المحتوى الرئيسى

الإفتاء .. له رجاله بقلم:محمد أحمد عزوز

06/11 20:17

في ظاهرة غريبة من نوعها، لم نرها إلا في المجتمع المسلم، حيث إن كل من التزم بتعاليم الدين، أطلق لحيته، ولبس جلباباً أبيض قصيراً، أصبح ينصب نفسه مفتياً على الناس، وكأن الدين أصبح شيئاً مباحاً، كل من هبّ ودبّ يستطيع أن يتكلم فيه بغير علم.

في كل الأديان الموجودة على الأرض، سواء كانت منزلة من عند الله تعالى، أو وضعية، لم نر ولا نسمع أياً من معتنقيها يفتي، بل لا يجرؤ على أن يفتي فيها دون علم، إلا في الدين الإسلامي، ولكي لا نفتري على أحد، ليس كل المسلمين، بل هي فئة معينة، استقر في خلدها أنها طالما التزمت بتعاليم الإسلام واتبعت نهج رسول الأنام أصبح من حقها أن تفتي.

ذات مرة اشتكى لي أحد الشباب من صديقه، وأخبرني بأنه قاطعه وأصبح لا يتكلم معه نهائياً، حتى إنه لم يلق عليه السلام، بعد صداقة ومحبة دامت أكثر من خمسة أعوام، فأمسكت بصديقه، وسألته: لماذا تقاطع صديقك، ولا تلقي عليه السلام؟ فرد عليَّ في تهجم واستعلاء: إنه كافر، ولا يصح أن ألقي عليه السلام، فقلت له: لماذا تكفره؟ فقال: إنه لا يصلي، إذاً فهو كافر. فقلت له: يا أخي اتق الله ولا تفت بغير علم، فإن تارك الصلاة له أحكام كثيرة، فلا تأخذ أغلظها، فقال لي: لا، هو كافر. فقلت له: إن رسولنا الكريم محمد بن عبدالله، صلى الله عليه وسلم، الذي أنزلت عليه رسالة السماء، من فوق السبع الطباق، كان يعيش بين اليهود والكفار والمشركين، ومع ذلك لم يَرِد عنه أن كفر أحداً منهم، فكيف تكفر أنت؟ فقال: أنا حر... انتهى.

وهذا الشاب كان حديث عهد بالالتزام، ولكن للأسف الشديد أنه التزم عن طريق جماعة متشددة، فنهج نهجهم، وأصبح كل من يختلف معه في الرأي كافراً.

وفي حادثة أخرى، وقعت مع أحد الشباب، وكان حديث عهد بالزواج، قابل أحد أصدقائه المقربين، الذين كانوا يحضرون معه الدروس في المسجد، فسأله صديقه: كيف حالك؟ فقال: الحمد لله، فقال له: كيف حال إيمانك اليوم؟ فرد عليه العريس: والله يا شيخ إيماني مذبذب منذ أن تزوجت، وأصبحت لا أقوم الليل كما كان في السابق. فرد عليه: زوجتك ألهتك عن قيام الليل؟ فقال: نعم. فقال له: طلقها طالما أنها ألهتك عن عبادة الله، فكل ما ألهى عن عبادة الله فهو باطل.

من يومها انقلبت حياة العريس رأساً على عقب، وتغيرت ملامحه من شدة الحزن، وتغير حاله 180 درجة، بعد أن كانت الابتسامة لا تفارق محياه، وأصبح في حيرة من أمره، فهو عريس جديد، لم ير من زوجته إلا كل خير، لكنه لا يريد أن يغضب الله منه، فكان يفكر جدياً في تطليقها، ولكنه لم ير سبباً يقنع به أهله لكي يقدم على هذا الأمر.

وذات مرة سأله أحد أصدقائه: لماذا أنت مكتئب على الرغم من أنك في بداية حياتك الزوجية؟ فرد عليه: إن الشيخ «.....» أمرني أن أطلق زوجتي، وأنا أحبها ولا أريد أن أفرط فيها، ولكنني لا أريد أن أغضب الله مني. فقال له: يا أخي، اتق الله وأمسك عليك زوجتك، وهذا شيء عارض، فكل إنسان في بداية زواجه يحدث عنده تغير في روتين حياته.

فقابل هذا الصديق الشيخ، الذي أمر الشاب بتطليق زوجته ليسأله، علام استند في حكمه، وأفتى الشاب بتطليق زوجته؟! فرد عليه الشيخ ضاحكاً: أنا كنت أمزح معه، ولم أدر أنه سيأخذ كلامي على محمل الجد.

يا الله! ألهذه الدرجة أصبح الدين مجالاً للمزاح، إن الدين لا يمزح فيه ولا به، فهذا كلام الله وسنة رسوله، ولا يجب أن يتكلم فيهما أحد من دون علم، لأن الإفتاء له رجاله الذين تخصصوا فيه، وحصلوا على شهادات تخولهم العمل به، ومنحتهم الدولة هذا الحق، لما تعلم أنه لديهم من العلم الكثير ما يساعدهم على القيام بهذا الدور الخطير.

هدانا الله لما فيه الخير، وأرشدنا إلى تعاليم ديننا، وجعلنا من المتبعين، وليس من المبتدعين... إنه ولي ذلك والقادر عليه.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل