المحتوى الرئيسى

لنـــحدد خــــياراتـنا قــبل فــوات الأوان بقلم:حسين شبات

06/12 22:19

لا يمكن لقيادة شعبنا المجربة والمراكمة لخبرات نضالية هائلة ومحطات عديدة ، أن تتردد في اختيار التكتيك المناسب في مواجهة السياسات الإسرائيلية التي تستهدف شعبنا وقضيته، ولا يمكننا تفهم التصريحات المتناقضة لأركان القيادة الفلسطينية خاصة تلك المتعلقة بالقضايا المفصلية من حياة شعبنا، والتي تشكل عصب الفعل الفلسطيني في المعركة الطاحنة مع حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة , صحيح أن هناك ضغوط خارجية تمارس على القيادة الفلسطينية، وبخاصة تلك التي لا تنسجم وإستراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الأطراف الأوروبية في المنطقة، لكن ذلك لا يبرر بعض المواقف الفلسطينية المترددة التي تربك الخطاب السياسي العام، والتي يمكن أن تعطل حالة استقطاب الموقف الدولي المساند لحقوق شعبنا العادلة .

صحيح أن الأموال التي تقدم كمساعدات لشعبنا لها استحقاق سياسي، وان مصالح الناس ارتبطت بها، لدرجة أن الكثيرين يعتقدوا بان تامين مصالحهم اليومية بات أهم من القضايا الوطنية، لكن الهم الوطني الأكبر يبقى الأساس، فلا مستقبل لشعبنا على المستويين السياسي والاقتصادي بدون تحقيق مشروعه الوطني، ولا يمكن أن تذوب المعاناة الوطنية العامة في المصالح اليومية للمواطنين، أدرك بان هناك ترابطا بين ما هو وطني واجتماعي، وكل منهما يؤثر بالأخر، لكن الأساس يبقى متجسدا في النضال الوطني باعتبار أن المعركة الأساسية لشعبنا ستبقى ضد الاحتلال الإسرائيلي وممارساته الإجرامية بحق شعبنا، هذا يتطلب أيضا الاهتمام أكثر بمصالح الناس وقضاياهم ، فمعالجة آلاف القضايا التي تهم المواطنين وفي مقدمتهم مشاكل الفئات المسحوقة والمهمشة، يعني تعزيز صمود الناس وتصليب انتمائهم الوطني، واهم ما يعنيه رفع وتيرة الاستعداد الشخصي والجماعي لأبناء شعبنا للانخراط في معركة النضال، والتصدي للممارسات الإسرائيلية التي تستهدف الإنسان والأرض وكل رمز فلسطيني .

إن تصليب إرادة الجماهير ورفع مستوى استعدادها الكفاحي وانخراطها الواسع بالمقاومة الشعبية ضد الاحتلال الإسرائيلي، يعطي القوة للقيادة الفلسطينية يعزز من مواقفها، ويجنبها حالة التردد في مواجهة كل الضغوطات التي تمارس عليها من كل الأطراف ، وبخاصة فيما يتعلق بالتوجه إلى الأمم المتحدة في أيلول سبتمبر القادم، من اجل الاعتراف بحدود الدولة الفلسطينية على كامل الأراضي التي احتلت عام 1967م ، ولا يجوز لأي كان أن يستخدم هذا التوجه الاستراتيجي للقيادة الوطنية الفلسطينية كتكتيك، الأساس أن تجند كافة التحركات لدعم هذا التوجه، وتهيئة كل الظروف المناسبة من اجل انجاز ذلك .

إن الحديث عن اختلافات حول هذا التوجه داخل القيادة الفلسطينية هو أمر جائز ويمكن أن يكون مفيد فيما لو بقى في نطاق البحث عن ما هو أفضل لشعبنا وقضيته الوطنية، لكنه ضار جدا إذا ما تحولت الخلافات إلى صراعات ومحاور قد تكون لها أبعاد أخرى . إن أي نقاش أو خلاف يجب أن يبقى داخل الهيئات والأطر الفلسطينية، وبخاصة داخل اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها القيادة السياسية العليا لشعبنا، ويجب أن يحسم ذلك بالطرق الديمقراطية مع ضرورة أن تكون منحازة إلى جانب قضايا شعبنا العادلة ، لا أن يتحول كحالة إعلامية تستفيد منها إسرائيل وكافة الأطراف المعادية لحقوق شعبنا .

إلى جانب ذلك كله، تبقى القضية الهامة والحاسمة هي وحدة الموقف الفلسطيني وتصليب جبهته الداخلية، وتعزيز الإرادة الشعبية المقاومة للاحتلال الإسرائيلي وسياسته التصفوية، والذي يمثل التطبيق العملي لاتفاق المصالحة الذي جرى توقيعه في القاهرة مدخلا لها، هذا الاتفاق الذي لم يرى النور بعد، وما زالت جماهير شعبنا تنتظر تنفيذه في كافة المجالات، حتى لا تبقى المصالحة مجرد حبر على ورق غير قابلة للتطبيق .

وارى أن الأولوية الآن يجب أن تنصب على تفعيل القيادة المشتركة المؤقتة التي يشارك فيها كافة الأمناء العامون للفصائل الفلسطينية، والتي يجب أن تشرف على تنفيذ كافة البنود المتفق عليها في اتفاق المصالحة، بما في ذلك تشكيل الحكومة الفلسطينية التي ما زالت متعثرة الولادة حتى الآن .

إن اللحظة السياسية الراهنة تتطلب من الكل الوطني، تجاوز كافة الخلافات، وتغليب المصلحة الوطنية فوق كل الاعتبارات الأخرى، ففلسطين ملك للجميع، وتضحيات أبناء شعبنا لا يمكن السماح لأحد إهدارها، فما زال الشهداء ينتظرون منا جميعا الوفاء لأرواحهم التي قدموها من اجل الحرية والاستقلال والعودة، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة على كافة الأراضي التي احتلت عام 1967م .

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل