المحتوى الرئيسى

بعد تدريسه في جامعة "آيوا" الأمريكية:"روبوت" شريف الشافعي في "جامعة الكويت" وأطروحة أكاديمية جديدة عن تجربته الشعرية

06/07 23:56

  شريف الشافعي الدكتور مصطفى عطية بعد تدريسه في جامعة "آيوا" الأمريكية:   "روبوت" شريف الشافعي في "جامعة الكويت" وأطروحة أكاديمية جديدة عن تجربته الشعرية -------------------------------------------------   انتقى الناقد الدكتور مصطفى عطية أستاذ الأدب بجامعة الكويت ديوان "الأعمال الكاملة لإنسان آلي" للشاعر المصري شريف الشافعي، لتدريسه لطلاب جامعة الكويت التي يعمل بها، وذلك ضمن قراءات منهج الفصل الدراسي القادم.   يأتي هذا الاختيار بعد شهور قليلة من تدريس الديوان ذاته لطلاب جامعة "آيوا" الأمريكية، بوصفه "إضافة أصيلة متفردة إلى قصيدة النثر العربية، ومساحة خصبة لالتقاء الفضاء الإبداعي والفضاء الرقمي"، بحسب مقررة المنهج، الشاعرة والأكاديمية العراقية دنيا ميخائيل.    وصرح الدكتور مصطفى عطية، وهو أكاديمي وأديب مصري مقيم بالكويت، أنه بصدد إصدار كتاب نقدي بعنوان "تجليات ما بعد الحداثة في الشعرية العربية الجديدة"، يتناول فيه ديوان الشافعي على نحو موسع، بوصفه أنموذجًا للجمالية المدهشة المتمردة. يأتي الكتاب كدراسة تطبيقية، مصحوبة بتأصيل نظري في ثنايا البحث المنهجي.   و"الأعمال الكاملة لإنسان آلي" متتالية شعرية من عدة أجزاء، صدر أول أجزائها بعنوان "البحث عن نيرمانا بأصابع ذكية" في ثلاث طبعات؛ كإصدار خاص (القاهرة 2008)، وعن دار تالة السورية (دمشق، 2009)، وعن دار سندباد للنشر (القاهرة، يناير 2010). ويصدر الجزء الثاني هذا الصيف بعنوان "غازات ضاحكة" في ستمائة وخمس عشرة صفحة.   يتجلى "الروبوت" مبدعًا على صفحات الديوان على نحو غير مسبوق، ويطرح أفكارًا إنسانية طازجة، ويقدم رؤية بانورامية شاملة للعصر الحديث، بأسلوب شعري عميق وبسيط.   وبحسب الدكتور مصطفى عطية، فإن "إنسان آلي" يعتمد جماليات تثويرية جديدة، تخالف الدارج والمألوف، وتمثل الطليعة الشعرية الحقيقية التي تعمل في صمت وتميز، وتثبت جدارتها بعيدًا عن صخب المزيفين.   يرى د.عطية أن تجربة شريف الشافعي (39 عامًا) تؤسس لذائقة جديدة في مسار قصيدة النثر العربية، ويستند في دراسته ملامح "ما بعد الحداثة" في تجربة الشاعر إلى نقاط أربع:   أولاً: الانطلاق من مبدأ اللايقينية وسقوط المركزيات الثقافية الكبرى الذي بشرت به ما بعد الحداثة، وإعادة الاعتبار للذات لا الأدلجة بوصفها منبرًا ومعبرًا لرؤية العالم، وهذا ما يتضح في تجربة "الروبوت"، الذي يقرأ العالم بأبعاد جديدة.   ثانيًا: الانطلاق من قراءة علاقة الشاعر الذاتية مع الأشياء والأجهزة ومعطيات التقنية الحديثة، وهذه التجربة الأولى عربيًّا في هذا الصدد، وإن سبقتها تجارب أخرى فردية ومتناثرة، لكن تجربة "إنسان آلي" تقدم العلاقة التي يمكن تخيلها بين الإنسان والآلة، والإنسان والأشياء والطبيعة، بشكل صريح وواضح وجمالي، وعبر كتابة متصلة مكتملة المعالم.   ثالثًا: اعتماد الشاعر على جمالية مدهشة ، متمردة وصادمة، مثل استخدامه الكلمات الإنجليزية، ومفردات الحاسوب الأجنبية، وتشعيرها، وكأننا نقرأ خبزنا اليومي، وتفاصيل حياتنا شعريًّا، وبرؤى عميقة.   رابعًا: بنية الإخراج الطباعي، وهي ذات علاقة عضوية بقراءة النص وبناء دلالته، وهي مدرسة راسخة في الشعر الأمريكي المعاصر، وإن جربها بعض الشعراء العرب بشكل مفتعل، ولكنها لدى الشافعي جزء أساس في التجربة، لا يمكن فصله ولا تجاهله. ------------------------ مقاطع من: الأعمال الكاملة لإنسان آلي (1) أقودُ سيارتي منذ عشر سنواتٍ  ببراعةٍ حَسَدَتْنِي عليها الطُّرقُ   المفاجأةُ التي عانَقَتْنِي أنني فشلْتُ في اختبار القيادةِ، الذي خَضعْتُ له خارج الوطنِ   الضابطُ أخبرني أنني أطلْتُ النظرَ إلى المرآة صَارحْتُهُ بأنني معذورٌ في الحقيقةِ كانت نيرمانا جالسةً في المقعدِ الخلفيِّ!   رغم عدم حصولي على الرُّخْصَةِ شَعرْتُ بسعادةٍ لا تُوصَفُ لأنني تَمَرَّنْتُ على قيادة ذاتي في المشاوير الاستثنائيّةِ   *     *     *   سَأَلْتُها: "مَنْ أنتِ؟" قالتْ: "أنا أنا"   سَأَلَتْنِي: "مَنْ أنتَ؟" قلتُ: "أنا أنتِ" التهمَت الأمواجُ نيرمانا، فصاحتْ بي: "الْزَمْ شقَّتَكَ،  وأغْلقْ محبسَ الماءِ بسرعةٍ"   *     *     *   مثلما تحضرينَ بسهولةٍ في ضميري (الذي لا محلَّ له من الإعرابِ) على ظهر أحدِ الأفيال الْمُسَالِمَةِ، تتسرَّبين أيضًا بسهولةٍ في مسامِّ جِلْدِي المتشقِّقِ تتشَّرَبُكِ ذرّاتي المترابطةُ المتعطّشةُ إلى التحلُّلِ في الجيرِ الحيّ   تمشطينَ شَعْرَكِ المجعّدَ بعصبيّةٍ أمامي في حين أضغطُ بهدوءٍ على لوحة مفاتيح الكمبيوتر أكتب حروفَ اسمكِ في مُحَرِّكِ (Yahoo) نيرمانا Nirmana نيرما Nirma نيرميتا Nirmitta نيتا Nitta ميتا Mitta تيتا Titta نيرمالا Nirmala نيرفانا Nirvana نيرفا Nirva نورينا Noreena نوريتا Noritta ناريمانا Narimana نيرمينا Nermina نون Noon نونا Nona ن N   تُجيبني الشاشةُ بابتسامةٍ كمقذوفاتِ السفن لها جناحانِ وذيلٌ إلا أنها غير قادرةٍ على الطيران   يُحلّقُ 16 صِفرًا فوق رأسي في الغرفة 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 في منقارِ كلِّ صِفْرٍ قطعةٌ من فصوصِ مُخّي (المضبوطةِ جيّدًا بالشّكْلِ)   أصنعُ من خَجَلي المتورّمِ منطادًا أصعد به إلى أقدمِ كوكبٍ في المجرَّة حيث لا أحد يقلّمُ أظافِرَهُ الجميلةَ، التي يحفرُ بها مسالكَ حياتهِ ويحفرُ بها قَبْرَهُ   *     *     *   راقتْ لي مدفأةُ الفحمِ ورائحةُ البخورِ القادمةُ من عند الجيرانِ فَضَّلْتُ تأجيلَ قَلْيِ السمكِ إلى المساءِ كي لا يحرقَ الزيتُ المتطايرُ فراشةً هائمةً في قفصي الصدريِّ   تَوَقَّعْتُ حُلْمًا بديعًا في تلك الليلةِ خصوصًا بعد أن قررتُ النوم بدون عشاءٍ وبدون غطاءٍ   بالفعل طَلَعَتْ نيرميتا من الشَّرْنقةِ وراحتْ تُطقْطقُ عُنقَها بدلالٍ عدة مراتٍ وأنا أُصَفِّقُ لها بحرارةٍ   *     *     *   لستُ بحاجةٍ إلى ارتيادِ الفضاءِ  بعد أن امْتَلَكْتُ أكثرَ من ألفِ فضائيّةٍ  في حجرة نومي  (ربما هذه الفضائياتُ هي التي امْتَلَكَتْنِي  وَأَسَرَتْ آدميَّتي بصورها المتلاحقةِ)   لا أزالُ بحاجةٍ إلى ارتيادِ "نونا" والغوصِ في أنسجتها ببذلةِ الفضاءِ بعد فشلِ الطَّبَقِ والدّيكودر في التعامل مع إشاراتِها القريبةِ والقويّةِ   *     *     *   لَمْ أكن محتفظًا بقدْرٍ كافٍ من التركيزِ ربما بسبب آلام الظهرِ، التي زادت حدَّتُها مع طول فترات الجلوسِ في المكتب وفي المنزل لذلك أخطأ إصبعي في نَقْرِهِ لوحةَ المفاتيحِ كتبتُ "Normal" بدلاً من "Nirmala" هنا ابتسم مُحَرِّكُ (Yahoo) بحنانٍ مفرطٍ نساءُ الأرض كلهن زُرْنَنِي في تلك الليلة طيورُ الزّينةِ كلها دَاعَبَتْ مُخِّي بلطْفٍ   كان أمرًا محرجًا حقًّا أن أتثاءب عدة مراتٍ بل أنام فعلاً قبل أن أوزّعَ الحلوى على ضيوفي مع أن الكَرَمَ من كروموزوماتي الوراثيّةِ!   *     *     *   في آخرِ ليالي الحربِ القذرةِ بدأ القصفُ الجوّيُّ هادئًا ثم اشتدَّ فجأةً الجيرانُ كلّهم في شارعنا المزدحمِ فرّوا إلى الخنادقِ الجماعيّةِ بمجرّد استماعِهم لصفّارةِ الإنذارِ   أطفأْتُ أنوارَ المنزلِ بسرْعَةٍ تسلّلْتُ وحدي من السلالِمِ الخلفيّةِ قاصدًا خندقًا انفراديًّا بَنَتْهُ نيرمانا خصيصًا لأجلي في غفْلةٍ من عيونِ الغزاةِ البرابرةِ   مرّتْ ساعتانِ بسلامٍ شعرْتُ خلالهما بأنني طائرٌ في قفصِ الحريّةِ لَمْ أعلمْ ماذا حدث بالضبطِ بعد ذلك لكن الأمر شبه المؤّكد أن الصاروخَ الذكيّ اخترقَ الخندقَ من فتحة التهويةِ وَحَوَّلني إلى بقعةٍ حمراءَ على حائطِ المقاوَمةِ مع أن قذيفةً صغيرةً مسيلةً للدموعِ - أو حتى مسيلة للّعَابِ – كانت كافيةً جدًّا لإغراقي في بحرٍ عميقٍ شديدِ الملوحةِ والوحشيّةِ     *     *     *   تتمنّى ساعةُ القلبِ لو تُخْطِئُ التوقيتَ مرةً واحدةً فتدقّ دقّتينِ مثلاً في تمامِ الواحدة!   