المحتوى الرئيسى

العزل السياسى الديمقراطى

06/10 08:11

أحلم، نعم أحلم، مع كل الطاقة الممكنة من التفاؤل، بانتخابات برلمانية نظيفة ونزيهة. انتخابات خالية من أسماء الأموات فى جداول الناخبين، لا تتدخل فيها أجهزة الشرطة لمنع جمهور مرشح ما من الوصول لصندوق الانتخابات، ولا يتحايل فيها المرشح على شروط الترشح بتزوير شهادة التجنيد أو المهنة... إلخ. ولأننى أحلم فلن تشهد الانتخابات المرتقبة - سبتمبر المقبل - أسلحة الفوز الشامل، أى: «المال والبلطجة»، ولن يبيع المواطن صوته لأحد، لأن هناك شهداء حرروا المواطن من كل أشكال الضغط وأولها الفقر!

وهنا تبرز الآلية التى أوصت بها لجنة النظام الانتخابى التابعة لمؤتمر الوفاق القومى، وأعنى بها «العزل السياسى» لكل من ساهم فى إفساد الحياة السياسية.

 العزل السياسى ليس بدعة ضد الديمقراطية، وليس اتهاما للشعب المصرى بأنه غير قادر على الفرز، أيضا ليس عملية انتقامية من قيادات الحزب الوطنى التى احتكرت الحياة السياسية وسممتها. إنه آلية تستلزم إصدار مرسوم بقانون من المجلس العسكرى يحدد الشروط التى تقتضى فرض الحظر السياسى على أى مواطن. وهى شروط يسهل حصرها، فمثلا من ثبت بحكم قضائى أنه دخل البرلمان بالتزوير لابد أن يُحرم من الترشح للمجالس البرلمانية لمدة محددة لا تزيد على خمس سنوات، كذلك من قبل «التعيين» بأحد المجالس النيابية بأمر الرئيس المخلوع سواء من قيادات الحزب الوطنى أم المعارضة، بالإضافة لمن أدين فى قضايا فساد مالى.

العزل السياسى ليس معناه إخراج المعزولين من المعتقلات وتحويلهم لأبطال، وعزل من كانوا يعيثون فى الأرض فسادا. بل هو ضرورة تفرضها المرحلة الثورية لخلق برلمان نظيف، وتدمير قاعدة «المجلس سيد قراره» التى كانت تنسف الأحكام القضائية، وهو أمر ينسحب أيضا على الأحزاب الوليدة التى يجب أن تكون أطهر من أموال رجال أعمال الحزب الوطنى، وأشرف من أن تصبح مجرد غطاء شرعى يتسلل من خلاله قيادات الحزب الوطنى المنحل للحصول على الحصانة! أعلم تماما أن الأعضاء العاديين من قاعدة الحزب الوطنى بينهم مواطنون شرفاء لم يتربحوا بكارنيه الحزب، لكن بينهم أيضا من هيأوا الدوائر لنواب الحزب المنحل!

 لقد بحت أصواتنا من كثرة المطالبة بقانون يحاسب على الفساد السياسى، لكن القانون لم يخرج للنور ومازلنا نتابع التهم «التافهة» التى تلاحق رموز عهد «مبارك» ولا أحد يحاسبهم على الخيانة الوطنية. لقد عمل رجال «مبارك» لثلاثين عاما على تفصيل القوانين على حجم مصالحهم، وحين جاءت لحظة محاسبتهم وجدنا القانون عاجزا عن تطويقهم. يتردد كثيرا أن معظم الملفات المفتوحة فى جهاز الكسب غير المشروع ستغلق دون إدانة أحد، فالقاعدة القانونية (البينة على من ادعى)!!

وهنا تبرز أهمية مجلسى الشعب والشورى، نحن لا نرتعش من فوز جماعة الإخوان المسلمين بالأغلبية خوفا من أن تنفرد بتشكيل الدستور الجديد، بل لأن المجالس النيابية مهمتها سن التشريعات إلى جانب مراقبة أداء الحكومة. فالدورة المقبلة منوط بها تنقية القوانين من المواد السالبة للحريات، ووضع إطار تشريعى يحفظ ديمقراطية الدولة ومدنيتها، ويغلق المنافذ القانونية المفتوحة لاستمرار مؤسسة الفساد وحمايته. العزل السياسى هو الحل إذا أردنا حياة سياسية سليمة، والمثير للسخرية أن شروطه تنطبق على بعض رموز معارضة «مبارك».. وتلك أحكام الديمقراطية!!

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل