المحتوى الرئيسى

صورة المقهى في شعر محمد علي الرباوي بقلم:د. محمد دخيسي أبو أسامة

06/09 17:46

صورة المقهى في شعر محمد علي الرباوي

من الذات إلى الواقع

إنجاز: د. محمد دخيسي



تقديم: الفضاء المكاني: التوسع والتشتت.

في الشعر تذوب المسافات، يخترق الشاعر الأمكنة والفضاءات، يحارب سلطة الحدود والمساحات. في الشعر أيضا يختار الشاعر أن يكون سيد مكانه، ويختار بقعة أرضية كي تصير أفقه وملاذه وملجأه.

والمتتبع للشعر المغربي المعاصر يلاحظ اهتمام أغلب الشعراء بمدن محددة، تستولي على شعرهم إما بصيغة مباشرة، أو عبر إشارات توحي إليها قصائدهم. وقد شكلت فكرة الحياة في المدينة/ الوطن/ البلاد/ الأرض.. فضاء شعريا بارزا عندهم. وتميزت نظرتهم بالتخوف من مستقبل مدنهم، ومن تحطم الذات وسط الحضارة المفتعلة. لذلك نجد مثلا الشاعر عبد الوهاب البياتي يربط بين المدينة وقلقه الوجودي، حيث يقول عن تجربته الشعرية: "أحسست منذ البداية بغربة الإنسان في العالم، ثم اكتشفت غربة الفقر ومنفاه، ثم كان علي أن أمر بتجربة الإبعاد نفسها لسنوات طوال ومعاناة أبعادها الثلاثة معا." وهو حديث ملفوف بصيغ التجرد الذاتي، والحلول في الأبعاد الثلاثة للنفي كما سماها، وهي أبعاد ترسخ فعل الانتماء واللاانتماء، وفكرة الغربة الوجودية...

وقد استطاع عزالدين إسماعيل أن يوضح علاقة الشاعر بالمدينة والفضاء المكاني من خلال محور (الشاعر والمدينة)، وربطها بتأثر الشعراء العرب بقصيدة (الأرض اليباب) لأليوث. وفي هذا السياق نقرأ للشاعر محمد علي الرباوي قوله:

كما اختفت بهذا الجسد المثقوب

أرض كنت في حلمي

أسميها بلاد الأندلس

ويقول في نص ثان:

حمامة.. بريشها الذي بلله خمر المساء

كانت تسوي فلكها في هذه الأرض اليباب

إذ يربط الشاعر حدث ضياع الأندلس بخراب تطوان (الحمامة)، ويجعلها قرينة خراب ذاتي.

وقد استطاع الشاعر الرباوي أن يكثف حضور المكان/ الأرض/ المدينة/ القرى.. وخاصة مدينة وجدة، وبعض المدن الأخرى (مكناس، البيضاء، فاس...) والقرى (خاصة تنجداد، أسرير موطنه ومنشأه..) وقد كان بالإمكان أن نطل على شعره من خلال بعض من هذه الرموز، لكن وقع اختيارنا على فضاء أكثر خصوصية وهو (المقهى). ويعود سبب الخصوصية إلى عاملين اثنين:

أولهما: كثرة النصوص المعنونة بهذا الحيز المكاني.

ثانيهما: جمع الشاعر لسبعة نصوص في ديوان (دم كذب) بعنوان (المقهى)، واختيار عنوان جامع بينها وهو (الكراسي).

1- المقهى: دراسة في العتبات.

عبرنا في المحور السابق من المكان العام، إلى المكان الخاص؛ وكان الهدف الوصول إلى الإشارات المكررة لدال (المقهى) في شعر محمد علي الرباوي، وقد نعتبره خصوصية مقصودة أثارها في ديوان (دم كذب)، حيث استطاع أن يجمع نصوصا تحمل العنوان ذاته (المقهى)، وهي مكتوبة ما بين 1975و 2005، وبين فضاءات مكانية مختلفة:

النص الأول: العيون (وجدة) 11/ 2/ 1975.

النص الثاني: فاس- 24/ 4/ 1984.

النص الثالث: فاس- 4/ 5/ 1999.

النص الرابع: ----- 27/ 5/ 2000. (عدم ذكر المكان)

النص الخامس: فاس- 25/3/ 2001.

النص السادس: ----- 5/ 3/ 2002. (عدم ذكر المكان)

النص السابع: وجدة- 31/ 5/ 2005.

والملاحظ في النصين اللذين لم يذكر فيهما مكان الكتابة، أن الشاعر يستعمل نفس الإشارة إلى كون المقهى هي المكان نفسه الذي يعتاد الجلوس فيه:

في القصيدة الأولى:

في ركنٍ من أركان المقهى

ألقيتُ بجسمي المكسورِ

إلى كرسيٍّ يعرِفُ كلَّ تفاصيلِ حياتي

وفي القصيدة الثانية يبدأها بقوله:

جسدٌ أصبحَ جزءا ً

منْ هذا الكـُرسيِّ المَنخورْ.

إذن، بالرغم من عدم تسجيل مكان كتابة النص، ولا فضاء وجود المقهى في النصين السابقين، تبقى الإشارة مقربة أكثر إلى حيز يتردد عليه الشاعر، ويمكن تغليب فرضية كونه مقهىً بمدينة وجدة..

بالعودة إلى النصوص القديمة التي سجل فيها محمد علي الرباوي حضور (المقهى)، نقرأ مقطعا من قصيدة (المناضل)، يقول فيها:

في هذا الليل، ابتلعَتـْنِي المقهى، أخـَذتـْني بينَ كراسِيها عصفوراً يبحثُ عن سكينٍ، كانت عينِي تتصفحُ كلَّ وجوهَ الزبناءِ، فإذا الرَّجُلُ الثائرُ يخرجُ من دائرةِ المجهولِ إلى دائرةِ المعلومِ الواسعِ، مَقعدُهُ يتوَسَّطُ رُوادَ المَقهَى..

ونلاحظ أنه يقرن دائما بين حالة المقهى بزبنائها ومقاعدها ونادلها في بعض الأحيان، وبين حالته النفسية والجدسية، وتأملات الشارع وناسه.. هي المواضيع الثلاثة التي يستغلها من أجل تفتيت الواقع وتشكيله وفق صورة مصغرة تجمعها زوايا المقهى.

يقول في أول مقطع من سلسلة قصائد المقهى:

مشغولة ٌ مقاعدُ المقهى زوالَ اليومْ

تـُزهِرُ في أعمَاقِ عُمقِها خَمائلُ العَيَاءِ الحارِّ

تـُحْرِقُ غلائِلُ الربيعْ

تـَدورُ وَسْطَهَا سِلالُ الهَمْسْ

يَحتضِرُ الحبُّ على أسِرَّةِ الظـِّلالِ

ما بينَ الأصَابعْ

يَظلُّ يُوليوزُ يُغازلُ الرِّجالَ في الشـَّوَارِعْ

فالشاعر يبدأها بذكر المقاعد الملأى بالزبناء، ثم يردفها بحالة الحَرِّ التي تنعكس على حرارة جسمه، لينتقل إلى دفء الشارع ورجاله. ويمكن أن نستطرد في ذكر هذه التراتبية في كثير من مقاطع القصيدة ذاتها، أو عبر نصوص أخرى. لكن نفضل أن نبحث في رمز المقهى ودلالته في شعر محمد علي الرباوي من خلال عناصر ثلاثة:

أولا: المقهى - المكان.

ثانيا: المقهى - الذات.

ثالثا: المقهى - الواقع.

2- المقهى: من الانتماء المكاني إلى غربة المكان.

الظاهر أنه لا يمكن الفصل بين المكان والذات في شعر محمد علي الرباوي، لكن عمدنا إلى ذلك من أجل التعريف أولا بسلطة المكان في شعره. ولتبرير اختياره المقهى مكانا تستحم فيه ذاته وتخرجه من فوضى المكان إلى روح الحياة. ولتقريب مفهوم المقهى في شعره ننطلق من مسلمة نعتقد أنها مفتاحُ خريطة الطريق الموصل إلى مقهاه.

حين نقول مقهى الشاعر، لا يمكن أن نبحث عن مكان محدد؛ كما لا يمكن أن نختار نوعا من المقهى. لأن الشاعر استطاع أن ينوع من شكلها عبر فترات حياته؛ إذ الانتقال من المقهى السبعينية، حيث الساقي يجوب شوارع المدينة باعثا الروح في أفرادها وأزقتها:

تموتُ المدينة ُ هذا المَسَاءْ

تـَظلُّ المَقاعِدُ هذا المَسَا تـَتـَحَرَّكُ

يَمتـَدُّ الصَّدى فـَوقَ رَمْلِ الشـِّفاهْ

وسبب الظمأ يعود إلى صعود السقاء إلى أعلى الجبل:

كان السَّقـَّاءُ على الجَبَلِ العَالي يَضْحَكُ

إنها مفارقة أولى، تثبت أن المقهى لم تعد توفي بغرضها، والهدف المتوخى منها. وقد استمرت الحالة هاته حتى في العقود الأخيرة حيث نستشعر الشاعر ظمآن وسط مقهاه، ولا تستطيع قهوته أن تلبي حاجته:

هوَ ذا الإبْريقُ يكادُ أمامي يـَنهارْ

مُرتعِشاً يـَتـَقـَدَّمُ نـَحْوَ يَدِي اليُمْنى

فـَإذا الفنجالُ يـَفيضُ دَمًا

تـَزحَفُ نحوَ فـَمِي المَشدُوهِ

وهو نفسه الإبريق سنة 1984، حين وجده الشاعر دما:

.. هل تدري أنَّ الرُّعبَ قدِ امْتـَدَّ مَشانِقَ ضَاحِكَة ً انـْدَسَّتْ في أعيُنِ كلِّ الخـَيْلِ انـَدَسَّتْ في جَوْفِ الرَّجْلِ لعَلَّ الشايَ الحُلوَ- وَأنتَ السَّاعَة تـَشـْرَبُهُ في هذا الرُّكنِ المَجنونِ- دَمٌ أوْدَعَهُ الإبريقَ شبابٌ يَتـَوسَّدُ أزهارَ قماماتِ الشارعِ..

إذن فالمكان (المقهى) غربة، أركانه تجمع كراسي الدهشة والفراغ والانشغال، رفات في زواياها، ولا تستطيع المقهى أن تضم الشاعر وزملاءه، كما لا تقوى على احتضان غربته وتسير به إلى بيعة مشتعلة تضمخ دماءه، وتزهر شوكة نخلته الظمآى، وتفتيت أحجاره الفوارة التي سجلها في كتب الشدة والخراب. والمقهى هادئة لا تشعر بدفء حياة زبنائها:

المَقـْهى هَادِئة ٌ كَالعَادَهْ..

مَا زالتْ كلُّ مَقاعِدِها

تـُصغِي يَا قلـْبِ إلى أحْلام الزُّبَنـَاءْ

ما زالتْ هذي الشـَّاشة ُ

تـَنـْشـُرُ أوْجاعاً

انطلاقا من هذه الزاوية، تنشر المقهى حزنها على ذات الشاعر، وتجعله يعيش الغربة ذاتها. وهذا ما يجعلننا ننتقل إلى المحور الثاني من أفضية المقهى المتعلق بالذات.

3- المقهى : الذات والغربة المكانية.

سبق الذكر أنه لا يمكن الفصل بين غربة المكان وغربة الذات عند الشاعر محمد علي الرباوي، غير أننا سنحط الرحل عند بعض المقاطع التي تثبت عزلة الذات في المقهى، وغربتها المكانية بعيدا عن كل الأحبة والأصدقاء وهو الأمر الذي يجعل الشاعر غيرَ عابئ بما يدور حوله من مناوشات ومحادثات داخل المقهى. وهو الباحث عن سر لحظة التأمل والتشرد الذهني في مقهاه.

وَحْدَك في هَذِي المَقـْهى. يـَشـْرَبُكَ الصَّمْتُ النـَّابـِتُ مِنْ أعْمَاقِكَ. في هَذي المَقهى وَحْدَكَ. يَمْخـُرُ يَمَّ العُمْر أزيزُ الزُّبَناءِ وَأنتَ هُنا في هَذا القـَبْو رَمادٌ وَخَمَائلُ أيَّامِكَ خَلفَ نـَوافِذِ هَاذي المَقهى تـَتـَأجَّجُ ريحا عَاتيـَّة ً..

فبالرغم من وجود الزبناء داخل المقهى، يعيش الشاعر حالة الوحدة والانعزال، وتصبح ذاته رمادا لا ينبعث، وخارج المقهى فوضى لا تبعث على الارتياح ولا تحفز على الخروج:

قـلِقا ً تـَرْمي وَجْهَكَ خارجَ بابِ المَقهى. يَلـْطـَمُكَ الصَّيْهَدُ ثمَّ تـَعودُ إلى مَقـْعَدِكَ المألوفِ تعودُ لتـَلقاهُ يَضُمُّ زَبوناً.

والحالة التي تثير الانتباه، هي جلوس الشاعر في الغالب وحيدا داخل المقهى. وإن ذكر بعضا من مرافقيه، إلا أن الوحدة تبقى هي المسيطرة على حالته النفسية، ولا يستطيع التملي بدفء المكان ودفء الجليس، ونشير هنا إلى مقطعين ورد فيهما ذكر الآخر معه:

المقطع الأول:

مَعاً على طَاولـَةِ المَقهَى

وَجْهٌ يـُناجِي فِي الدُّجَى وَجْهاً

كَأسَانِ مجْنونانِ صَامِتانِ صَمْتـَنَا.. قـَريبَانِ بَعيدَانِ وَيَسْمَعَانِ أصداءَ اللـَّظَى الـَّتي بِصَدْرِنا تـَأجَجَّتْ ونـَحنُ مَا احْتـَرَقـْنا..

المقطع الثاني:

فِي هَذي المَقـْهى

جَلسَا

شـَرِبَا كـَأسَيْنِ

وَمَا أبْحَرَتِ العَيْنانِ بـِتِلـْكَ العَيْنـَيـْنْ

كانَ الخوْفَ لـَهيباً يَتـَأجَّجُ بَينهُمَا

كانَ الخوفُ صَقيعاً يُزعِجُ هَاتينِ العَينينْ..

لنلاحظ أنه بالرغم من التباعد الزمني بين المقطعين، إلا أن الشاعر يحافظ دوما على الإيقاع النفسي نفسه، ويعطي ذاته الوحيدة والغريبة الدورَ الأساسَ في بناء نسيج الغربة الذاتية في شعره.

ويتضح مما سلف، أن الشاعر يعيش غربته الداخلية، غربة الذات وغربة المقهى، وغربة المجتمع عامة. كما أن شعره، ونخص بالذكر هنا محورنا الخاص بالمقهى، جاء ليعبر عن افتتانه بهذا المكان. وتـَظهر دلالة المقهى وتأثريها على نفسه من خلال كل النصوص المشار إليها سابقا. وللتأكيد فقط نضع القارئ أمام مقطعين اثنين:

أولا: في هـَذِي المقهى

ذاتَ مَساءٍ من أيامِ العمِر المتآكِلِ

ألقى المجنونْ

بِبَقايَا هيكلِهِ العَظميِّ إلَى

كُرسِّيٍّ نـَخَرَتـْهُ الريحْ

أسنَدَ عَينـَيْهِ إلى

دقاتِ القلبِ المَجروحِ

كانَ وَحيدا..

ثانيا: نادمْ قهوتكَ المُرَّة َ

في هذا الركنِ وَسَاقِ

لا هَذا..

لا َذاكَ..

سَيَدفعُ عنكَ مرارةَ مَا أنتَ تـُلاقِي

دُسَّ بَهِيًّا يَدَكَ اليُمنى

فِي جيبـِكَ اليُمنى

تـَخْرُجْ بِقصيدَةِ حُبٍّ

تـَتـَرَقـْرَقُ حينَ تـَجفُّ يَنابيعُ الثـَّرْوَهْ

إذ تنحصر كل معاني الأسطر الشعرية عند محمد علي الرباوي في الذات، وتنطلق من الذات لتعود إليها تارة أخرى. كما أن معجمه الذاتي حاضر بقوة من خلال عناوين الوحدة والغربة والألم والرهبة والرغبة والمرارة وغيرها...

4- المقهى: الواقع وتأثيرات الواقع.

أخيرا، وحتى نعطي الواقع حقه، باعتبار واقع الذات مرتبطا بحالة اجتماعية عامة؛ نشير إلى كون الشاعر محمد علي الرباوي اختار أن يتعامل معه من خلال ثلاث محاور أساسية.

أولها: الزبناء داخل المقهى.

ثانيها: النادل.

ثالثها: أجواء ما وراء باب المقهى.

بالنسبة للمحور الأول، استغله الشاعر انطلاقا من العتبة الأولى لقصائد المقهى، بإشارة إلى (الكراسي) التي توحي قـَطْعا إلى من يجلس عليها. ومن ثمة فهي في الغالب مشغولة ببعض الزبناء، وهي تعرف الشاعر كما تعرفه باقي أركان المقهى. لذلك أصبح وجهه مألوفا عند باقي رواد المقهى، وأضحى وجوده مقترنا بجلوسه وحيدا في ركن من أركانها. يقول في أول مقطع من أول قصيدة:

مشغولة ٌ مقاعِدُ المقهى زوالَ اليومْ

تـُزهِرُ في أعماقِ عُمقِها خـَمائِلُ العَياءِ الحَارِّ

لِينهِيَ القصيدة بمقطع مماثل:

مشغولة ٌ مقاعدُ المقهى صباحَ اليومْ

تزهرُ فوقهَا ضفائِرُ النـِّساءْ

فالمقاعد، سواء صباحا أو مساء تبقى مشغولة برواد من مختلف الأجناس والأعمار، تختلط لديهم الحالة النفسية بحالة الوضع والواقع.

بالنسبة للعنصر الثاني الخاص بالنادل، خصه الشاعر بذكر حالته اليومية المعتادة حينا في إشارة إلى عمله:

جسَدٌ أصبحَ جزءا ً

منْ هذا الكرسِيِّ المَنخورْ.

طاولة ٌ. حَطَّ عليهَا النـَّادلُ

هذا الإفطارَ المُعتادْ:

فهي إشارة واضحة إلى عمل يومي يقوم به النادل مع كل رواد المقهى. لكن الأمر اللافت في شعر الرباوي، هو استغلاله حالة النادل السلبية، باعتباره لا يشارك هموم رواده، ولا يخرج الشاعرَ من وحدته وغربته وسط أدغال المقهى/ الحياة. لذلك نجده يختار في كل الحالات حلا واحدا هو الهروب دون انتظار ما سيؤول إليه الوضع داخل المقهى.

وقد استطاع الشاعر أن يقرن بين النادل وحالة الفرار في مقطعين اثنين، وهما المقطعان الوحيدان اللذان ذُكرا فيهما النادل، إضافة إلى مقطعين يذكِّر بوظيفته المعتادة.

يقول عن هروب النادل:

.. فإذا المقهى حَطبٌ

يُشـْوَى جَسدانِ بنارِ تـَنبُعُ منْ أعماقِهْ

وإذا النادِلُ خلفَ زُجاجِ البابْ

يَخلـَعُ نـَعلـَيْهِ

يَدُسُّهُمَا في كـَمَّيْهِ

ويمضي..

إذ نلاحظ التحاق النادل بالواقفين خارج المقهى، واندماجه بالفارين منها:

كانتْ عَيناهُ على الجَسَدينِ

المُشتـَعِليْنِ

المُحْتـَرقـَيْنِ

الفـَارَّيْنِ

بَعيداً بـِرَمادِهمَا المُغـْبَرِّ

إلى جُزُرٍ في عُمْقِ الصَّحْراءْ

ويقول:

في الركْنِ الأيمَنِ، قـُرْبَ النافذةِ المَفتوحَةِ

طاوِلتانِ.

لـَمْ يـَلـْحَقْ بالطاوِلتـَيْن زَبونانِ أليفاِن

عزيزانِ على النـَّادِلْ

هُوَ ذا يَحمِلُ فِنجانـَيْنْ

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل