المحتوى الرئيسى

خمر حلال!! بقلم سعد تركي

06/08 22:49

قبل حوالي عام، دعا مؤسس شركة مايكروسفت للبرمجيات ـ بصفته واحداً من أثرياء العالم ـ أقرانه من فاحشي الثروة إلى التخلي عن نصف أملاكهم لصالح مؤسسات وجمعيات خيرية وإنسانية.. دعاهم لمشاركته جنونه في إنفاق مال جمعه بعبقريته الفذة وذكاءه اللامع وكده وكفاحه على أناس لا يعرفهم ولا تربطه بهم صلة إلا كونهم بشراً. ويروى أن فندقاً مصرياً فخماً استبشر عاملوه حين علموا أن مؤسس مايكروسفت بيل غيتس سيحل ضيفاً عليهم فقد حسبوه كأثرياء العرب يوزع البقاشيش أوراقاً خضر يميناً وشمالاً وسينفق ثروة طائلة تتناسب مع حجم حساباته المصرفية الضخمة وسيقيم ليلة حمراء في أفخر صالات الفندق ذي النجوم الخمس! بيل غيتس دخل وخرج من الفندق من دون أن يراه أغلب العاملين ولم يغادر غرفته إلا حين قفل عائداً إلى المطار، لم يطلب ـ اشكد إعصاره ـ طعاماً، مكتفياً بشطيرة كانت في حقيبة صغيرة بجانب حاسوبه الشخصي!! وعلى شدة بخله فقد تبرع بثمانية ملايين دولار (كما أذكر) لصالح أبحاث طبية لعلاج مرض الإيدز الذي يفتك بملايين الأفارقة الفقراء سنوياً!! أستذكر هذا وأنا أقرأ عن زجاجة خمر (حلال) ثمنها خمسة ملايين دولار فقط، صنعت خصيصاً لأشقائنا الذين يحرمهم الإسلام من شرب المسكرات.. زجاجة ليس ثمنها فقط فيما تحويه من سائل عُتّق لأعوام عديدة، وصنع يدوياً ـ كما يقول الخبر ـ إنما في زجاجة من الكريستال المرصع بالجواهر والماسات المتلألئة الثمينة.. أستذكر هذا وأتذكر دعوة الشاعر الراحل نزار قباني لبيع سيارة كاديلاك وشراء عقل! بيل غيتس يزدري المال حين لا يكون مثمراً ومفيداً وهو يدرك أن الغنى غنى النفس التي تنشغل بجوهرها لا بقشرتها.. يدرك أنه امتلك الآلة التي جلبت له الثروة والمكانة فهو قد امتلك العقل ومعه حس انساني مرهف.. وفي حين شارك المرضى والجوعى بأكثر من نصف ثروته فإن أثرياءنا ينفقون الأموال على ملذات بهيمية حتى ليكاد المرء يجزم أنهم ـ لو استطاعوا ـ لاتخذوا العبيد والجواري كما كان يفعل السلاطين وخلفاء بني أمية والعباس!! ينشغل العالم المتحضر بكل ما يخفف عن الإنسانية أوجاعها وأمراضها وعللها ويفتح نوافذ للعقل والروح.. وينهمك الأعراب بالإنفاق لتشييد أعلى برج وأكبر قطعة حلوى وأضخم ملعب رياضي لندخل موسوعة غينيس كأكبر وأثرى أمة ما زالت منذ سقوط بغداد تضحك من جهلها الأمم.. يتلهف أثرياؤنا لشرب الخمرة الحلال متجاهلين أنهم لن يسكروا أبداً، فالسكرة إنما تصيب العقل، وحيث لا عقل.. لا سكر أبداً!!

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل