المحتوى الرئيسى

ضم القصور الرئاسية لـ"الآثار".. احذروا حواس

06/11 22:27

- د. عبد الصمد: لجنة فحص المقتنيات تابعة لزاهي وتخدم أهدافه

- د. العايدي: حواس سلم آثار مصر لقصور مبارك

- د. الكسباني: لم يتم تسجيلها نتيجة ألاعيب المخلوع

- د. الكحلاوي: القرار سليم ويؤكد مؤسسية الدعوة

تحقيق: الزهراء عامر

 

قصور شُيِّدت، وحصون أغلقت، وأسوار تعالت، ووارت خلفها الكثير والكثير من الخفايا والغموض، فالقصور الرئاسية في مصر عالم من الأسرار والكوارث؛ انفرد بالإشراف عليها جهاز رئاسة الجمهورية، كما كانت تتبع الحكم الملكي قبل ثورة يوليو 1952م، ويبلغ عدد القصور والاستراحات التابعة لرئاسة الجمهورية 30 مبنىً، من أبرزها قصور عابدين، والعروبة، وحدائق القبة، والطاهرة بالقاهرة، ورأس التين بالإسكندرية، و3 قصور واستراحات بالإسماعيلية، واستراحات بالقناطر الخيرية، وأخرى في أسوان.

 

هذا الكم الهائل من القصور التي لا تقدر بثمن، شهد إهدارًا صارخًا للمال العام، فالرئيس السابق أقام في قصر واحد هو قصر العروبة بمصر الجديدة، وترك الباقي تقطنه الخفافيش والفئران، بدلاً من أن تتخذ رئاسة الجمهورية في العهد البائد قرارًا باستغلال هذه القصور، الاستغلال الأمثل الذي من شأنه الإسهام بقوة في دفع عجلة التنمية.

 

وليس هذا فحسب؛ بل استغلت في تهريب الآثار المصرية لخارج مصر، نظرًا لضعف الرقابة على هذه الآثار بإشراف كلٍّ من: د. زاهي حواس، وزكريا عزمي، وفاروق حسني.

 

والغريب أن وزير الآثار قدَّم مذكرة لرئيس الوزراء الدكتور عصام شرف يطالبه بضمِّ قصور الرئاسة واستراحات كبار المسئولين في النظام السابق لقطاع الآثار الإسلامية والقبطية، ووافق رئيس الوزراء بشكل مبدئي.

 

وكلف حواس لجنة من الآثار بفحص مقتنيات قصر العروبة وغيره من القصور التابعة للرئاسة، وكذلك قصور واستراحات كبار المسئولين في النظام السابق؛ لمعرفة ما إذا كانت هذه القصور تضم مقتنيات أثرية أم لا؟.

 

وأشار إلى أن تسجيل القصور الرئاسية تمهيد لضمها إلى الوزارة سيتم خلال شهرين أو ثلاثة على الأكثر، وبدأ مسئولون أثريون في مصر دخول قصور واستراحات الرئاسة لأول مرة لجرد ما فيها من مقتنيات قد تكون أثرية على نحو ما تردد أخيرًا، وانتهت من فحص نحو 60 % من الآثار الموجودة بقصور القاهرة، ونحو 40% من قصور الإسكندرية.

 

وفور إعلان الدكتور زاهي حواس، وزير الدولة لشئون الآثار، موافقة رئيس الوزراء عصام شرف بشكل مبدئي على ضمِّ قصر العروبة وغيره من القصور التابعة للرئاسة إلى قطاع الآثار الإسلامية والقبطية، التابع للوزارة، انقسمت آراء بعض الخبراء حول هذا القرار، فمنهم من يرفض ضمَّ حواس القصور الرئاسية؛ لأنه يحاول أن يلتف حول البلاغ الذي قدم بشأن تسليمه قطع أثرية للقصور الرئاسية، والبعض الآخر رحَّب بهذا القرار، معتبرين القرار قد تأخر كثيرًا، ومن حقِّ الشعب أن يمتلك هذه القصور.

 

بداية يكشف الدكتور عبد الرحمن العايدي، رئيس الإدارة المركزية لآثار مصر الوسطى، أن هذه القصور ومقتنياتها قد تمَّ تسجيلها منذ 10 سنوات تقريبًا، والذي قام بتسجيلها هو الدكتور محمود ماهر "رئيس مجلس تسجيل الآثار المصرية الأسبق"، مؤكدًا أن د. زاهي حواس يحاول طمس جريمة تهريب الآثار، والتي لعبت القصور الرئاسية دورًا فيها؛ بضمها إلى قطاع الآثار الإسلامية والقبطية.

 

ويوضح أن تكليف د. حواس اللجنة التي ستتولى مهمة تسجل المقتنيات، بمعرفة ما إذا كانت أثرية من عدمه؛ أمر يُعدُّ مخالفًا للسجلات التي أثبتت أثرية هذه الآثار من قبل، وأنها ترجع للعصور الإسلامية أو العصر العثماني، وثبت بالمستندات أن رئاسة الجمهورية تسلمت هذه الآثار.

 

ويتابع أن الخلط والتلاعب بالأوراق هو أسلوب حواس؛ ولهذا فإن وجوده في الوزارة غير مناسب، ولن يتم التحقيق معه.

 

ويوضح أنه صدر قرار وزاري بعد اكتشاف محاولة تهريب 4 كونتنرات تضم لوحات فنية، وقطعًا إسلامية، وبعض الأثاث الذي يرجع للعصر العثماني، وسيوفًا مطعمة عن طريق ميناء العين السخنة في السويس، كان من الممكن أن تشكل هذه القطع متحفًا كاملاً، بناءً على طلب من زاهي حواس بدلاً من أن توضع هذه الآثار في مخازن الآثار ثم تسلم لرئاسة الجمهورية، متسائلاً هل يوجد هيئة أثرية داخل رئاسة الجمهورية؟.

 

ويتساءل هل قام وزير الآثار بتسجيل جميع آثار مصر الفرعونية واليونانية والقطبية والإسلامية ولم يتبق أمامه غير القصور الرئاسية التي يرجع تاريخها إلى القرن الثامن عشر لتسجيلها؟، مؤكدًا أنه كان أولى به أن يسجل هذه الآثار التي تتعرض لعمليات النهب المنظمة، ويعلن بعدها أن هناك مشروعًا ضخمًا للآثار، موضحًا أن عيب الوزير افتراضه في الشعب المصري السذاجة.

 

تزيف التاريخ

ويتهم نور الدين عبد الصمد، مدير عام إدارة المواقع الأثرية بوزارة الآثار، بتورطه مع كلٍّ من: زكريا عزمي، وفاروق حسني، بمحاولة تهريب قطع أثرية يرجع تاريخها إلى العصر الإسلامي إلى دولة الإمارات، وتمَّ تقديم بلاغ ضده في هذا الشأن للنائب العام، موضحًا أن طرح زاهي حواس ضم القصور في هذه الأيام هو محاولة للالتفاف حول البلاغ، بالإضافة إلى أنه يحاول تجميل صورته، ويثبت عدم تواطئه مع النظام السابق، ويحاول أن يكون من المتحولين.

 

ويتابع أن اللجنة التي شكلها د. حواس لفحص مقتنيات هذه القصور ومعرفة إذا كانت هذه القصور أثرية أم لا، لجنة تابعة لحواس، وتحاول التستر على الجريمة التي ارتكبها وزير الآثار ومَن عاونه.

 

ويؤكد أن حواس وقَّع عقودًا تحريرية مع منظمات صهيونية خارج مصر لتهريب الآثار إليها، وهناك مستندات كاملة تثبت صحة ذلك، مؤكدًا أن هذا الرجل عبث بتاريخ مصر لصالح الصهاينة وقبض 8 ملايين جنيه ثمن بيع التاريخ، فهذا مجرم في تاريخ هذا الوطن ولا بدَّ أن يُحَاكم، وإذا كان مبارك وحسين سالم، وسامح فهمي باعا الغاز للصهاينة بأبخس الأثمان وحرموا مصر من مواردها الطبيعية؛ فإن هذا الرجل زيف آثارها وهدد تاريخها.

 

فضل الثورة

وعلى صعيد آخر، يوضح الدكتور مختار الكسباني، مستشار وزير الدولة للشئون الأثرية، أن قرار ضم قصور الرئاسة إلى قطاع الآثار الإسلامية يقتصر على الإشراف الفني عليها، على أن يكون لها الحق قانونيًّا ودستوريًّا في حماية هذه القصور، بدلاً من رئاسة الجمهورية التي انفردت بإدارتها، معتبرًا وجود إدارة خاصة للقصور الملكية بعيدة عن إشراف وزارة الآثار؛ أمرًا مخالفًا؛ لأنها تراث دولة، ووزارة الآثار هي الجهة التي تحددها.

 

ويكمل أن قصور الرئاسة والاستراحات ظلت بعيدة تمامًا عن عيون المساءلة، سواء من الجهاز الرقابي المهم وهو البرلمان، أو حتى من الأجهزة الرقابية التابعة، ومن بينها الجهاز المركزي للمحاسبات، وظلت هذه الثروات المهدرة بعيدًا عن اهتمامات وعقول كل المتابعين، إما للخوف من إثارة هذا الملف المحظور الاقتراب منه، أو لعدم إدراجه ضمن أولويات القوى السياسية.

 

ويشير إلى وجود نوع من الصعوبات في التعامل مع القصور الملكية في عهد المخلوع، وصلت إلى السماح بتسجيل قدر ضئيل من مقتنيات هذه القصور؛ الأمر الذي أدى إلى التلاعب بها؛ وبالتالي كان التوجه لوضع اليد على هذه القصور حاجة ملحة.

 

ويؤكد أن القصور الرئاسية ممتلكات عامة وليست خاصة؛ ولهذا فلا بدَّ أن يحدد التوظيف الخاص بها، متهكمًا من تخصيص قصر العروبة لإقامة البرنس" كلب مبارك"، وتخصيص هيئة عليا من الموظفين تشرف على احتياجاته.

 

ويرى أن الثورة المصرية كان لها الفضل في كشف وفضح المتلاعبين بتراث مصر الأثري من أعضاء الحزب الوطني السابق، وعلى رأسهم وزير الداخلية السابق، ويأتي بعده مدير أمن القاهرة السابق الذي كان يمتلك مخزنًا للآثار، بالإضافة إلى ضباط أمن الدولة الذين قادوا حملة لسرقة ونهب الآثار المصرية أثناء قيام الثورة المصرية.

 

ويبين أن مهمة اللجان التي كلفها حواس تحديد قيمة هذه المباني التاريخية، ومعرفة ما إذا كانت أثرية أي مرَّ عليها أكثر من 100 عام، مضيفًا أنه في هذه الحال يتم ضمها لقطاع الآثار الإسلامية والقبطية، وأما إذا لم يمر عليها 100 عام فإنها تخضع لإشراف جهاز التنسيق الحضاري طبقًا للقانون 141.

 

ويرى أنه يمكن تحويل هذه القصور إلى مزارات سياحية ذات طابعٍ خاصٍ، وتفتح أبوابها للأجانب، والمصريين، أو تحويلها لمنتجعات فندقية مهمة بقلب القاهرة، على أن تخضع لوزارة السياحة، مؤكدًا أن عائدات هذه القصور الاقتصادية ضخمة.

 

قرار سليم

 الصورة غير متاحة

 د. محمد الكحلاوي

ويعبر الدكتور محمد الكحلاوي، أستاذ الآثار وأمين عام اتحاد الأثريين العرب، عن سعادته بقرار ضمِّ القصور إلى قطاع الآثار الإسلامية، موضحًا أنه على الرغم أن هذا القرار جاء متأخرًا جدًّا نظرًا للظروف التي كانت تعيشها مصر في ظلِّ السلطة المطلقة؛ فإن هذا القرار سليم ويبرهن أن الدولة أصبحت مؤسسة بشكل حقيقي، وبما أن الدولة أصبحت مؤسسة فلا يمكن أن يكون هناك أثر مسجل من خارجها.

 

ويرى أن القصور الملكية فقدت وظيفتها الحقيقية، وأصبحت سمة من سمات العهد المباركي، وهي احتكار القصور، إما لشخص الرئيس أو لمؤسسة الرئاسة، وتحول الإنفاق على بعضها إلى نوعًا من أنواع إهدار المال العام.

 

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل