المحتوى الرئيسى

ضريبة الدخل.. تنموية الاستثمار الأجنبي نحو مجتمعنا المدني

06/08 06:59

محمد بن ناصر الجديد ينقسم العمل المؤسسي في المملكة من المنظور التنموي إلى ثلاثة قطاعات رئيسة: العام، الخاص، والمدني. تملك الحكومة القطاع العام وتديره من خلال ثلاث سلطات رئيسة: السلطة القضائية ممثلة في المحكمة العليا، والسلطة التنفيذية ممثلة في مجلس الوزراء، والسلطة التشريعية ممثلة في مجلس الشورى. ويملك المواطنون القطاع الخاص ويديرونه من خلال مجموعة من المؤسسات الربحية المختلفة ضمن مجموعة من الأنظمة والتشريعات المتنوعة. ويشترك كل من القطاع العام والخاص في ملكية القطاع المدني ويديرونه من خلال مجموعة من المؤسسات غير الربحية المختلفة تعرف بمؤسسات المجتمع المدني. من أمثلة مؤسسات المجتمع المدني: الجمعيات الخيرية، الجمعيات العلمية، والجمعيات المهنية. تعود جذور المجتمع المدني السعودي إلى مطلع القرن الماضي عندما وضع نواته الأولى المؤسس الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه - من خلال إنشاء الهجر لتوطين البادية، وليكون المؤسس - طيب الله ثراه - بذلك التفكير رائد المجتمع المدني السعودي. أشار أستاذ الأدب الحديث في جامعة القصيم الدكتور حسن الهويمل في دراسته بعنوان ''التأسيس للمؤسسات المدنية في عهد الملك سعود بن عبد العزيز''، إلى أن ''ريادة المجتمع المدني كانت من خلال إنشاء مؤسسات الدولة على يد المؤسس للكيان الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه - والتأسيس المدني على يد مؤسس المجتمع المدني الملك سعود بن عبد العزيز - طيب الله ثراه - وأما مرحلة الانطلاق فبدأت على يد إخوانه من بعده''. وعلى الرغم من عراقة المجتمع المدني، إلا أن مشاركة مؤسساته المختلفة في العملية التنموية السعودية منذ بداية التخطيط الاقتصادي حتى اليوم ما زالت دون المأمول. يتضح ذلك من خلال مشاهدة دور مؤسسات القطاعات الثلاثة: العام، والخاص، والمدني في تنفيذ الخطط التنموية الخمسية السابقة والمقبلة، بدءا من الأولى (1971 - 1975)، ومرورا بالحالية، التاسعة (2010 - 2014)، ووصولا إلى الحادية عشرة (2020 - 2024). أسهمت مؤسسات القطاع العام في تنفيذ الخطط التنموية الأولية، ثم تطور عدد الشركاء في تنفيذ الخطط التنموية اللاحقة بدخول مؤسسات القطاع الخاص كشريك رئيس في العملية التنموية السعودية مدعومة بتطلعات الاقتصاد السعودي لتنويع مصادر الدخل. استمر عدد الشركاء الرئيسين مقصورا على مؤسسات القطاعين العام والخاص. وعلى الرغم مما تملكه مؤسسات المجتمع المدني من إمكانات فنية تنموية نابعة من ملامستها احتياجات المواطن بشكل أكثر قربا من مثيلاتها في القطاعين العام والخاص، إلا أن تحديات الموارد المالية تقف عائقا أمام وجودها كشريك رئيس في العملية التنموية السعودية جنبا إلى جنب مع زميلاتها في القطاعين العام والخاص. ومن أحد أهم المجالات التي قد تسهم في مواجهة تحدي الموارد المالية التي تواجه مؤسسات المجتمع المدني القطاع الخاص الأجنبي الموجود في المملكة. والدافع خلف التركيز على القطاع الخاص الأجنبي دون السعودي ثلاثة دوافع. الأول، إيجابيات زيادة عدد الشركاء الرئيسين في العملية التنموية بدخول القطاع الخاص الأجنبي جنبا إلى جنب مع مثيله السعودي. الثاني، أهمية استثمار نمو المشاركة المستهدفة للقطاع الخاص الأجنبي في الناتج المحلي الإجمالي السعودي بما يضفي المزيد من القيمة التنموية لطبيعة مشاركته. والثالث، التقاء توجهات مؤسسات المجتمع المدني التنموية مع محفزات مشاركة القطاع الخاص الأجنبي بشكل مباشر عوضا عن غير مباشر عبر القطاع الخاص السعودي. تقودنا هذه الدوافع إلى النظر في حجم الاستثمار الأجنبي في العملية التنموية السعودية وانعكاساته على الناتج المحلي الإجمالي السعودي منذ 1990، مرورا بـ 2009، ووصولا إلى 2024، التوقيت المستهدف لبلوغ رؤية الاقتصاد السعودي، بعون الله تعالى وتوفيقه. يشير تقرير الاستثمار العالمي 2010 الصادر من مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية ''أونكتاد'' إلى أن إجمالي حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الاقتصاد العالمي بلغ نحو 7.807 مليارات ريال في 1990. جذب الاقتصاد السعودي منها نحو 1.1 في المائة، 82 مليار ريال. شكّل هذا الحجم نحو 19 في المائة من إجمالي النتاج المحلي السعودي. تطورت هذه الأرقام في 2009 ليصل إجمالي حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الاقتصاد العالمي إلى نحو 66.538 مليار ريال. جذب الاقتصاد السعودي منها نحو 0.83 في المائة، 552 مليار ريال. شكّل هذا الحجم نحو 39 في المائة من إجمالي النتاج المحلي السعودي. تنمو نظرتنا التنموية لهذه الأرقام عندما ننظر لها بحلول 2024 من واقع ''الاستراتيجية بعيدة المدى للاقتصاد السعودي'' الصادرة من وزارة الاقتصاد والتخطيط. يستهدف الاقتصاد السعودي أن يصل ناتجه الإجمالي المحلي إلى نحو 2.543 مليار ريال بحلول 2024. وإذا استخدمنا معدل النمو السنوي لحجم الاستثمار الأجنبي المباشر في المملكة خلال 1990 - 2009، فإن هذا يقودنا إلى توقّع أن يصل حجم الاستثمار الأجنبي في المملكة إلى 781 مليار ريال بحلول 2024. يشكل هذه الحجم ما نسبته نحو 31 في المائة من إجمالي النتاج المحلي السعودي المستهدف في 2024. يقودنا الحديث عن الدور التنموي لمؤسسات المجتمع المدني وجدوى شراكتها مع القطاع الخاص الأجنبي بما يسهم في أدائها دور شريك رئيس في العملية التنموية السعودية إلى النظر في نظام ضريبة الدخل الصادر في 2005. يوضح النظام آلية مشاركة القطاع الخاص الأجنبي في العملية التنموية السعودية من خلال تأطير عملية تحصيل الضرائب من الشركات الأجنبية العاملة في المملكة. كما يراعي النظام دعم آلية الشراكة بين مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص الأجنبي من خلال مادته الحادية عشرة. تنص المادة على أنه ''يجوز لتحديد الوعاء الضريبي لكل مكلف حسم التبرعات المدفوعة خلال السنة الضريبية إلى هيئات عامة، أو جمعيات خيرية مرخص لها في المملكة لا تهدف إلى الربح ويجوز لها تلقي التبرعات''. أسهم النظام في نمو الإيرادات الضريبية بما يدعم العملية التنموية السعودية. يشير العدد الـ 27 من مجلة الزكاة والدخل الصادرة من مصلحة الزكاة والدخل إلى أن حجم إيرادات المصلحة في 2010 بلغ نحو 15.7 مليار ريال، بواقع 8.8 مليار ريال إيرادات زكوية و6.9 مليار ريال إيرادات ضريبية. يمثل حجم هذه الإيرادات زيادة بنحو 11 في المائة عن 2009. أسهم النظام كذلك في تحويل أكثر من 32 مليار ريال إلى الضمان الاجتماعي خلال الأعوام الخمسة الماضية. تمثل ضريبة الدخل المحصلة من الشركات الأجنبية العاملة في المملكة جزءا من هذا المبلغ. وعلى الرغم من مساهمة هذه الجزئية في دعم الضمان الاجتماعي، إلا أن الدعوة تتجدد بما يهدف إلى دعم الدور التنموي لمؤسسات المجتمع المدني في المستقبل لأداء دور شريك رئيس في العملية التنموية السعودية. فالمادة الحادية عشرة من النظام توضّح أن الشركات الأجنبية العاملة في المملكة التي تقدم تبرعات لمؤسسات المجتمع المدني يمكنها خصم إجمالي التبرعات التي تقدمها من وعائها الضريبي. والمقصود بالوعاء الضريبي إجمالي دخل الشركة الأجنبية الخاضع للضريبة مخصوما منه المصروفات الجائزة الحسم. وعلى الرغم من حجم التحفيز المقدم هذا، إلا أن التحفيز يساوي بين الشركات الأجنبية الراغبة في دعم مؤسسات المجتمع المدني ومثيلاتها غير الراغبة في هذا الدعم. ورغبة في زيادة حجم التحفيز للشركات الأجنبية الراغبة في الدعم، فإنه من الأهمية بمكان إعادة النظر في تعديل المادة الحادية عشرة. من البدائل المقترحة أن يتم حسم تلك التبرعات من ناتج الضريبة بدلا من وعائها. فهذا يعطي مردودا اعتباريا مباشرا للشركات الأجنبية الداعمة على الرغم من انخفاض إجمالي الضريبة المحصلة. وتحقيق المردود الاعتباري ما هو إلا خطوة أولية نحو تحقيق ثلاثة أهداف في هذا المسار. الأول، زيادة عدد الشركاء الرئيسين في العملية التنموية بدخول القطاع الخاص الأجنبي جنبا إلى جنب مع مثيله السعودي. والثاني، دعم المشاركة النوعية للقطاع الخاص الأجنبي في الناتج المحلي الإجمالي السعودي بما يضفي المزيد من القيمة التنموية لطبيعة مشاركته. والثالث، التقاء توجهات مؤسسات المجتمع المدني التنموية مع محفزات مشاركة القطاع الخاص الأجنبي بشكل مباشر عوضا عن غير مباشر عبر القطاع الخاص السعودي. إنه من الأهمية بمكان التأكيد على أهمية دعم دور مؤسسات المجتمع المدني في العملية التنموية السعودية بما يمكنها من أداء دور تنموي رئيس يمكنها من العمل جنبا إلى جنب مع مثيلاتها في القطاعين العام والخاص. واستثمار حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة المستهدفة من قبل الاقتصاد السعودي بما يدعم الدور التنموي لمؤسسات المجتمع المدني تمثّل في مجملها بيئة محفزة لإعادة النظر في ذلك. *نقلا عن صحيفة الاقتصادية السعودية.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل