المحتوى الرئيسى

بالمشاركة والتعاون والجماعة تحلو الحياة..بقلم الشــيخ ياســين الأســطل

06/11 17:30

بالمشاركة والتعاون والجماعة تحلو الحياة..بقلم/ الشــيخ ياســين الأســطل

الرئيس العام ورئيس مجلس الإدارة

بالمجلس العلمي للدعوة السلفية بفلسطين

الحياة منةٌ من الله تعالى ونعمة ، ونِعَمُ الله لاشك جليلة ، جعلها سبحانه لأجل هذا الإنسان ، وقد خلقه جل وعلا لعبادته ، والعبادة هنا بمفهومها الشامل ، فهي تجمع عمارةَ الدنيا كما تنتظم صلاح الدين على حدٍ سواء ، بل إن صلاح الدين حقاً لا يكون إلا بإصلاح الدنيا ، فالإسلام ليس ديناً كهنوتياً استبدادياً ، ولا خيالياً مغرقاً في المثاليات ، ولا نخبوياً لأناسٍ دون آخرين ، بل هو دين الناس جميعاً يعطي كل ذي حقٍ حقه ، ويحفظ لكل ذي قدرٍ قدره ، ويخاطب كل إنسان بمقتضى إدراكه وعقله ، ومن هنا نجد المسلمين من أعراقٍ شتى ، ومن بلادٍ شتى ، وقد كان منهم قبل إسلامه من كان على أديانٍ شتى ، ففي المسلمين من قبل علي بن أبي طالبٍ العربي القرشي ، وأما اليوم ففي المسلمين إضافة إلى العرب والعجم والزنوج من الأمم الأخرى والأجناس العديدة في أنحاء العالم ، وقد ارتضَوْا جميعاً هذا الدين الذي يراعي الخصائص الإنسانية على تنوعها ، كما يناسب الطبائع البشرية على اختلافاتها عبر العصور ، فالإنسان مدنيٌ بطبعه كما يقول علماء الاجتماع الإنساني ، ومن الحكم الدارجة: ( الأرض من دون ناس ما ابتنداس ) ، و ( الموت مع الجماعة رحمة ) ، و( زي الناس ولا باس ) ولكن لا يجوز ذلك إلا في حدود المشروع لا الممنوع .

ولهذا نجد في أحكام الإسلام ما هو ثابتٌ وفيها ما هو متغيرٌ ، وفيها ما يتعلقُ بعالَمِ الشهادة ، وفيها ما يتعلقُ بعَالَمِ الغيب ، وإن كانت نصوص الإسلام ودلائله المنقولة تتسمُ بالأصالة والثبات .

عباد الله أيها المؤمنون : لقد دعانا الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم للتعاون فيما بيننا على الخير والبر والتقوى فقال تعالى في سورة المائدة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ (1) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2) }.

ودين الإسلام يقوم على روح التعاون والمشاركة من الأمة كلٌ وفق قُدُراته واستطاعاته ، ويتجلى هذا بوضوح إن كان في المجالات التعبدية الخالصة كالصلاة والزكاة والصيام والحج إذ أن هذه العبادات الخالصة يؤديها المسلمون مجتمعين في صلاة الجماعات , وفي صيام رمضان وفي الحج إلى البيت الحرام وغير ذلك كقراءة القرآن .

* فقد أمرنا الله عز وجل في القرآن الكريم بالتوبة إليه جميعاً ، وجاء قوله في سورة النور:{وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31)} .

* وفي الصلاة مع الجماعة قول الله تعالى في سورة البقرة : { وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (43) }.فقد استنبط العلماء من قوله : { وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ }

وجوب صلاة الجماعة .

وفي صحيح البخاري ومسلم وهو عند الترمذي وأحمد واللفظ للبخاري قال : حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي الْجَمَاعَةِ تُضَعَّفُ عَلَى صَلَاتِهِ فِي بَيْتِهِ وَفِي سُوقِهِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ ضِعْفًا ، وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ - لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا الصَّلَاةُ -لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إِلَّا رُفِعَتْ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ ، وَحُطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ ، فَإِذَا صَلَّى لَمْ تَزَلْ الْمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلَيْهِ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ ، وَلَا يَزَالُ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا انْتَظَرَ الصَّلَاةَ " .

ولمسلم وأبي داود والنسائي وابن ماجه وأحمد واللفظ لمسلم في الصحيح قال : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ عَنْ أَبِي الْعُمَيْسِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْأَقْمَرِ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ :(مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ غَدًا مُسْلِمًا فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَؤُلَاءِ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ ، فَإِنَّ اللَّهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُنَنَ الْهُدَى وَإِنَّهُنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى وَلَوْ أَنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ كَمَا يُصَلِّي هَذَا الْمُتَخَلِّفُ فِي بَيْتِهِ لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ وَمَا مِنْ رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ ثُمَّ يَعْمِدُ إِلَى مَسْجِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ إِلَّا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ خَطْوَةٍ يَخْطُوهَا حَسَنَةً وَيَرْفَعُهُ بِهَا دَرَجَةً وَيَحُطُّ عَنْهُ بِهَا سَيِّئَةً وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلَّا مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى بِهِ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ فِي الصَّفِّ).

إخوة الإسلام والإيمان :

* ومن الشركة في العبادة التشارك في الهدي في الحج كما في البقر والإبل ، فقد روى الدارمي في سننه قال: أَخْبَرَنَا يَعْلَى حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ : نَحَرْنَا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ سَبْعِينَ بَدَنَةً ، الْبَدَنَةُ عَنْ سَبْعَةٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :

" اشْتَرِكُوا فِى الْهَدْىِ ".

وندب النبي صلى الله عليه وسلم المسافر لأن يسافر مع الجماعة ، فقد روى الترمذي وأحمد وهو في الموطأ للإمام مالك قال ابن يحيي حَدَّثَنِي مَالِك عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :

" الرَّاكِبُ شَيْطَانٌ وَالرَّاكِبَانِ شَيْطَانَانِ وَالثَّلَاثَةُ رَكْبٌ " .

وما أجملَ هذا العمل ، وما أعظمَ الأجر فيه ، فهذا الحديث يكتب بماء العينين لما فيه من المثل الأعلى يضربه قوم أبي موسى الأشعري رضي الله عنه ليقتدي بهم الناس في حال الضيق والجدب والغزو والحرب ، روى الشيخان البخاري ومسلم واللفظ للبخاري في صحيحه باب الشركة في الطعام قال : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ الْأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الْغَزْوِ أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ " .

عباد الله ، إخوة الإسلام : فلنؤد حق الله بتوحيده وعدم الإشراك به في عبادته ، ولنؤد حق رسوله صلى الله عليه وسلم بطاعته واتباع سنته ، ولنؤت الخلائق كل ذي حق حقه تصلح لنا الأولى والآخرة.

عباد الله أيها المسلمون : التعاون والتشارك في الخير وعلى الوجه المشروع مقصود من أعظم مقاصد الدين ، ومنه :

* الاجتماع على الذكر وتلاوة القرآن ومدارسته ، روى الإمام أحمد في المسند قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْأَغَرِّ أَبِي مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :

"مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا حَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ ، وَتَغَشَّتْهُمْ الرَّحْمَةُ ، وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ ، وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ " . وَقَالَ : " إِنَّ اللَّهَ يُمْهِلُ حَتَّى إِذَا كَانَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ نَزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى هَذِهِ السَّمَاءِ فَنَادَى هَلْ مِنْ مُذْنِبٍ يَتُوبُ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ هَلْ مِنْ دَاعٍ هَلْ مِنْ سَائِلٍ إِلَى الْفَجْرِ " .

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل