يونية 1967 ــ 2011
سؤال: ماذا تبقي من يونية 1967؟ أو بمعني أدق ما الذي تغير في جغرافيا وتاريخ وواقع المنطقة منذ وقوع نكسة أو هزيمة 5 يونية 1967؟
الإجابة: لا شيء تقريباً.. الجولان مازالت تحت الاحتلال وكذا القدس والضفة الغربية، وغزة تحت الحصار باستثناء معبر رفح الذي فتحته مصر الثورة مؤخراً، وسيناء تحررت وإن كانت هناك أصوات داخل الكيان الصهيوني تطالب بإعادة احتلالها مجدداً بسبب الفوضي الأمنية بعد قيام ثورة يناير 2011 وللانتقام من القاهرة التي اتخذت جملة من المواقف بعد قيام الثورة المجيدة مثل التمهيد لإعادة العلاقات مع إيران ووقف تصدير الغاز لإسرائيل بأرخص الأسعار وعقد اتفاق المصالحة الفلسطينية بين فتح وحماس وإعادة فتح معبر رفح لتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني الأعزل ضد أسوأ استعمار استيطاني عرفه التاريخ.
منذ هزيمة يونية 1967 جرت في نهر الشرق الأوسط مياه كثيرة وأحداث جسام تتلخص في حرب أكتوبر 1973 واستعادة مصر سيناء بالسلاح والمفاوضات والتحكيم، كما تمت إعادة فتح قناة السويس في عام 1975 والغزو الإسرائيلي للبنان في عام 1982 وتدمير المفاعل النووي العراقي في أوزيراك في عام 1981 ناهيك عن الحرب العراقية ــ الإيرانية 1980 ــ 1988 واحتلال الكويت في العام 1990 ثم تحريرها في العام 1991 ثم احتلال العراق في عام 2003، وفي عام 2006، وفي مطلع العام الحالي 2011 انطلق قطار الثورات العربية في تونس ثم مصر لينتقل بعدها إلي اليمن وسوريا وليبيا والبحرين.. والبقية تأتي.
بالنسبة لهزيمة 1967 والأراضي التي احتلتها إسرائيل.. لا شيء تغير تقريباً سوي تحرير سيناء، وفيما عدا ذلك رفضت إسرائيل مبادرة السلام العربية في قمة بيروت 2002.. وقراءة سريعة في الأراضي التي احتلتها إسرائيل في حرب 1967 نستخلص الآتي:
- الجولان: مازالت تحت الاحتلال، وبعد خروج مصر من معادلة الصراع العربي ـ الإسرائيلي بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد أصبح احتمال قيام سوريا بحرب ضد إسرائيل لتحرير الجولان يساوي صفراً، لفارق ميزان القوي بين دمشق وتل أبيب، حتي إن مقولة محمد حسنين هيكل »لا حرب بدون مصر ولا سلام بدون سوريا« تبدو صحيحة تماماً، وقد حاولت إسرائيل مراراً جر سوريا إلي مواجهة عسكرية وقامت أكثر من مرة بالإغارة علي مواقع سورية منها القصر الرئاسي، تحت دعوي مواقع نووية، إلا أن دمشق التزمت الصمت وقال بشار الأسد كلمته الشهيرة »سنرد في الوقت والزمان المناسبين« وحاولت سوريا الأسد كسر حاجز العزلة الدولية بالتحالف مع إيران بعد توقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، فانضمت إلي معسكر الممانعة المكون من إيران وسوريا وحزب الله وحماس، إلا أن اندلاع الثورة في سوريا غير بوصلة دمشق في اتجاه مواجهة الاضطرابات الداخلية.. وتبقي الجولان تحت الاحتلال تحت إشعار آخر.
- الضفة الغربية والقدس: مازالا تحت الاحتلال الإسرائيلي، ومازالت تل أبيب تشترط، لاستئناف المفاوضات، ضرورة اعتراف السلطة الفلسطينية بيهودية الدولة الإسرائيلية وإسقاط ورقة المصالحة، والاعتراف بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل والإبقاء علي المستوطنات التي تم بناؤها خارج جدار الفصل العنصري، وإسقاط حق العودة وأن تكون الدولة الفلسطينية في نهاية المطاف منزوعة السلاح، وإزاء استمرار الوضع وعدم حدوث تقدم في العملية السلمية تخشي إسرائيل اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثالثة في الضفة وغزة في وقت واحد، ويبدو أبومازن في موقف لا يحسد عليه فهو سعيد بتوقيع اتفاق المصالحة الفلسطينية وفتح معبر رفح، لكنه يريد استئناف مفاوضات وفق الشروط الفلسطينية لا الإسرائيلية وأهمها إزالة المستوطنات وحق العودة والقدس عاصمة لفلسطين وإزالة الحواجز الأمنية وحرية التنقل وإنشاء جيش وطني للدولة الفلسطينية.
- غزة: وجع في قلب إسرائيل وإن شئت الدقة هي الخاصرة أو الشوكة في ظهر إسرائيل، ورغم الضربات الإسرائيلية الموجعة في 2008 إلا أن خيار المقاومة لم يسقط، لقد تمني شارون يوماً أن يصحو فلا يجد غزة علي الخريطة، ورغم استمرار الحصار الإسرائيلي لها حققت حركة المقاومة الفلسطينية في غزة انتصارين مؤخراً، الأول توقيع اتفاق المصالحة والثاني فتح مصر لمعبر رفح للأبد، وتنتظر غزة اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثالثة تجاوباً مع ربيع الثورات العربية لإجبار العدو الإسرائيلي علي التفاوض أو اللجوء إلي مجلس الأمن لإعلان قيام الدولة الفلسطينية في نهاية العام.
- سيناء: الوحيدة من المناطق العربية المحتلة التي تحررت بالكامل بعد حرب يونية 1967، جري ذلك بالحرب تارة، أكتوبر 1973، وبالمفاوضات تارة أخري 1978 ــ 1982، وبالتحكيم تارة أخري ــ طابا 1988، وقد تعالت الأصوات في إسرائيل مؤخراً تطالب بإعادة احتلال سيناء مرة أخري بسبب الانفلات الأمني فيها بعد ثورة يناير 2011، ولكن صانع القرار الإسرائيلي يدرك خطورة ذلك جيداً علي الوجود الإسرائيلي ذاته، وقد جربت إسرائيل الجيش المصري في حرب أكتوبر 1973 التي اعتبرتها جولدا مائير، رئيسة وزراء إسرائيل، وقتها بمثابة يوم القيامة، وقال موشي ديان، وزير الدفاع الإسرائيلي، كلمته الشهيرة: »نحن لم نكن نخشي الهزيمة.. كنا نخشي الإبادة«، وبخلاف ذلك تنبأ المحلل السياسي الأمريكي كوردسمان بهزيمة إسرائيل في أي مواجهة مع مصر مستقبلاً، معللاً ذلك بقدرة مصر علي الصمود في الحرب لمدة طويلة في حين لا تحتمل إسرائيل حرباً لا تزيد علي الشهر أو الشهرين تسقط بعدها الدولة مباشرة، وإذا كانت أرقام مراكز الأبحاث العسكرية الدولية ترجح كفة القوات الجوية الإسرائيلية علي نظيرتها المصرية، فإن القوات البرية والبحرية وقوات الدفاع الجوي المصري هي الأكبر والأقوي في أفريقيا والشرق الأوسط، كما أكدت المناورة بدر للقوات المسلحة المصرية قدرتها علي خوض حربين إقليميتين في وقت واحد إحداها حرب نووية، وأكدت مناورة النجم الساطع 2001 تفوق الطيار المصري علي نظيره الأمريكي!! باختصار إسرائيل تخشي الحرب مع مصر بأي حال حتي لا تتكرر مأساة حرب 1973 مرة أخري.
- بعد 44 عاماً من هزيمة 1967، الجولان والضفة والقدس تحت الاحتلال، وغزة تحت الحصار الإسرائيلي، وسيناء الوحيدة المحررة بعد حرب يونية 1967.. والسؤال: بعد فشل مبادرة السلام العربية التي أقرتها قمة بيروت 2002.. متي تتحرر الجولان والضفة والقدس؟ ومتي يزول الحصار الإسرائيلي عن غزة؟
- هل نحن في حاجة إلي حرب أكتوبر أخري علي غرار 1973؟ هل نفتش في كواليس السياسة العربية بحثاً عن زعيم ملهم مثل السادات يرغم إسرائيل علي التفاوض والسلام؟
- هل تنجح الانتفاضة الثالثة في زلزلة الكيان الصهيوني ليظهر جيل إسرائيلي جديد من رحم كاديما والعمل والليكود يقبل مبادرة السلام العربية وتنسحب إسرائيل من كل الأراضي العربية التي احتلتها في يونية 1967؟
- هل تنجح الثورات العربية في تحديث البنية الاجتماعية والسياسية والفكرية العربية وتحقق الديمقراطية بما يجبر إسرائيل في نهاية المطاف علي قبول السلام العادل والشامل.
Comments