سياسة خارجية

اذا ماتابعنا الجدل المثارفي أمريكا حول قضية الهجرة واصلاح قوانينها لما صدقنا أن هذه دولة مهاجرين أصلا..هناك رفض تام لتوفيق أوضاع ملايين المهاجرين الذين ذهبوا للتعليم أو العمل ولم يعودوا..وهناك شبه رفض لقدوم مهاجرين جدد خاصة من دول غيرأوروبية,واحساس عام بأن الجيل الجديد منهم لايستحق أن ينتمي لأمريكا,وبأنهم لايملكون شيئا يثري الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية بأمريكا..يرفضون الاندماج في المجتمع الأمريكي,يرفضون تعلم الانجليزبة,ويظل ارتباطهم الأقوي بالدولة الأم..ويربط الأمريكيون الهجرة غير الشرعية بالأزمة الاقتصادية والبطالة في البلاد,بضعف مستوي التعليم والرعاية الصحية, بارتفاع معدلات الجريمة والارهاب والأمراض الخطيرة..لذلك لايوجد أي جهد حقيقي علي المستوي الوطني لاصلاح قانون الهجرة في المستقبل القريب.

اصلاح هذا القانون الذي تعهد به الرئيس اوباما منذ عامين ولم يفعل,يسبب له مأزقا واحراجا..يتحجج بأنه لايستطيع أن يتجاوز الكونجرس..ولو كان الأمر بيده لفعل..ولكن هذا هو الأسلوب الذي تمارس به الديمقراطية,كما يقول.. وحين يحاول الدفاع عن فشله في حل هذه المشكلة,فانه يتحدث عن عدد المخبرينالذين نشرهم علي الحدود وخاصة مع المكسيك بطول ألفي ميل, وحجمالأسوار التي أغلق بها تلك الحدود, وآلاف الأشخاص الذين تم ترحيلهم أو اعتقالهم يوميا.

صحيح انه من حق أي دولة أن تتحكم فيمن يدخلونها,ومن حق أمريكا أن تفعل ذلك..لكن لماذا لاتكون هناك وسائل انسانية للتعامل مع المهاجرين غير الشرعيين,تراعي ظروفهم وظروف عائلاتهم قبل ترحيلهم دون الزوجات والأطفال من حاملي الجنسية الأمريكية؟ وأن يكون هناك اعتبار لمن لم يتورطوا في أي جريمة أو سلوك سيئ؟فألا يستطيع اوباما استخدام سلطاته التنفيذية في حل هذه القضية دون الرجوع للكونجرس, فيعفي الشباب الذين يسعون لحياة أفضل في ظل الحلم الأمريكي من العقاب ويمنحهم فرصة لتصحيح أوضاعهم,ويركز حملاته علي من يشكل خطرا علي الأمن, ويعفي أصحاب العمل من عقوبة تشغيل عمال غير شرعيين؟ألا يمكن استخدام الرحمة في اصلاح ذلك القانون الذي يريد الكونجرس تزويده بأسنان وأظافر تنهش لحم من ضاقت بهم بلادهم؟أم أن الأزمة الاقنصادية في البلاد ضغطت علي أعصاب الأمريكيين فلم يعودوا يرحبون بمن يأتي ليشاركهم الحياة؟