الشافعي :ماسبيرو باع تراث السينما
وأترك القارئ مع نص الحوار مع منيب الشافعي رئيس غرفة صناعة السينما:
< ماذا حدث في السينما؟ هل دمرت؟
- لم يحدث تدمير كامل، ولكن انسحاب الدولة من الاشراف علي السينما ادي الي حالة من الفوضي السينمائية، وفتح الفرصة لسياسة الاحتكار المدمرة، وتقصير الدولة الشديدة تجاه السينما قضي علي صغار المنتجين وترك الساحة لشركات الانتاج الكبيرة التي تمتلك الاموال الطائلة.
< أين دور غرفة صناعة السينما؟
- الغرفة ليس من سلطاتها وضع القوانين، وانما تسهيل العملية الانتاجية، فهي حلقة الوصل بين الدولة والمنتجين.
< لكننا لم نسمع عن انجازات الغرفة في مجال السينما؟
- لا أنكر تجاهل النظام السابق للسينما، مما ادي الي صعوبة مهام الغرفة، ولكن هذا لا ينفي اننا قدنا حروباً ومعارك عدة مع الجهات المختلفة ومن الجهود التي قمنا بها، الإلحاح علي تخفيض الضريبة علي تذكرة السينما من 48٪ الي 20٪ حتي وصلت الي 5٪ فقط، وبعد عدة شكاوي من فرض الجمارك العالية علي أدوات السينما استطاعت غرفة صناعة السينما الحصول علي قرار بعدم فرض جنيه واحد علي تسعة عشر بنداً من ادوات السينما.
التراث السينمائي
< من وراء بيع تراث مصر السينمائي؟
- لم نبع تراثنا.. ولن نبيعه.. ولكن اذا كنت تبحث عن الحقيقة ولا تسعي لمجرد "الخبطات الصحفية" فعليك ان تعلم أن التليفزيون المصري كان وراء ما تم بيعه من تراث السينما المصرية، وان غرفة صناعة السينما لم تستطع فعل شيء من أجل ايقاف عمليات البيع.
< كيف..؟
- التراث السينمائي المصري عبارة عن افلام مملوكة للدولة، وهذه لم يتم بيع فيلم واحد منها، وانما تم منح حق الانتفاع بها وعرضها بحد اقصي خمس سنوات، وهذا امر وارد وايجابي، خاصة ان من يحصلون علي هذ الحق لديهم من الاجهزة والمعدات التي تعالج المشاكل التي وجدت في الافلام، نظراً لمرور فترات طويلة عليها دون اي تدخل، اما النوع الثاني فهو ملك للقطاع الخاص، وهذا ما تم بيعه لأنه ملك لأفراد ولا جهة تستطيع منع احد من بيع شيء يملكه، وحاولت غرفة صناعة السينما كثيراً اقناع التليفزيون المصري بأن يشتري هذه الافلام من اصحابها، وأعدت الغرفة قائمة بهذه الأفلام وذهبنا بها الي رئيس اتحاد الاذاعة والتليفزيون الأسبق عبد الرحمن حافظ، وسلمنا خطابا مضمونه اننا نقدر الظروف المالية للتليفزيون، لذلك نحن علي استعداد لأن نقدم تلك الافلام للتليفزيون علي أن يحصل اصحابها علي حقوقهم علي فترات طويلة وبالتقسيط.
< وماذا كانت النتيجة؟
- علمنا انه تم إلقاء كل ما قدمناه له في "الزبالة" بعد خروجنا، بناء علي أوامر صفوت الشريف.
< وما السر في ذلك من وجهة نظرك؟
- قالوا مفيش فلوس.
< وهل تعتقد أن هذا صحيح؟
- إذا كنت قد صدقت ذلك من قبل لن أصدقه اليوم بعد كل ما سمعناه عن المليارات التي سرقت ونهبت.
< إذن أين تري الحقيقة؟
- كان هناك تلاعب ونفوس ضعيفة لا تعمل سوي لمصلحتها الشخصية وتوجه الأموال في اتجاهات اخري.
< ألم يكن هناك أي حل آخر لتجنب بيع هذه الأفلام؟
- اذا كان التليفزيون المصري التابع للدولة رفض الحصول علي هذه الأفلام من اصحابها بمبالغ رمزية فمن يستطيع منع المنتجين من بيعها ومع ذلك حاولنا، ولكن في النهاية هذه سلعة مملوكة لأصحابها ولا يوجد أي قانون يمنع الأشخاص من التصرف في ممتلكاتهم.
< ولماذا لم تحاول الغرفة الإلحاح علي التليفزيون؟
- لقد حاولنا بكل الطرق، وكانت النتيجة واحدة، وكان لهؤلاء الفاسدين طريقة اخري حيث كانوا أحيانا يرفضون ثم يرسلون وراءك أحد الموظفين عند "الاسانسير" ليخبرك بأن لديه شركات تريد الشراء، وبعد ان يبيع المنتج لهذه الشركة بأسبوعين، نعلم أن هذه الشركة قامت ببيعه للتليفزيون المصري بثلاثة أضعاف العرض الذي قدمناه.
< اذا كانت الافلام - كما قلت - تباع بأسعار رمزية.. فلماذا يفرط اصحابها فيها من الأصل؟
- الهدف الأول من البيع أن تري الافلام النور، بدلاً من تركها في المخازن.
< إذن.. لماذا لم تهد إلي التليفزيون المصري؟
- لأنه لم يكن يعرضها ايضا، وكان يتركها في مخازنه الرديئة، مما يهلكها، بالاضافة الي أنه كانت هناك عدة أفلام ليست قليلة ممنوعة من العرض في التليفزيون المصري.
< ولماذا لم تحاولوا مرة اخري في عهد أنس الفقي؟
- أنس الفقي واسامة الشيخ قضيا علي ما تبقي في التليفزيون المصري تماما، فكيف نتحدث معهم عن موضوع السينما.
< هل أدار النظام السابق ظهره للسينما؟
- بالتأكيد، فالسينما لم تكن من اولويات هذا النظام اطلاقا والعالم كله يهتم بالسنيما، ويسهل عملية انتاجها الا مصر.
< ما ابرز التعقيدات التي كان يفرضها هذا النظام علي السينما؟
- هل تصدق انك لكي تقوم بالتصوير في اي من الاماكن العامة المملوكة للدولة تحتاج الي ميزانية منفردة، فعلي سبيل المثال اذا اردت أن تصور امام باب المطار من الخارج تدفع عشرة آلاف جنيه في الساعة، واما لو اردت التصوير داخل صالة المطار فتدفع عشرين ألف جنيه في الساعة، مما يجعل العملية الانتاجية صعبة جداً، فيضطر المنتج الي الاستسهال والتوفير، ولتصوير مشهد واحد تحتاج الي ساعتين علي الاقل في الاستعداد فقط.
مخاطبات دون جدوي
< ولماذا لم تخاطب غرفة صناعة السينما الجهات المختصة لحل هذه الأزمة؟
- لقد خاطبنا كل الجهات والوزارات دون جدوي، رغم أننا أعلنا في خطاباتنا ان السينما دعاية لمصر، ويجب ان تحصل علي دعم، ولكن "لا حياة لمن تنادي"، حتي اننا طلبنا تقديم بعض التسهيلات للأجانب الذين يرغبون في تصوير افلامهم في مصر، وكانت النتائج مخذلة.
< كيف؟
- طلب مني أحد المنتجين الايطاليين تصوير فيلمه في مصر، وطلب تقديم بعض التسهيلات مثل عدم دفع رسوم علي المعدات والأماكن العامة وتقديم بعض الدعم لإقامة نجوم الفيلم واتصلت بوزراء الداخلية والثقافة والسياحة، وقابلتهم به حتي حصلنا علي وعود بتقديم كافة المساعدات.
< وماذا كانت النتيجة؟
- تم القبض علي المندوب الايطالي في المطار بتهمة حيازة دولارات مزورة كانت تستخدم في الفيلم ولم تقدم لهم اي تسهيلات من اي نوع حتي ان الموفد الايطالي اقام حفلاً كبيرا في "مينا هاوس" ودعا له هؤلاء الوزراء، ولم يحضر أحد رغم تواجدهم في حفل في نفس المكان دعا له رئيس الوزراء الاسبق عاطف عبيد.
< وكيف تقيم هذه التصرفات؟
- هذا شيء غاية في التخلف ويعبر عن تصرفات اشخاص يريدون تدمير السينما لغرض في أنفسهم فكل الدول تنبهت إلي اهمية السينما الا نحن، فالمغرب فتحت ابوابها لتصوير الافلام الاجنبية علي اراضيها وقدمت التسهيلات واتاحت فرصة التصوير المجاني ووصلت التسهيلات الي تقديم آلاف الجنود والمعدات للمساهمة في عمليات التصوير، بل بنوا مجسمات للاهرام وأبو الهول، وكذلك فعلت الاردن التي كونت لجنة لهذا الشأن ترأسها شقيقة الملك شخصياً، وفكرنا في أن ندعو جمال مبارك للاشراف علي هذه المسألة ولكن الحمد لله لم يحدث.
Comments