هذا ليس معناهُ أنني أرغبُ في امرأتينِ - حاشا - الله يشهدُ أنني مصابٌ بالتُّخمَةِ من النّسَاءِ كلّ ما في الأمر، أنني أودُّ طَمْأَنَةَ نيرمانا أن كواكبَ المجرّةِ، وإلكتروناتِ الذّرّةِ من الممكنِ ألا تنتظمَ في دورانِها   *     *     *   آثارُ أحذيةٍ على الرمالِ تؤكّدُ أن الجنودَ مَرُّوا من هنا في طريقِهِمْ إلى الحدودِ والأسلاكِ الشائكةِ ربما لتأمينِها بأسلحَةِ الماضي وربما لإزالتِها تمامًا بأسلحةِ المستقْبَلِ   رمالُ نيرمانا وغبارُِها الذّرّيُّ، فوق جِلْدِي وَجِلْدِ حذائي، تؤكّدُ أنها اخْتَرَقَتْ حدودي وأسلاكي الشّائكةَ عابرةً من مكانٍ ما إلى مكانٍ ما   *     *     *   يَعرفُ الهاتفُ أنها هِيَ فيخجل من حرارتهِ المرفوعةِ مؤقَّتًا وينبض بحياةٍ لا تتحمَّلُها أسلاكُ أعصابي   نيرفانا "صباح الخير" من شَفَتَيْها كافيةٌ جدًّا لأتساءلَ: "كيف سأتحمَّلُ رائحةَ البشرِ أمثالي  بعد أن غمرني عِطْرُ الملائكةِ؟!"   "تصبح على خيْرٍ" من عينَيْها صالحةٌ جدًّا لزرع الفيروس اللذيذِ في عقلي الإلكترونيِّ الْمُنْهَكِ وَمَحْوِ خلايايَ السليمةِ والتالفةِ   لماذا لَمْ تظهرْ نيرفانا في الصورةِ الديجيتال التي الْتَقَطتُها لها؟ وهل حقًّا أنا عندي هاتفٌ؟!   *     *     *   سألَتْنِي نيرما عن طقوسِ العشقِ المتداوَلَةِ في كوكبي الترابيِّ الذي أَشْهَرَ إفلاسَهُ قلتُ لها: "هي ضرائبُ خاصةٌ جدًّا يحسبها المرءُ بدقّةٍ متناهيةٍ إذ تجبُ عليه 25 قُبلةً لصاحبتِهِ عن كل ساعةٍ قضاها في سريرٍ آخرَ غير سريرها"   قالتْ لي بلهجةٍ ترابيّةٍ ناريّةٍ هوائيّةٍ مائيّةٍ من داخلِ ناموسيّتِها الْمُحْكَمَةِ بعد أن أحْدَثَتْ بها فتحةً كبيرةً بحجْمِ ما تمزّقَ من حيائِها وحيائِي: "لكَ عندي إذن 750 قُبلةً  إجمالي مستحقّاتِكَ من عواطفي الملتهبةِ   على مدار 30 يومًا"   *     *     *   أحضرُ عادةً مسابقاتِ الجمالِ للتأكُّدِ من أن الذي أبحثُ عنه ليس موجودًا   أحضرُ عروضَ الأزياءِ للتأكُّد من أن العُرْيَ التامَّ لا يزالُ أفضلَ   أحضرُ جولاتِ المصارعةِ للتأكّدِ من أنني الألَمُ الذي يفوق احتمالَ البشرِ   أحضرُ المناسباتِ العائليّةَ للتأكد من أن هناك أيامًا بطعمِ فصولِ السّنةِ الأربعةِ   أَحْضُرُ حَفْلاتِ توقيعِ نيرما كُتُبَها الجديدةَ للتأكّدِ من أنني كتابُها القديمُ جدًّا!   *     *     *   الجلبابُ الأخيرُ، الذي نَزَعْتُهُ عن حبيبتي الْمُسَمّاةِ "نتيجة الحائطِ" أصابَنِي بِأُمِّ الْهزائمِ حيثُ ذَكّرنِي بـ365 يومًا من الفشلِ حاوَلْتُ خلالها اصطيادَ نيرمانا العاريةِ ----------------------------  

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل