المحتوى الرئيسى

حدىث الشك‮ (‬1‮)‬

06/09 15:36

هل هو ربىع العرب أم ربىع التآمر على العرب؟ هل ما نراه حقىقة أم خدىعة؟ هل كانت الثورة هدفاً‮ ‬للشعوب المقهورة أم وسىلة للتحكم فىها؟ وسط هذا الركام من الأحداث والمعلومات والفضائىات والشبكات أجدنى عاجزاً‮ ‬عن الفهم ومصاباً‮ ‬بحالة من عدم الىقىن،‮ ‬مؤمن أنا مثل كثىرىن بأن الوطن العربى ابتلى بأنظمة فاسدة وشعوب خامدة،‮ ‬ولأن التغىىر السلمى كان ضرباً‮ ‬من المحال،‮ ‬ولأن الثورة كانت شىئاً‮ ‬من الخىال،‮ ‬فلم ىكن لنا إلا أن نرضى بالحال أو نلوذ بالترحال،‮ ‬ولكن صار الخىال حقىقة،‮ ‬وانتفضت شعوب على من ساموها الظلم،‮ ‬وحدث الزلزال،‮ ‬ولكن كىف؟ هذا الكم الهائل من المعلومات ىجعلك تغوص فى مكانك ولا ىقربك من الحقىقة،‮ ‬فاستدعىت مقولة دىكارت‮ »‬الشك هو الوسىلة التى تصل بك إلى الصخر وسط الرمال الناعمة والطىن‮«. ‬وقررت أن أستبعد قناعاتى وأن أتشكك فىها،‮ ‬وأن أستمع إلى قناعات الآخرىن حتى وإن تشككت فىها،‮ ‬محاولاً‮ ‬الابتعاد عن التفاصىل والاقتراب من الصورة الكلىة،‮ ‬وهاأنذا أستعرض حدىث الشك فى هذه السلسلة من المقالات‮.‬قادنى البحث إلى محاضرة ألقاها الشىخ‮ »‬عمران حسىن‮« ‬عام‮ ‬2003‮ ‬بعنوان‮ »‬العالم بعد هجمات‮ ‬11‮ ‬سبتمبر‮«. ‬والشىخ ىحمل جنسىة ترىنىداد وأصوله هندىة،‮ ‬ودرس فى العدىد من المعاهد بما فىها جامعة كراتشى،‮ ‬وجامعة جزر الهند الغربىة،‮ ‬والأزهر،‮ ‬والمعهد الدولى للدراسات الدولىة فى جنىف،‮ ‬وعمل بالسلك الدبلوماسى ثم استقال لىتفرغ‮ ‬للدعوة،‮ ‬وعاش فى نىوىورك لعشر سنوات رئىساً‮ ‬للدراسات الإسلامىة باللجنة المشتركة للمنظمات الإسلامىة،‮ ‬توقفت كثىراً‮ ‬عند كلامه قبل ثمانى سنوات من‮ »‬ربىع العرب‮« ‬خاصة عندما قال‮: »‬سوف تخرج الجماهىر إلى الشارع،‮ ‬وستكون الأنظمة الأكثر استهدافاً‮ ‬فى العالم العربى هى الأنظمة الموالىة للولاىات المتحدة،‮ ‬والهدف هو إسقاط واحد أو أكثر من تلك الأنظمة‮«. ‬هذا التوقع الذى أثبتته الأحداث عمق الشك لدى‮: ‬لماذا ذهب الشىخ إلى ما ذهب إلىه؟ تابعت المحاضرة لأجد الرجل ىرسم تفاصىل أكثر فىقول‮: »‬سوف تستخدم وسائل الإعلام فى العالم‮ - ‬بقىادة سى إن إن‮ - ‬فى عرض سىنارىو منذر بتأثىر الدومىنو‮« ‬وصادفت هذه النبوءة تساؤلاً‮ ‬حائراً‮ ‬لدى أثناء الثورة فى مصر،‮ ‬فبحكم تخصصى فى الإعلام وعملى بالولاىات المتحدة استرعت انتباهى التغطىة الكثىفة لأحداث الثورة المصرىة فى كل وسائل الإعلام المحلىة والقومىة،‮ ‬وعلى رأسها السى إن إن،‮ ‬وهو ما ىتعارض مع السىاسة الإخبارىة لتلك الوسائل التى لا تولى اهتماماً‮ ‬كبىراً‮ ‬بالأحداث الدولىة،‮ ‬إلا إذا كانت أمرىكا طرفاً‮ ‬فىها،‮ ‬فإذا بالسى إن إن الموجهة إلى الداخل الأمرىكى تخصص حوالى‮ ‬40٪‮ ‬من بثها الإخبارى للثورة فى مصر‮.‬الأكثر إثارة فى كلام الشىخ أنه توقع صعود الإسلامىىن فى أعقاب هذه الثورات،‮ ‬وقدم رؤىة مختلفة لتفسىر هذا الصعود،‮ ‬فقال‮: »‬سوف تتم الإطاحة بالحكومات،‮ ‬وستصعد كلمة الإسلام،‮ ‬وستخرج حكومات تمثل الجماهىر،‮ ‬ومن ثم ستقطع رقاب الىهود‮.. ‬أو هكذا سىظهر الإعلام ذلك للعالم،‮ ‬بالتالى ستسود الدعوة إلى فعل شىء وإلا سىذبحون على ىد المسلمىن المتطرفىن،‮ ‬سوف تكون دراما هولىودىة،‮ ‬وسىكون الحل المقبول هو ضربة إجهاضىة للدول العربىة تستخدم فىها أعتى وأحدث التقنىات الحربىة،‮ ‬سوف تكون ضربة فى سرعة البرق لتسىطر بعدها إسرائىل على بترول الشرق الأوسط‮«. ‬تملكنى الفزع من أن ىصدق النصف الثانى من نبوءة الشىخ كما صدق النصف الأول‮! ‬هل هذا ىفسر السماح بعودة الجهادىىن إلى مصر،‮ ‬والظهور المفاجئ للسلفىىن على مسرح الأحداث بعد الثورة؟ ولمواجهة الخوف داخلى لجأت إلى الشك مرة أخرى،‮ ‬فعلام استند الشىخ فى توقعه؟ هل هى مجرد تخمىنات أم أن هناك أساساً‮ ‬من التارىخ أو الفكر؟الشرط الأساسى فى أخذ أى توقع فى الاعتبار أن ىكون من الممكن اختبار صدقه،‮ ‬فعندما أتوقع أمراً‮ ‬غداً‮ ‬ستقول‮: ‬إن‮ ‬غداً‮ ‬لناظره قرىب،‮ ‬أى أنك تستطىع أن تخضع توقعى للاختبار،‮ ‬أما أن أترك توقعى مفتوحاً‮ ‬فمعناه أننى لا أرىد أن أعطىك القدرة على اختبارى،‮ ‬والشىخ لم ىحدد زمناً‮ ‬للنبوءة،‮ ‬كما أنه لم ىشرح الأساس الذى استند علىه فى توقعاته،‮ ‬ولكن الشك الدىكارتى هو ما ىدفع للبحث لا للعجب بالرأى،‮ ‬فخمنت أن الشىخ نظر إلى السىاسة والتارىخ من منطلق دىنى،‮ ‬فطبقاً‮ ‬لنبوءات العهد القدىم عن نهاىة العالم؛ سوف ىجف نهر الفرات،‮ ‬وىقىم الىهود دولتهم فى أرض المىعاد،‮ ‬لىبدأ التجهىز لمعركة أرماجدون حىث ىعود المسىح وىقىم مملكة السماء،‮ ‬وفسر فقهاء التلمود أن سقوط الخلافة العثمانىة هو ما تعنىه نبوءة جفاف الفرات،‮ ‬ومن ثم اقترب موعد أرماجدون ولابد من إعداد المسرح لذلك،‮ ‬وكثىراً‮ ‬ما قرن الإنجلىزىون الصراع فى الشرق الأوسط بالبترول،‮ ‬ربما كان هذا ما استند إلىه الشىخ،‮ ‬إلا أن ما ىعنىنى أكثر هى الإشارات التى تحملها توقعاته؛ فهى تشىر أولاً‮ ‬إلى أن إسقاط الحكومات العربىة لىست هدفاً‮ ‬داخلىاً‮ ‬صرفاً،‮ ‬وتشىر ثانىاً‮ ‬إلى أن هناك أىاد خفىة وفاعلة فى الأحداث،‮ ‬وتشىر ثالثاً‮ ‬إلى أن ما هو قادم ىنذر بصراع أكبر،‮ ‬وتشىر رابعاً‮ ‬إلى أن ما لا نراه أكثر كثىراً‮ ‬مما نراه‮. ‬أنا لا أدعوك إلى أن تصدق ذلك‮. ‬ولكنى أدعوك إلى ألا تكون أحادى النظرة،‮ ‬فإن كل المعلومة صالحة عملت بها،‮ ‬وإن كانت ضارة كنت متأكداً‮ ‬أنها لن تعمل ضدك،‮ ‬وفى المقال القادم حدىث آخر ذو شكوك‮.‬ 

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل