المحتوى الرئيسى

شريف الغرينى : الشعب يريد إعادة التأهيل

06/13 15:30

الدين الإسلامي لم يبدأ تأثيره العملي  إلا بعد الهجرة من مكة إلى بالمدينة والثورة المصرية لن تستطيع أن تحقق ما تصبوا إليه إلا بهجرة مماثلة ، والهجرة إما أن تكون هجرة فى المكان أو هجرة فى الزمن  أو أن تكون هجرة افتراضية لا تحدث إلا فى  الخيال  . تلك كانت مقدمة قصدتها لأبيع لكم فكرتي  ولكن قبل ذلك دعونا نضع تعريفا لمعنى كلمة الثائر : هكذا وببساطة أرى أن الثائر هو ليس  الإنسان  الذي قرر أن يعيش محبا للوطن فقط ولكنه  الإنسان الذي قرر أن يعبر عن حبه بشكل إيجابي بأن يكون مساهما فعالا  بكل أنواع المساهمة  فى رفعة وتقدم وطنه  ..

أعود للدين والثورة وأتذكر كيف أن مكة لم تغب عن عيون نبيها بعد الهجرة  ولكنه علم أنه عائدا لها إن أجلاً أم عاجلا  ليمنحها كل ما منحه للمدينة من حضارة  وهذا ما قد حصل بالفعل ، بل امتد الأمر فيما بعد إلى كل المدن فى شبه جزيرة العرب ثم منها إلى كل مدن العالم .

هكذا أريد  وأتمنى أن اصنع لثوار مصر الحقيقيين  مدينة أو محافظة شبه مستقلة  تكون قاعدة لهم و للمستقبل، تعزلهم مؤقتا عن أعداء الثورة من الملوثين والرجعيين المعوقين  ولاحقا  يغزون بها وبرقيها وحضارتها كل المدن والمحافظات الأخرى تمهيدا ليكون الوطن كله مدينة  نموذجية كبرى تصلح لأن تحصد جائزة أفضل نموذج حضاري عالمي .. وهذا ليس ببعيد .

الأغراض  متعددة لإنشاء مدن كتلك ولكن الغرض  الأهم عندي هو إنشاء قاعدة ومنطلق  للتحضر والعلم والإيجابية  والسلوك الثوري الملتزم برفعة وسمو الوطن ، مدينة كتلك ستتيح طريق ممهدا أمام هذه الأرواح الثائرة للتحرك  قدما لصناعة النموذج والحلم ، و كما أوردنا إن  الأمر لن  يقف عند ها  بل سيتخطاها بعد النجاح والتجريب إلى كل  ربوع الوطن وربما الوطن الأكبر والتي ستكون مدينة كتلك  نواة له فى الحضارة وأيضا جامعة جديدة للعلوم الإنسانية بمفهومها العملي لا الأكاديمي .

و هذه المدينة إن كانت ستبنى على العلم والحضارة إلا أنها أيضا ستخطط  جيدا للمستقبل “على الأقل لمائة عام قادمة” لذلك ستحتاج لسكناها ما هو أهم بكثير من المال حيث سيتم مبدئيا التركيز على أدوات اختيار المؤسسين ل تلك المدينة ثم  اختيار الأجدر لنيل حق سكناها من خلال اختبار  كل من يريد ذلك اختبارات تتيح معرفة وتحديد المستوى الحضاري له ..  اعلم أن هذه الفكرة ربما ستستقبل  لدى  البعض على أنها بها  عنصرية ولكنها ليست كذلك فى المنظور التخطيطي ، فالمستوى الحضاري سيحدد باختبارات ذكية للقبول وإلا فلك الحق فى المثول أمام لجان وهيئات داخل المدينة لإعدادك وتهيئتك حضاريا من خلال دروس ومحاضرات وتدريبات  ثم إعادة الامتحان وعلى ضوء النتائج تأتى القرارات وبذلك أمامك دائما فرصة للحاق و يمكنك دائما أن تحصل على حق العيش والعمل داخل هذه البقعة -التي نتمنى أن تتسع لتشمل الثوب المصري كله – شرط أن تشقى لتؤهل نفسك لذلك .، مدينة كتلك سيكون من أهم أهدافها دائماً بناء نماذج حضارية مماثلة  وامتدادات لها فى كل أرجاء الوطن .  ومع ذلك قد يتعجب البعض من هذا المطلب على اعتبار أنه ربما يكون مكلفا أو ربما ليست له تلك الأولوية  الآنية التي  تجعله يفرض نفسه فى ظرف تاريخي حرج كالذي نمر به  أو أن تكون  فكرة كهذه أصلا محل حديث  ، وأقول بكل وضوح وصراحة وواقعية  تحمل البشر والوعيد فى آن واحد أن أي تنمية وأي مشروع تسكيني لن ينفع  بمفرده وأن أي مسئول أو رئيس قادم لا يضع فى المقدمة قضية التنمية البشرية والحضارية وبناء الإنسان المصري  لأن ذلك لا يمكن أن يؤدى إلا إلى مزيد من ضياع الوقت أمام شعب انتظر بما فيه الكفاية  ..الشعب يريد إعادة التأهيل ، وهذا قد يأتي ببطيء و تدريجيا بالنظم التقليدية وقد يأتي سريعا أذا ما تم زرع وترسيخ الاعتقاد لدى القيادات التنفيذية والتشريعية  بان الأمم لا تبنى إلا على حضارة ساكنيها ولا تعكس فى كل شئونها إلا نصيبهم الحقيقي  من تلك الحضارة  ، فالمدينة والشارع  والسكن والطريقة التي يعيش بها الإنسان  هي أولى لبنات صنع حضارته ، و كما أنه لا  مفر من حقيقة أن  مهمة بناء إنسان واحد متحضر  ربما تكون أصعب من مهمة بناء ناطحة سحاب ،  فإنسان واحد غير متحضر له من الخطورة الشديدة ما يجعله قادرا على تدمير الكرة الأرضية بالضغط على زر واحد.

مواضيع ذات صلة

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل