أياماً طويلة للأسف الشديد!

في العياط قطع محتجون شريط السكة الحديد. وفي اسيوط تقاتلت عائلتان فقطعتا الشريط أيضاً ومعه طريق السيارات الزراعي.

وعندما قتل سائق ميكروباص في حملة ضبط وربط قام بها مركز شرطة الأزبكية. هدد أحد أبناء عمومته في اتصال مع قناة فضائية بأن قريته ستقوم بقطع الطريق الزراعي بين القاهرة والاسكندرية!

كيف يواجه "الأمن" الانفلات والبلطجة فيما تتواصل ضده الهجمات الاعلامية بلا رحمة وتتهمه دائما بالالتفاف على الثورة؟!

من السهل اليوم لأي مدوّن ان ينشر على "فيسبوك" انه تم اختطافه أو تعذيبه بواسطة ضابط مباحث أو مخبر أو ضابط "أمن وطني" كما فعلت سلمى الصاوي ذات الثمانية عشر عاماً. فتفرد الأعمدة وبرامج "التوك شو" مبشرة برجوع جهاز أمن الدولة برعبه وزنازينه السرية تحت الأرض!

أي ضابط أو أمين شرطة يطالع هذه الحملات لن يغادر مكتبه أو يكلف نفسه نجدة مستغيث. ولا يمكن المغامرة بوضع روحه على كفه كما فعل الملازم أول الذي انقذ فتاة من مجموعة من المتحرشين جنسياً في ميدان التحرير.

رواية سلمى الصاوي هبطت في وقت وعدت فيه وزارة الداخلية بقرب القضاء على الانفلات الامني وضبط الشارع وفرض القانون بحزم على الجميع.

ليس هناك ما يدفعني الى التشكيك في روايتها. فسنها الصغيرة وتعبيرات وجهها البريء في حوارها مع الاستاذ يسري فودة في قناة "أون تي في" يحتم الاستماع اليها باهتمام والتحقيق في أقوالها. وهذا ما فعله رئيس الوزراء عصام شرف ووزير الداخلية منصور العيسوي.

بل لم يشكك المتحدث باسم الحكومة أحمد السمان أو المتحدث باسم وزارة الداخلية في الرواية التي نفتها وزارة الداخلية رسمياً قبل لقاء شرف بها لكن لا يجب ان تستغل رواية "سلمى" أو أخواتها من الروايات الاخرى. في العودة بنا الى المربع الاول عندما أخلت الشرطة مواقعها الى بيوتها.

لا يعني هذا تهويناً من تلك التجاوزات. انما أتحفظ على التغطية الاعلامية المبالغ فيها التي وصل بعضها الى الدعوة لثورات مليونية جديدة بدعوى ان جهاز امن الدولة مازال حياً يرزق.

كل شرطي متجاوز لابد ان يحاسب بشدة وينال جزاءه الذي يستحقه. وهو الوضع المتعارف عليه في كل دول العالم. أما ان نصيب بالشلل جهازا حيويا ومهما. ونفرض عليه التراجع تحت طائلة الاتهامات التي زادت حدتها مؤخرا. فهذا اخطر انواع الثورة المضادة.

* نقلاً عن "الجمهورية" المصرية

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل