المحتوى الرئيسى

عند أقدام الأمهات

06/13 08:13

امتحانات الثانوية العامة، وتكدّس الأمهات بالخارج، يبتهلن إلى الله، خائفات ضارعات! داعيات خاشعات، دامعات باكيات، ربما شاهدت هذا المشهد عشرات المرات. شاهدته وأنتَ تسير فى الطريق مصادفة! أو شاهدته فى صورة فى الجريدة، أو شاهدته حين كنتَ واحداً من آلاف الطلبة الذين تنتظرهم الأمهات.

ولكن هل تعمقتَ فى دلالته! هل فطنتَ إلى معناه! فكرة أن يحبك إنسان آخر أكثر مما يحب نفسه! هل تلاحظ روعة الفكرة؟ يتعب كى تستريح! ويسهر حين تنام! ويتمنى أن يضحى بوجوده كى يطول وجودك. وحقيقة الخسارة الفظيعة حين تفقد مخلوقا بهذه الصفات! ثم يكون عليك أن تتسول الحنان بقية عمرك! آه لو شاهدت دموعى وهى تنهمر وأنا أكتب هذا المقال. قبل أن أكتب كلمة واحدة كاد قلبى ينفطر من فرط البكاء. ربما تظن أننى تذكرت أمى ففاضت رحمتى! كلا والله. بل تذكرت ربى فانهمرت دموعى. من الذى فطر الأمهات على كل هذا الحب؟ من حبّب إليهن العطاء؟

الله.

من الذى جعل الشمس تمنح دفئها بلا مقابل؟ من أباح عطر الزهور بلا ثمن؟ من ألهم العصفور أن يغرد دون أجر؟ ولماذا تمطرنا السحب مرة بعد مرة؟ ومن الذى جعل عيون البقر تتسع وهى تمضغ العشب، فتمنحنا الحليب الصافى؟

الله.

من أى سبيكة نادرة خلقتَ يا ربى قلوب الأمهات؟ من نور؟ من حرير؟ من عنبر وطيب؟ من لؤلؤ وجواهر؟ من شعاع القمر؟ من شمس احترقت فى عشق الله؟ من الذرة الأولى التى تجليت عليها عند خلق العالم؟ من جلال جبريل عليه السلام؟ من دهشة الملائكة وأنت تخبرها بخلق آدم؟ من معراج الأنبياء إلى رب السماء؟ من دموع العاشقين؟ من دعاء العابدين؟ من سجود الساجدين؟ من جعل الأمومة تجمع كل ذلك فى وعاء واحد؟

الله.

الأمومة سر من أسرار الوجود العظمى، وتجلّى الخالق المعبود. الله جلّ جلاله تجلى فى قلوب الأمهات باسمه «الرحيم». حتى الرسول الكريم، صلى الله عليه وسلم، تعجّب من حنان الأمهات!.الأمومة هى الرقة، العذوبة، الحساسية، الشفافية، السماوية، النورانية، التطلع لأعلى، التبتل، العناية، الإخلاص، التضحية، الفداء.

الحمد لله الذى أنعم علينا بنعمة الأمهات. الحمد لله الذى رقّق قلوبهن علينا فجعلها أطيب من الطيب وأرق من الحرير. أعظم مكسب فى حياتنا هو الأمهات. وأعظم خسارة فى حياتنا هو فقد الأمهات. تخيّل مصيبة أن تفقد مخلوقا يحبك كل هذا الحب ويدعو لك كل هذا الدعاء!

 من المؤسف أننا لا نفطن إلى قيمة أمهاتنا فى الوقت المناسب. ونفضل ساعة مع أصدقائنا على جلسة حميمة مع أمهاتنا. يحتاج الإحساس بروعة الأمومة إلى فطرة نقية أو فهم عميق. لذلك نتعلق بهن فى براءة الطفولة، حينما يكون العالم أنت وأمك. أو حين نكبر وتنتشر خصلات الشعر الأبيض، ومع كل شعرة بيضاء حزن وهزيمة ومعرفة. وقتها نفهم مغزى قول الرسول الأكرم: «الجنة تحت أقدام الأمهات».

[email protected]

 

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل