المحتوى الرئيسى

مأساة تتكرر في الجنوب بقلم : الياس سعد

06/10 19:54

يقال عن مأساة حصلت وتحصل كل يوم ، فهي تشاركنا حياتنا وتشاركنا مأكلنا ومشربنا. هذه المأساة لا تفرق بين غنيّ وفقير ، وبين موظف وصائغ . فالإنسان مهما علا شأنه في الدنيا فنهايته واحدة ، وهي النهاية الحتمية التي رسمها له القدر. لكن الله عز وجل قد وهبنا العقل المفكر والذي إن وجد فينا فقد وجد لكي نستعمله في سبيل إنشاء القرارات العاقلة والتي من الغير المفروض أن تؤثر سلبياً على مجرى حياتنا. ولكن هنالك كلمة واحدة تلغي كل هذه العقلانيات وتحولها من أمور أولوية إلى أمور ثانوية لا يكترث لها أحد ، هذه الكلمة ترعب وتؤرق الكثيرين ، وهي ما يطلق عليها إسم "الحرب".

دعوني انتقل إلى الموضوع الأساسي والذي أتوقع أن يكون محط إهتمام الكثيرين. إن أحد أحدث الحروب وأكثرها دموية وشراسة هي حرب لبنان الأخيرة والتي وقعت في صيف عام 2006.فالنتطرق أولاً إلى أبعاد هذه الحرب تاريخياً ، حيث أن هذه الحرب لم تكن نتائجها تترتب على الفوز أو الهزيمة فقط. فالمقاومة اللبنانية لم تخض الحرب من أجل هزيمة القوات الإسرائيلية أو ردعها من الزحف نحو الأراضي اللبنانية ، ولكنها أرادت إثبات التواجد الغير المرئي للمقاومة ، وأرادت إعلام العالم أجمع أن ليس العرب جميعهم من يغط في سبات عميق وليس العرب جميعهم من تخدرت أذهانهم بالديون ، ومن هنا نرى القفزة التاريخية التي قامت بها المقاومة اللبنانية. وعلى نطاق محلي ، فقد كان فوز المقاومة اللبنانية بمثابة تعزيز قدم المقاومة العربية والإسلامية في جميع أقطار الوطن العربي وأهمها فلسطين المحتلة.

دعونا الآن نتحدث عن المعطيات العسكرية التي تحلى بها كل من المقاومة وجيش الدفاع ، فمن أهم العوامل المؤثرة في أي حرب وبشكل أساسي هي نوعية السلاح المستخدم في الحرب ومدى تطوره لكلا الجهتين. ومن الظاهر والمعلوم أن جيش الدفاع يحوز على أكثر الأسلحة تطوراً في العالم. وأما المقاومة اللبنانية فقد خاضت الحرب بسلاح من صنع محلياً أو تم الحصول عليه من بلدان أخرى ولكنه من المؤكد يتأخر كثيراً عن سلاح جيش الدفاع تطوراً ، ولكن في المقابل إستطاعت المقاومة اللبنانية الإثبات للعالم كله أن العزيمة وقوة الإرادة قد تتغلب في بعض الأحيان على التطور والقوة التي يتحلى بها سلاح الجيش الإسرائيلي. ومن ناحية ميدانية فقد قام الجيش الإسرائيلي كعادته بإضعاف المقاومة اللبنانية عن طريق الجو، حيث أنه يمتلك سلاحاً جوياً شديد القوة ، وفي المقابل لا تتمتلك المقاومة أي سلاح جوي، فضلاً عن أن مضاداتها الأرضية شديدة التواضع. وبذلك نسطيع القول أن الجيش الإسرائيلي قد تفوق في هذه الحرب من الناحية الجوية ولكنه فقد السيطرة على الميدان البري حيث أن شبان المقاومة قاموا بردع التوغل الإسرائيلي في أراضي الجنوب بكل عزيمة وحزم. فقامت القوات الإسرائيلية بالتراجع بعد مرور شهر تقريباً على بداية الحرب.

ويعد هذا التراجع بمثابة عجز عسكري حلّ على الجيش الإسرائيلي الذي لم يتوقع مقاومة بهذه الشراسة. ولكنه خلّف بالمقابل الكثير من المشردين والنازحين والذين حطمت منازلهم بسبب العدوان الإسرائيلي ، فضلاً عن آلاف الأيتام والثكلى.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل