المحتوى الرئيسى

الثورة وتساقط الأقنعة

06/13 18:20

بقلم: د. محمد القاضي

ستظل الثورة المصرية حدثًا فارقًا وملهمًا في التاريخ المصري الحديث، ومن أهم فوائد الثورة أنها غربلت المجتمع المصري غربلةً دقيقةً ميزت بين الطيب والخبيث، والمصلح والمفسد، والأمين والخائن، والنافع والضار، والصادق والكاذب، والمحب لبلده والكاره لها.

 

وبذلك اختزلت الثورة المصرية المباركة زمنًا كبيرًا كان سينفق للكشف عن هذه الحقائق..
ولا شك أن من أسعد الناس بهذه الثورة هم أولئك الذين صدقوا مع أنفسهم ومع الشعب قبلها وبعدها.

 

أما أصحاب الوجوه الكالحة المتلونة فلا وجه لهم الآن أمام الرأي العام، والأولى بهم أن يتواروا من الناس خجلاً من سوء ما فعلوه، أو يخرجوا على الشعب معلنين اعتذارهم، وندمهم عما اقترفوه.

 

ولكننا نرى عجبًا من هؤلاء فهم فلم يعتزلوا الظهور على الرأي العام، ويرحمونا من وجوههم الكالحة، ولم يندموا على ما فعلوه، بل خرجوا علينا وكأنهم لم يفعلوا شيئًا يخجلون منه في يوم من الأيام، البعض يفسر ذلك بأن هؤلاء ربما يعتمدون على مُسَلّمة سابقة أشاعها النظام السابق وهي أن المصريين ينسون بسرعة. والبعض الآخر يقول: إن جلودهم سميكة وأصبحت لا تتأثر بشيء.. وآخرون يقولون: إن هؤلاء لا يصدقون ما حدث حتى هذه اللحظة، ولن يتخلوا عن أماكنهم بسهولة، وما زالوا يعيشون على أمل أن تعود الأمور إلى ما كانت عليه، ويبدو أنهم في سكرتهم يعمهون..

 

والمضحك في الأمر أن بعض هؤلاء المخادعين يقول: إن ما صدر عنه من سب في الثورة وشبابها، ومدح في النظام السابق كان من باب الاستهزاء، والسخرية من أفعال النظام، ولكن الشعب لم يفهم مرادهم.. يا سلام على الإبداع اللغوي الذي جاء به هؤلاء في فنون القول والكلام.

 

إن هذه النوعية الكالحة المخادعة منتشرة ومتغلغلة في كل مكان: في الإعلام، وفي السياسة، وفي الدين، وفي الرياضة، وفي الفن..

 

أيًّا ما كان الأمر، والمبرر فإنه لا يجب على المجتمع أن يقبل منهم أبدًا ادعاء البطولة، أو القول بأنهم كانوا من السابقين الأولين في ميدان التحرير، وينشرون صورًا لهم على "الفيس بوك" أو صفحات الإنترنت وهم بين الشباب في ميدان التحرير.. وما أسهل تلفيق هذه الصور، أو صناعتها وهم من زوروا من قبل صورة للرئيس مبارك في غرفة القيادة المركزية في حرب أكتوبر، وزوروا له صورة أخرى وهو يسبق أوباما وبعض قادة العالم وهم يلهثون وراءه يريدون اللحاق به، وزوروا صورة ثالثة له عندما ترشح للانتخابات الرئاسية الأخيرة، وكأنه شاب في الثلاثين من عمره تحت زعم (النيولوك الجديد) يخفون تجاعيد الوجه وأثر السنين ومعالم الشيخوخة، هذا بالإضافة إلى التزوير في كل شيء، إن هؤلاء وأذنابهم في كل مجال قد احترفوا التزوير والغش والخداع.

 

وعلينا أن نحذر هؤلاء فلم يعد الشعب المصري ينسى من أساء إليه، واتهمه في شرفه وعرضه ونبل مقاصده. ولم يعد الشعب المصري من ينخدع بالضحكات الصفراء والكلام المزوق. فلقد سقطت الأقنعة، نعم سقطت الأقنعة، وظهر كل وجه على حقيقته.

 

فليخجل الإعلاميون الكاذبون الذين كانوا يهللون للنظام السابق ويدافعون عنه ويضللون الشعب في الوقت الذي كان فيه شباب مصر الطاهر يقتل، ويضرب، ويهان على أيدي زبانية النظام.

 

وليخجل الرياضيون الذين امتلأت جيوبهم من عطايا النظام السابق بحق وبغير حق.

 

وليخسأ الفنانون الذين أشبعونا غناءً وأفلامًا تمدح ليل نهار في النظام السابق وأعماله وتزويراته وإفساداته ويسمونها إنجازات.

 

وليخسأ صنف من الدعاة ملئوا الساحة في الفترة الأخيرة وشغلوا الناس، وهم في حقيقة الأمر كانوا دعاة للنظام السابق، ولم يكونوا يومًا دعاة إلى الله.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل