المحتوى الرئيسى

تأجيل الانتخابات

06/12 08:30

هناك منطقان يحكمان المطالبة بتأجيل الانتخابات، أحدهما منطق خاطئ يطالب بتأجيلها عاماً أو عامين حتى يستعد ويبنى نفسه دون أن يعبأ بالثمن الذى يمكن أن تدفعه البلد من جراء هذا التأجيل، فلا يهم أن يبقى الجيش فى السلطة ويمارس مهام لا علاقة لها بمهامه الأصلية، وليس مهماً أن تزداد الحالة الأمنية سوءاً ومعها قوة التيارات السلفية (على عكس ما يتصور البعض) فى ظل فراغ السلطة والفلتان الأمنى، فالمهم المصلحة الخاصة لهذه القوى التى نسيت أن تتساءل: لماذا لم تستعد منذ عقود طويلة وتركت نفسها للحظة الأخيرة؟

أما المنطق الثانى الصحيح فهو تأجيل الانتخابات حتى شهر نوفمبر بغرض بدء الحملات الانتخابية بعد انتهاء شهر رمضان المبارك وإجازة العيد، وبعد أن تخرج إلى النور أحزاب ثلاثة جديدة: العدل، والمصريين الأحرار، والاجتماعى الديمقراطى، وتتمكن من التحرك فى الشارع وتقديم رؤيتها الشابة للناس.

إن الحديث عن تأجيل الانتخابات لتنظيم إجراءات العملية الانتخابية، وتطهير الكشوف، وتأمين اللجان والعملية الانتخابية أمر مشروع ويحتاج بعض الوقت، وهنا تصبح المدة المقترحة بالأسابيع لا بالأشهر، أما التأجيل تحت حجة الانتظار حتى تستعد القوى السياسية فهذا أمر لا يمكن تصوره فى أى مكان فى العالم، خاصة أن بعض هذه القوى موجود على الساحة السياسية بشكل شرعى منذ أكثر من 30 عاما.

الانتخابات يجب أن تجرى قبل نهاية العام لأنه لا يمكن لبلد مثل مصر أن تعيش فى ظل حكومة تسيير أعمال غير قادرة على وضع قواعد بناء مصر الجديدة، فهى لا ترغب فى أن تدخل فى صدام مع المواطنين الذين يحتج بعضهم عن غير حق، ويستسهل البعض الآخر قطع الطرقات، وفى الوقت نفسه لم تستطع أن تحل مشاكل المحتجين عن حق، نتيجة سوء الأوضاع الاجتماعية والسياسية، أو الفساد وسوء الإدارة داخل مؤسساتهم، فلا توجد حتى الآن آلية واحدة للتفاوض السياسى أو النقابى مع الحكومة أو أرباب العمل.

فاتحاد العمال الرسمى هو ابن النظام السابق, ولا يمثل العمال والموظفين، أما الاتحادات المستقلة فمازالت الحكومة لا تعترف بها بشكل قانونى، حتى لو كانت نوايا الدكتور أحمد البرعى، وزير القوى العاملة، طيبة وحديثة فى هذا المجال، إلا أن قرار السماح بوجود النقابات المستقلة قرار سياسى كبير يحتاج حكومة منتخبة لديها رؤية سياسية وليس حكومة تسيير أعمال.

إن مشكلة «خطاب التأجيل» أنه يتعامل وكأن البلد لا توجد فيه مؤسسات غير الأحزاب السياسية أو آليات ديمقراطية غير الانتخابات البرلمانية، ويتجاهل الفوضى فى المؤسسات العامة وحالة الفراغ (وأحيانا التواطؤ) الأمنى، وعدم إجراء الانتخابات النقابية والمحلية.. كل ذلك حتى تجرى الانتخابات البرلمانية بعد عامين من أجل «عيون» القوى غير المستعدة.

المطلوب إجراء انتخابات تشريعية قبل نهاية العام، والتقدم بالبلاد خطوات للأمام.. فيجرى بعدها انتخاب لجنة تضع الدستور وتحترم كل ألوان الطيف المجتمعى، وليس فقط الحزبى الممثل فى البرلمان، وبعدها تجرى انتخابات الرئاسة، ثم الانتخابات النقابية العمالية والمهنية، والبدء فى إصلاح البلد الذى خربت مؤسساته وجُرفت كوادره وخبراته، فلنبدأ حتى لو أخطأنا، فالمهم أن نتقدم خطوة أو خطوات للأمام.

[email protected]

 

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل