المحتوى الرئيسى

ثورة الآجر الأحمر في قلب حي مايفير اللندني

06/08 09:39

عندما يفتتح النصب المائي الذي صممه المهندس المعماري الياباني تاداو أندو، الذي تنساب المياه على جدرانه الزجاجية، خارج «كونوت هوتيل» هذا الصيف، سيمثل مظهره الأنيق صحوة على مستوى لندن بأكملها. وقد تحول حي مايفير، أو ماي فايري، وهو الاسم الذي أطلقته المنطقة التاريخية على نفسها مع احتفالها بعيد ميلادها الـ325 هذا الشهر، مرة أخرى إلى منطقة أنيقة عصرية، وليس أدل على ذلك من جهود تجديد ماونت ستريت. وتحولت المباني القائمة على النسق الفيكتوري، التي يرجع تاريخ تصميمها إلى عام 1887 بما تتميز به من واجهات مزدانة برسوم مركبة وزخارف منحوتة وحليات لولبية الشكل مطلية بلون السرطان البحري، إلى مراكز لتسوق أثرياء المدينة. مما يتعارض مع أزواج الأحذية الغريبة المعروضة في متجر «نيكولاس كيركوود» الجديد أو اللحوم المعتقة وبيض النورس المعروض في محل «ألينز» للجزارة، الذي يعد من السمات المميزة لماونت ستريت منذ 120 عاما. وربما تعجز المنطقة عن الحفاظ على مزيجها الحالي ما بين المتاجر العتيقة وأشهر العلامات التجارية العصرية مثل «مارك جاكوبس» (الذي بدأ موضة ماونت ستريت)، ومحال تصفيف الشعر الشهيرة التي يرتادها أثرياء المدينة، ومتجر «ستيفين وبستر» للمجوهرات والحلي، ومطعم «سكوتس» (الذي ترتاده مادونا أثناء وجودها في المدينة). وقد نجح هذا الشارع، البعيد عن دائرة الضوء، بالفعل في خلق ثورة للآجر الأحمر. الملاحظ أن هذا الملاذ الآمن للرفاهية، الذي يجتذب العملاء المحليين المتأنقين، يخلق نمطا من التسوق مختلفا عما توفره المراكز التجارية الكبرى الموجودة في بوند ستريت، وإن كانت هناك شائعات حول عزم رالف لورين على الانتقال إلى ماونت ستريت. وعلق ستيوارت فيفرز، مصمم لدى بيت «لو» الإسباني للمنتجات الجلدية، بقوله: «إنها مدرسة قديمة تدور حول لندن الساحرة التقليدية، حيث تتميز شوارع التسوق بطابع مميز لها». يذكر أن «لو» افتتح متجرا له في ماونت ستريت يقع في الجهة المقابلة من متجر الجزارة، بينما يطل بواجهة أخرى على غرفة شمسية من الزجاج في كونوت. أما نيكولاس كيركوود الذي يملك سلسلة متاجر كبرى تحمل اسمه، فيتحدث عن ماونت ستريت باعتباره «قرية». وقال: «رغبت في أن يكون المتجر في مايفير، لا في نونتنغ هيل أو إيست إند. هذه منطقة يفد إليها كثير من الناس». ومن بين أحدث إبداعات كيركوود حذاء شديد الارتفاع صممه لحساب علامة «لودارت» التجارية الأميركية، وحذاء استوحاه من أعمال كيث هارينغ. ومن بين الأسماء اللامعة التي يحتضنها الشارع: «لانفين» (الذي يتميز متجره بنوافذ عرض لافتة بتصميمها الغريب وبوابته الحديدية الضخمة)، و«بالينسياغا» (الذي لا توجد لديه أي نوافذ عرض لإغواء العملاء)، و«غويارد» (بحقائب السفر المميزة التي يعرضها على الرصيف)، و«ماكنتوش» صاحب الطابع البريطاني المميز، و«أنك غوتال» الفرنسي للعطور، و«ويليام آند صن»، وهو المتجر المفضل لدى الملكة لصنع الأسلحة والحلي، و«كريستيان لوبوتان»، صانع أحذية النجوم. ويضم المزيج أيضا متجرا شهيرا متخصصا في بيع السيجار يتميز بعرضه تماثيل لونستون تشرشل، ومعرض سيارات طراز «بورشه»، ومحال لتصفيف الشعر مثل «نيكي كلارك» و«جو هانسفورد»، مما يضيف لتنوع ماونت ستريت. والآن، ماذا عن العملاء؟ يصر أصحاب المتاجر على أن الكثير من عملائهم «محليون»، لكن هذا الوصف يحمل أصداء خاصة في مايفير الذي يعد ملاذا مفضلا لمن لا يقيمون كل الوقت في إنجلترا. وقد نجحت هذه الأسر الثرية، المتمتعة بإعفاء ضريبي داخل بريطانيا، في خلق «طبقة عليا» جديدة بعيدة للغاية عن طبقة الأرستقراطيين الذين امتلكوا – تاريخيا - قصورا أو شققا في المنطقة. من جهته، أوجز المصمم رولاند موريه، الذي يقع منزله في كارلوس بليس (الجهة المقابلة لكونو)، وهو منزل ضخم مبني على طراز «آرتس آند كرافتس» الزخرفي، حقيقة العملاء الذين يلتقيهم ويحييهم بتناول قدح من القهوة والجلوس معهم إلى طاولة عتيقة، بقوله: «إننا نعاين نمطا جديدا من الرفاهية يتسم بطابع أكثر خصوصية، وعملاء يرغبون في جعل تجربتهم في التسوق أكثر راحة. إنهم أناس يملكون منازل في مايفير، لكنهم يسافرون كثيرا، وقابلت بعض العملاء الذين يشترون من القطعة الواحدة اثنتين أو ثلاثا من أجل المنازل المختلفة التي يملكونها». ويمكن إيعاز نجاح ماونت ستريت في جزء منه إلى تحول مجتمع لندن من أرستقراطيين محليين إلى مصرفيين دوليين إلى أثرياء غير مقيمين في البلاد بصورة دائمة، ويجتمعون في أماكن مثل «هاريز بار» و«جورج»، وكل منهما يقع في ساوث أودلي ستريت. إلا أن الدافع نحو التغيير جاء مباشرة من جانب القائمين على «غروسفنر إيستيت»، وهم الملاك الأرستقراطيون لمساحات واسعة من مايفير. وتحولت المجموعة الآن إلى مجموعة عقارية دولية بحقيبة تبلغ 300 فدانا، أو ما يعادل 120 هكتارا، وأصول تبلغ 10.2 مليار جنيه إسترليني، ما يعادل 16.6 مليار دولار. منذ عامين، وبالتعاون مع «ويستمنستر كاونسيل»، شرع مالكو الأرض في تجديد ماونت ستريت، الذي كانت غالبية مبانيه «مدرجة»، مما يعني أن واجهاتها وتفاصيلها المعمارية التاريخية يتعذر تغييرها. لكن العامل المحفز تمثل في كونو وأعمال التجديد التي قام بها والتي ألهمت مجموعة الفنادق للعمل على دفع المنطقة المحيطة بأسرها للارتقاء إلى المستوى ذاته. وكانت المحصلة عملية «تجديد» لماونت ستريت، الممتد من بيركلي سكوير غربا نحو هايد بارك. وتضمنت أعمال التجديد إعادة تمهيد للطرق، وتحسينات أخرى ذات طابع جمالي، مثل تنظيم إشارات المرور. ولا يزال صانع المجوهرات ستيفين وبستر، الذي يقع متجره في موقع استراتيجي على الجهة المقابلة من مطعم «سكوتس»، يذكر البطء الشديد الذي اتسمت به أعمال تجديد وإعادة تمهيد الطريق. وقال وبستر: «الآن.. يبدو الشارع جيدا للغاية، بل وممتازا، لذا يسهل نسيان أنه حتى بضعة شهور ماضية كانت أعمال إصلاح الطريق تجعل من المتعذر على الناس السير فيه. لقد كان من المستحيل تقريبا الدخول إليه». ويرى وبستر أن سر نجاح ماونت ستريت، الذي تزيد أعداد السيارات المتحركة فيه على أعداد المارة، يكمن في أن «جميع المتاجر تقريبا تعتمد على السمعة وليس البيع للمارة بالصدفة. ويتسم المرور بجودة مرتفعة، مما يعني أن ضآلة المارة لا تعني بالضرورة ضعف الحركة التجارية». لكن يبدو أن حالة الهدوء الراهنة لن تستمر كثيرا، ذلك أن هناك متاجر منيت بالفشل مثل «وندركايند»، بينما تتسابق علامات تجارية فاخرة أخرى على إيجاد موطئ لها داخل الشارع، مما أدى إلى ارتفاع شديد في أسعار الإيجارات. الواضح أن فكرة التسوق الأقل بهرجة وجذبا للانتباه أصبحت بالفعل من السمات المميزة في القرن الـ21، مع تنفيذ مشاريع ترميم لمراكز مدن تاريخية مثل موسكو. المؤكد أن ماونت ستريت قد قطع بالفعل شوطا طويلا على هذا الطريق. * خدمة «نيويورك تايمز»

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل