البيت النفادي
طبعا من الممكن ان يكون البيت المتهاوي.. أو البيت الساقط وليس النفادي فقط أي الذي ينفد علي حارة أخري !! انه البيت الذي كنا نعيش فيه كلنا. »مصر« بيت ظالم .. لا إنسانية فيه ولا رحمة ولا أمل !! هو عرض صغير من عروض مسرح الشباب، حالة إبداعية شبابية خالصة.. المؤلف الشاب محمد محروس قدم نصا واعيا قال فيه كل شىء بكل اشكال وأساليب المسرح المختلفة في بساطة ويسر.. وانتقل من حالات ومواقف صغيرة .. حتي التصاعد الأخير وهو قمة الألم أي انه انتقل بنا من ألم إلي ألم حتي الآلم الأخير فالعذاب الذي يعيش فيه أهل الحارة لا ينتهي ولا خلاص منه؟ حتي من سافر ليعود في حال أفضل .. أما أن يموت أو يعود محطما فاقدا للكرامة والحياة؟! وعندما يحاول الطفل الصغير ان يقتل من يعذبه ويغتال براءته!! يحدث الخطأ ولا يموت أحد الأشرار المفسدين في الحارة، بل عابر سبيل.. لا نعرفه.. حالة متشائمة شديدة السواد.. فكيف قدمها مخرج العرض الشاب كريم مغاوري لقد فهم العرض تماما وكان كل مشهد يقدمه يشي ويعلن عن مخرج متذوق ولديه فهم ودراية كبيرة لعناصر المسرح المختلفة .. فقدم كل العناصر في تألق وجمال خاص بها ومناسبة للقاعة .. الديكور .. الملابس الإضاءة الموسيقي في تناغم وتصالح تام .. ولكن كان التحديد الأكبر بالطبع لأي مخرج هي القاعة الصغيرة وكيفية تحريكه للممثلين في هذا المكان الضيق المحدود جدا.. فكانت الحركة سلسلة درامية وواعية .. لا تزايد فيها ولا اختصار مخل بل تكثيف مناسب ومؤثر.. أما التمثيل وهو حجر الزاوية في العرض المسرحي فكان رائعا.. عناصر شابة واعدة ودواعية قادرة علي التأثير في المتفرج بأقل الايماءات والحركات بعيدا عن اشكال التمثيل المسرحي المتعاون عليه، فالجمهور ملاصق للمثل يري خلجاته ويسمع دقات قلبه، فكان التمثيل أقرب إلي تمثيل اللقطات التليفزيونية أو السينمائية والحقيقة انهم جميعا نجحوا بجدارة في هذه الحالة .. الصعبة فرغم المواقف التي يحتدم فيها الصراع وتلتقي فيها الأجساد وترتفع فيها الأصوات .. ظل الجميع محافظا علي الايقاع الصعب في القاعة الأصعب ... كل واحد فيهم بطريقته والشخصية التي يقدمها وحضورها؟!بيننا نحن المتفرجين الذين نكاد نشاركهم في الحدث!! من شدة التلاصق والاقتراب .. وهذا إن دل يدل علي وجود مخرج واع يحسب كل شىء بحساب فني دقيق . تحية إلي الجميع لقاء الصيرفي ، فادي يسري، أحمد مجدي، أحمدعثمان، مريم البحراوي، نهي العزبي، محمد مبروك، محمد درويش، سامية فوزي ، والمنشد عبده زغلول الذي احدث حالة من الشجن متآلفة ومكملة للمجموعة بصوته الشعبي الشجي.ولكن وآه من لكن .. آتساءل بيني وبين نفسي هل فعلا كانت نظرة شباب مصر قبل ثورة 25 يناير تحمل كل هذا الأسي والمرارة واللاجدوي .. فإذا كانت كذلك كيف استطاعوا القيام بهذه الثورة التي تحمل اصرارا وعزيمة وأملا كبيرا!! انها مفارقة إنسانية وليست مسرحية فقط.******** هذا العرض مكانه خشبة كبيرة .. فهو عرض كبير في قاعة صغيرة.******* قد لا أحب الطرح التي طرحته المسرحية وقد لا أتفق معه .. ولكني أعجبت بكل من شارك فيها، فهم شباب واعد يعطوني أنا شخصيا أملا كبيرا في المسرح المصري الذي تعرض لضربات موجعة ومتعمدة من أجل القضاء عليه.. ولكن هاهم نبت أخضر جميل يظهر وسط الحشائش الضارة والأشواك فأهلا بكم.
Comments