المحتوى الرئيسى

فياجرا سياسية

06/08 08:13

لم يكن ابن تلك الأسرة الصديقة سوى كائن فاشل تعذّر عليه إتمام دراسته، مما حدا بوالده لأن يضمّه إلى شركته لعلّه ينجح فى مجال التجارة، لتكون النتيجة «فاشل بامتياز». فلم يكن يجيد سوى السهر ومطاردة الفتيات ومصاحبة رفاق السوء، حتى جاء قرار طرده من بيت الأسرة، فيتجنبه الجميع بأمر من والده.. وفى فترة ضياع وجوع وعطش رمى بـ(صنارته) فى بركة مياه عكرة انعكست على صفحتها صورة رجل هلامىّ الملامح لم يكن سوى (عبده مشتاق) حاملا مصباح التزلف والنفاق المنقوش بطقوس التعبّد فى بلاط الأمريكان وأصحاب السلطة ليسلّمه إياه يضىء له دروب الحظ المعبّدة بالادّعاء والخداع.. يتبختر بخطوات بهلوانية تقوده إلى عالم السياسة يقتحمه من أبوابه الخلفية تحدوه رغبة شديدة وشبق أشدّ فى تبوّؤ ثمّة مكان فوق القمّة السلطوية، ليذهب فى غيبوبة وهمية إثر التهامه حبوب (الفياجرا السياسية) التى صارت موضة يتسابق إليها من تعوزه الثقة ويخذله الطموح السوىّ، يعوّضها بالتسلّق على أكتاف الوطن والأحداث والآخرين، تزيد من فاعليتها الفضائيات المتهالكة على استقطاب الكثير من هؤلاء البراجماتيين الملقّبين (نشطاء سياسة) المُقَرّرين المكررين صوتا وصورة وموضوعا، ممن هدّل أوداجهم التكرار والجدل العقيم وطعنهم بنوايا الآخرين وخصوصياتهم، وما يكيلونه من مديح لأنفسهم وخبراتهم وما يقدمونه من نظريات وتحليلات ليست إلا أقوالاً مسمومة ذات ضرر على المتلقى البسيط.. هؤلاء الذين لمعهم الإعلام التجارى الخاضع لأهواء أصحاب القرار فى أوطان بلا دساتير أو قوانين تكفل وتحمى الرأى الآخر.. والكارثة أنهم كلّما أفرطوا فى تناول الفياجرا السياسية منتهية الصلاحية زاد التخبط المؤدى بهم إلى نوبات إحباط وانعدام توازن. بسبب فقدانهم قواعد اللعبة السياسية الحقيقية.. جاهلين أن الناشط السياسى ليس هو مَن يدلى بما لا تعرف له أولاً وآخر، وليس هو الإرهابى، وليس هو مَن ينتسب للمنظومة الحزبية مكمّلا العدد المطلوب وليس هو الراكب فوق الموجة.. وليس هو الـ«بلا مرجعية» ولا فكر ولا معيار. الناشط السياسى الحقيقى هو ذو الخبرة والمقوّمات الفكرية والحس الوطنى المؤثر فى عملية التغيير والإصلاح الوطنى والاجتماعى.. هو الإيجابى المتابع الفعّال فى كل ما يتعلق ويتصل بوطنه ومجتمعه فكرا وقولا وفعلا.. المشارك فى إيجاد الحلول لكل ما يعترض الوطن من مشاكل مادية ومعنوية.. وهو صاحب الرؤية والنظرة النافذة إلى زوايا الوطن المعتمة، يحمل قنديل الحب، يضيئها بنور الفكر والعمل الجاد. وهو صاحب الأدوات الثقافية والمرجعيات والمعايير التى تؤهله لصياغة النظريات والحلول والقرارات التى تعزز مصداقيته.. وهو متبنى الحوار الجاد والتوصيات القابلة للتنفيذ.. الباحث عن كل سبل توعية العامة من الجمهور لما يحيط بهم من متغيرات وتثقيفهم لمواجهة المراحل القادمة.. وهو صاحب المشروع السياسى والأمنى والاقتصادى الأهم فى مرحلة الفوضى والغوغاء واللهاث نحو الشهرة والأضواء واقتناص الفرص والبحث بين صيدليات السياسة عن (فياجرا الوهم). إليك.. يا آخر النذور.. وآخر الكفّارات.. اخترتك خاتمة تنكمش عند قدميك البدايات خجلا.. ارتضيتك ذراعى أمان تحملان ما بقى من العمر من عوالم الوهم إلى عالم النور والحقيقة.. أرتشف الحب قطرات ندىً سابحة فى موجات عرقك العنبرى الناضح من جبين الكبرياء.. تسافر بى إغفاءة مطمئنة على همس صوتك الدافئ وأريج أنفاسك إلى.. آخر محطّة حبّ حقيقىّ.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل