المحتوى الرئيسى

حول ضعف أداء وزارة الداخلية وتداعياته بنود للإصلاح والتطوير

06/11 21:35

بقلم: أ. د. محمد عبد الفتاح دهيم

تعاني البلاد في الوقت الحالي من حالة ممتدة من الانفلات الأمني المقصود؛ ما أثر على أحوال المجتمع والدولة سلبًا؛ حيث شجع ذوي النفوس الضعيفة والمنتفعين مناهضي الثورة الشعبية الإصلاحية (التي ما زالت في مراحلها الأولى) والبلطجية والمرتزقة (كل هذه الفئات من ثمار عهد الاستبداد والظلم والفساد لعقود)على أن يعيثوا في الأرض فسادًا؛ أملاً في أن يحقق ذلك لعصابات الحكم البائد ومصاصي الدماء من رجال الأعمال العودة إلى عهد الاستبداد والظلم والفساد؛ حيث رضعوا منه وترعرعوا فيه، ولكن هيهات.. هيهات.

 

ولقد أثرت هذه الحالة بطبيعة الأمور على مناخ الاستثمار، وعلى النقل الآمن للبضائع، وعلى ساعات النشاط التجاري والحياة اليومية، وعلى أمن وأمان الأحياء السكنية، وعلى أمن وأمان المرافق والخدمات والنشاط المصرفي، وغير ذلك من أنشطة المجتمع والدولة.

 

ضعف أداء وزارة الداخلية:

كان أداء جهاز الشرطة خلال المظاهرات والاحتجاجات التي سبقت التنحي وما بعده أداءً في غاية السوء، اتسم بالإجرام والخزي وخيانة الأمانة بالرغم من أنهم قطاع من الشعب ومؤسسة من مؤسسات المجتمع، ماذا فعلوا؟: قمع المظاهرات التي تطالب بالتخلص من الاستبداد والظلم والفساد (أي أنها مظاهرات إصلاحية تصب في خير الجميع)، قمعها بكلِّ وسائل الجبن والخسة والإجرام مثل: قنابل الدخان المسيل للدموع، والضرب بالرش، والعصي الكهربية، والماء الساخن والمغلي.. وأخيرًا الضرب بالرصاص في الرأس، والعين والقلب؛ ما أسفر عن قرابة ألف شهيد (1000)، وقرابة عشرة آلاف مصاب ومفقود (10000)، كان تعامل الشرطة مخالفًا للدستور والقانون، ولكلِّ الأصول والأعراف الإنسانية، وضربًا بمواثيق حقوق الإنسان عرض الحائط.

 

كيف يحدث هذا ونحن أبناء شعب واحد على أرض واحدة تجمعنا حقوق وروابط وقواسم مشتركة ونعمل لهدف أعلى واحد؟، الشرطة تعاملت مع الشعب كأنه العدو، تنفيذًا لتعليمات حفنة من المستبدين الظلمة الفاسدين والمرضى النفسيين.

 

إن هذا التعامل ليس مجرد تعليمات تنفذ ولكنها تعليمات مصحوبة بتربية سلبية على مدى أربع سنوات ومحاضرات ودورات تدريبية مباشرة وغير مباشرة لتأصيل أمور شيطانية منها أن الشعب ليس له أي حقوق، ليس هناك قانون ودستور، وأن الأمن هو القانون والدستور، ناهيك عن انتشار الفساد بأنواعه ومستوياته داخل دوائر ومؤسسات الشرطة (بالتأكيد هناك نسبة من الشرفاء والتي نجت من التربية السلبية في كلية الشرطة، وقاومت دورات الإعداد والتكوين الفاسدة للتعامل مع شعب سلبوه كل الحقوق).

 

نضيف إلى هذا وجود جيش جرار من الأمن المركزي قوامه قرابة 2 مليون مجند؛ لاستخدامه ضد هذا الشعب الكريم صاحب هذه البلاد ومقرر أمورها.

 

نخلص من هذا أن أداء وزارة الداخلية منذ 25 يناير 2011م حتى بعد التنحي كان أداءً  غاية في السوء وخيانة جسيمة للأمانة تجاه الشعب المصري؛ حيث وصل هذا الأداء إلى القاع بالنسبة لاحترام حقوق الإنسان، وقطع آخر خيط في شرعية النظام المستبد الفاسد الظالم، إن كان له شرعية أصلاً.

 

ولذلك فإن وزارة الداخلية كانت تحتاج إلى قيادات نظيفة حكيمة قوية ليس لها أي ولاء للنظام السابق الفاسد، قيادات تخشى الله بالغيب، وعلى وعي بما حدث، وما هو مطلوب للمرحلة القادمة، قيادات على قناعة بالثورة الشعبية الإصلاحية التي ما زالت في أولى مراحلها وأولى خطواتها على الطريق المنشود، قيادات قوية أمينة تقوم بتطهير وزارة الداخلية من الرءوس والتجمعات الفاسدة، وعلى رأسهم أغلب العاملين في أمن الدولة إن لم يكن كلهم.

 

ولكننا فوجئنا بغير ما انتظره الشعب متمثلاً في الآتي:

1- أن أمن الدولة بعد أن أعلن حله، عاد بالغالبية العظمى من أفراده في ثوب ما سمي بالأمن الوطني، وفي نفس المقار وبمهام غير واضحة ومطاطة ومثيرة للقلق الشديد، وهذا يدل على عدم احترام مطالب الشعب، والاستهانة بأهداف الثورة، والالتفاف حولها، وعدم وعي وإدراك لما حدث.

 

2- استمرار الانسحاب الأمني من الشارع ومن كلِّ المواقع، وكأن وزارة الداخلية قطاع خاص مملولكة لمجموعة من الأفراد تعمل على هواها وليست وزارة مسئولة أمام الله، وأمام الشعب، وأمام المجلس العسكري، وأمام مجلس الوزراء، وأمام مؤسسات المجتمع المدني، بالتبعات والواجبات المكلفة بها، وزارة تأخذ كل مستحقاتها المرهقة لميزانية الدولة دون القيام بواجباتها وخصوصًا في هذه الظروف.

 

3- كان من مطالب الشعب في ثورته تسريح جحافل الأمن المركزي وإعادة المجندين إلى مكانهم الأصلي في الجيش، نفاجأ بأن هذا لم يحدث، بل طلب السيد وزير الداخلية دعم هذا الجيش الجرار بعدد إضافي يقدر بخمسين ألف (50000) مجند، هذا الجيش تهديد للشعب وضد الشعب وضد حريته وإرادته، وأصبح العصا الغليظة لأمن الدولة.

 

4- أداء وزارة الداخلية بشأن المحبوسين في طره من حيث المعاملة الخاصة والتجهيزات في المكان والإمكانات المتاحة والتجمع في محبس واحد، كل هذا يوضع تحت عنوان "فساد وكيل بمكيالين"، فضلاً عن أن رءوس النظام السابق الفاسد هم آخر مَن يحظى بالتيسير أو معاملة خاصة أو تهاون؛ حيث إن إجرامهم في حقِّ الشعب والدولة مؤكد، واستمر لعقود مضت، ناهينا عن التحقيقات مع الرئيس المخلوع وزوجته ومحبسهم السبعة نجوم في شرم الشيخ، والذي اتسم بالهزل والتسيب والاستفزاز، وتحمل ميزانية دولة الثورة مصاريف هذه الرفاهية، وسفر الأطقم الطبية بالطائرة من وإلى شرم الشيخ، وهما آخر مَن يستحق هذا على أرض مصر، ونحمل مسئولية كل هذا للسيد النائب العام والسيد وزير الداخلية.

 

بنود الإصلاح والتطوير:

1- إعادة هيكلة وزارة الداخلية والنظر في الاختصاصات والصلاحيات بما يحتاج إلى تفاصيل يشارك فيها ذوو الاختصاص، وأهل الشريعة والفقه والقانون والقضاء.

 

2- تأهيل وتربية الشرطة على احترام حقوق الإنسان التي نصَّت عليها الشريعة الإسلامية ومواثيق الأمم المتحدة.

 

قال تعالى ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (70)﴾ (الإسراء)، وتقوم حقوق الإنسان على أربعة أركان: الحرية، والحق، والعدل، والأخلاق، ومن هذه الحقوق: حفظ الدين، وحفظ النفس، وحفظ العقل، وحفظ النسل والعرض، وحفظ المال، وحفظ الكرامة، ومنها أيضًا حرية الاعتقاد، وحرية التفكير، وحرية التعبير عن الرأي، ومنها أيضًا العدل والمساواة.

 

3- إعادة النظر في أساليب ووسائل ومناهج الإعداد والتكوين للطلاب في كلية الشرطة، بما يحقق الأهداف المرجوة من ثورة 25 يناير 2011م وأمامنا قرابة 1000 شهيد وقرابة 10000 مصاب ومفقود.

 

4- تسريح جحافل الأمن المركزي بما يتوافق مع ثقافة الثورة الشعبية الإصلاحية، ومنها أن الشرطة وأجهزة الأمن ليست عدوًا للشعب.

 

5- التقليص الشديد لما يسمى جهاز الأمن الوطني إالى 10% من حجمه الحالي، حتى تتم إعادة النظر في جدواه.

 

6- توزيع العاملين في جهاز أمن الدولة السابق من قيادات وضباط وإداريين وخلافه على مديريات الأمن في المحافظات المختلفة ومراكز الشرطة، تحت إشراف ومسئولية مديري الأمن.
7- وضع آليات لتجفيف منابع الاستبداد والظلم والفساد وكل التجاوزات؛ بما يحفظ للإنسان كرامته وحقوقه، ويحفظ للمجتمع أمنه وأمانه.

 

وليعلم أهل الشرطة أن منهم الأب والابن والأخ، وأن نصرتهم في أن نمنعهم من الظلم.

 

ونؤكد أن الواجب المنوط بوزارة الداخلية هو أن تعمل لأمن وأمان الشعب المصري بحكم الشريعة والدستور والقانون والأعراف والاحترام، والمعروف يقابله احترام ومعروف.

 

وليعلموا أن غضبة وثورة الشعب المصري على الاستبداد والظلم والفساد بكلِّ أنواعه ومستوياته وكمّه كانت ضد:

 

1- النهب المنظم لأصول الدولة وثروات الشعب من خلال العصابة الحاكمة وعصابات رجال الأعمال.

2- استشراء الظلم والفساد في المجتمع ومؤسساته.

3- تزوير الانتخابات، وعلى رأسها انتخابات مجلسي الشعب والشورى.

4- تقلص وتراجع الدور المصري إقليميًّا وعالميًّا.

5- التخلف الذي أصاب كل أنظمة الدولة والمجتمع، وعلى رأسها التعليم والبحث العلمي، ما أدَّى إلى التبعية وضعف الانتماء.

6- موالاة الأعداء والتعاون معهم ومدهم بأسباب القوة، وفي المقابل سوء معاملة الأشقاء وإحكام الحصار عليهم.

7- احتقار وازدراء الشعب وسوء معاملته.

8- الارتفاع المخيف في نسبتي الأمية والبطالة.

9- العبث غير المحدود بالدخل المحلي العام دون أدنى رقابة.

10- ما يقال عن عمولات صفقات السلاح.

11- الوقوف في وجه محاولات الاكتفاء الذاتي من إنتاج الحبوب.

12- برنامج الخصخصة الذي أطاح بالصناعة المصرية.

13- محاولات الإطاحة بثوابت الأسرة والمجتمع المصري والجنوح بالبلاد نحو العلمانية البغيضة.

 

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل