المحتوى الرئيسى

فساد بين النحاس ومبارك

06/12 11:39

الأسبوع الماضي كتب أحد الصحفيين بجريدة المساء مقالاً نقل فيه فقرة من مقدمة الكتاب الأسود، وختم هذا المحرر المقال بثلاثة اسطر اتهم فيها النحاس بالفساد، مؤكدا- عن جهل - أن الفساد الذي شهدته حكومة النحاس يشابه حكومة الرئيس مبارك، وقد نصحناه بالأمس أن يتعلم كيف يقرأ أولاً قبل أن يمسك القلم وينقل من الكتب فقرات معتقدا بصحتها، واليوم نتناول قصة هذه الاتهامات، ولماذا وجهها مكرم عبيد وهو الوفدي إلي رئيس الحكومة ورئيس الوفد النحاس باشا.

الواقعة ببساطة أن الخلاف بين النحاس والملك فاروق كان علي أشده، وفاروق كان يبحث عن وسيلة لضرب النحاس وإقالة وزارته، ماذا يفعل؟، توصل هو وأحمد حسنين رئيس الديوان الملكي إلي فكرة بسيطة ومشهورة، وهي أن يخترقوا الوفد، وأن يستميلوا أحد قياداته، لكي يكون أداة لهم في ضرب النحاس والحزب، ووقع الاختيار علي سكرتير عام الحزب مكرم عبيد باشا الذي كان يتولي وزارة المالية، وتم ترتيب لقاء لمكرم بالملك فاروق، وذهب مكرم سراً دون أن يخطر قيادات الوفد، ونشرت خطبة عصماء لمكرم في صحيفة الأهرام يمتدح فيها الملك، أملا في أن يكلفه فاروق بتشكيل الوزارة بدلا من النحاس باشا، وقد قرأ النحاس الخطبة العصماء في الأهرام وعاتب مكرم: كيف تمتدح الشخص الذي يريد ضرب الحزب والحكومة؟، لماذا وضعت يدك في يده؟، وثار أعضاء الحزب واحيل مكرم للتحقيق وتم فصله من الحزب، وطالبه النحاس بالاستقالة من الوزارة ورفض، وتقدم بطلب تغييره للملك ورفض الملك، فقدم النحاس باشا استقالة الوفد، قائلا: "يسعد سعيد بسعيدة"، واشتدت الأزمة وأجبر الملك علي تكليف النحاس بتشكيل الوزارة الجديدة، وشكلها من نفس الوزراء عدا وزير المالية مكرم عبيد الذي تحالف مع الملك، فاروق شعر بأن النحاس قد انتصر عليه في معركة مكرم وتشكيل الوزارة، ماذا يفعل ليرد الجولة؟، كيف يقيل هذه الوزارة؟، أحمد حسنين توصل هو وجلال الدين الحمامصي إلي فكرة جمع أخطاء الوزارة، وأوعزوا لمكرم بالفكرة لينفذها انتقاماً من النحاس الذي فصله من الحزب وعزله من كرسي الوزارة، وعكف مكرم علي جمع وقائع فساد بمساعدة رئيس الديوان الملكي وبعض رجال القصر، ثم نصحوه بأن يكتب الوقائع في صيغة شكوي إلي الملك يطلعه فيها علي فساد النحاس وحكومته ويطالبه في الشكوي بحل الوزارة، وبالفعل رفع مكرم الشكوي تحت عنوان الكتاب الأسود، وسربت بعض المعلومات لصحف لضرب سمعة النحاس، وتقرر تقديم مكرم المذكرة لمجلس النواب، وعرضت بالفعل وطلب أعضاء البرلمان من مكرم الوثائق التي تؤكد صحة هذه الوقائع فطلب مهلة لكي يحصل عليها من الملك، فتأكد النواب من المؤامرة وقرروا حفظ الاستجواب، والذي يعود لأعضاء المجلس يومها يكتشف أن الأغلبية فيه لم تكن وفدية(125 نائباً من السعديين، و74 الأحرار الدستوريين، و29 من الكتلة الوفدية، و7 الحزب الوطني، 29 من المستقلين)، وقد وافق علي بيان الحكومة وعدم سحب الثقة منها 176 نائباً، وقد علق المؤرخ عبدالرحمن الرافعي- وقد كان من أعضاء الحزب الوطني - علي ما قام به مكرم عبيد قائلاً: »الذي يؤخذ عليه بعد انفصاله أنه لم يلتزم جادة الاعتدال والهوادة في موقفه، بل انضم بكل قوته إلي خصوم الوفد، وهاجم النحاس والوفد مهاجمة عنيفة، ولو بقي بعد انفصاله يستنكر مساوئ حكومة الوفد في اعتدال، وبأسلوب غير أسلوب الكتاب الأسود، لكان محتملاً أن يجتذب إليه فريقاً من الوفديين"، وحول الوقائع التي نسبها مكرم للنحاس باشا قال حسن يوسف باشا أحد رجال القصر الملكي عنها في مذكراته:"اشتمل الكتاب علي سبعة أبواب تضمنت نحو مائة مسألة أغلبها أصغر من أن يذكر، وفيما عدا خمسة اتهامات أو ستة تستحق التسجيل، إلا أن مكرم باشا قصر جهده عن تأييدها".

[email protected]

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل