المحتوى الرئيسى

بدايات عبد الرحمن مجيد الربيعي .. رواية لم تُكتب بعد وهذه إحداها !!بقلم: زيد الحلي

06/07 23:35

الكاتب يهنئ مجلة المسرحرسالة من الفنان المصري وحيد سيف الى مجلة المسرح عبد الرحمن الربيعي يراسل مجلة المسرح السنين ان حكت .. ـــــــــــــــــــــــبدايات عبد الرحمن مجيد الربيعي ... رواية لم تُكتب بعد وهذه إحداها !!                                             زيد الحلي    على نحو ساعة كاملة ، شدني المحاور مجيد السامرائي الى شاشة قناة الشرقية لمتابعة حواره الذكي والممتع في برنامج ( أطراف الحديث ) مع الروائي والكاتب المبدع عبد الرحمن مجيد الربيعي ...  وحاول الربيعي ان يكون حديثه من إطراف تجربته ومسيرته إلا ان السامرائي ماسك مقّود الحوار من خلال محاورته المشبعة بمعرفة ضيفه ، حالت دون ذلك ، فانساب الحوار بعمق وسهوله  ليشكل عند متابع البرنامج خارطة معرفية بالروائي الربيعي .. ورغم ان معرفتي بالربيعي تمتد الى العام 1966 او ربما قبل ذلك ، إلا إنني في ألاثنتي عشرة سنة الأخيرة لم ألتقية سوى مرتين ..الأولى في حفل للسفارة العراقية  بتونس في تموز عام 1999 وكان ثالثنا صديقنا المشترك الدكتور محسن الموسوي ، والثانية قبل نحو عامين في مقهى ( الكمال ) في دمشق .. وكان لقاءا انداح فيه سيل من الذكرى والتذكر .. وبعيداً عن الربيعي القاص والكاتب ، فان الربيعي الصحفي لعب دوراً رائداً في التعريف بأسماء كانت تغذ السير بخجل وتؤدة في حديقة الإبداع العراقي من خلال أشرافه على الصفحة الأدبية لصحيفة ( الإنباء الجديدة ) لصاحبها السيد زكي السعدون وهي صحيفة أسبوعية متواضعة صدرت في حزيران 1964 والغي امتيازها في مطلع 1967 وهي فترة قصيرة في العمر الصحفي لكنها تميزت بصفحتها الثقافية التي اشرف عليها الربيعي وخرج من جلبابها العديد من الشعراء والقصاصين أصبحوا في ما بعد من نجوم الثقافة العراقية وقد أشرت الى بعض ذلك في موضوع نشرته على صفحات " الف ياء " بجريدة الزمان في طبعتها الدولية في عددها 3427 في 21 / 22 تشرين الاول 2009 وأعيد نشره لاحقاً في طبعة بغداد والعديد من المواقع الالكترونية تحت عنوان ( عبد الستار ناصر بالأسود والأبيض). الصحافة هاجسه الأول ويبدو ان طموح الربيعي ، كان باتجاه الصحافة الثقافية قبل أي طموح آخر رغم عدم تصريحه بذلك ، فلم يرد في كل ما كتب وما أستذكر ، ما يدلل على ما ذكرت لكن ذاكرتي وأرشيفي  يؤكدان ما أشرت اليه ... ففي عام 1966 راسل الربيعي ، الكاتب الكبير الدكتور رشاد رشدي رئيس تحرير مجلة " المسرح " المصرية الشهيرة ، مبدياً رغبته في ان يكون مراسلاً للمجلة في بغداد ، وكان الربيعي في حينها احد طلبة أكاديمية الفنون الجميلة ببغداد ، غير ان المجلة المذكورة اعتذرت عن تلبية رغبة الربيعي ، ومن غريب الصدف ان العدد الرقم ( 26)  من تلك المجلة الصادر في شهرشباط 1966 حمل ثلاثة ردود على رسائل متابعي مجلة " المسرح " احدها على الربيعي والثاني على الفنان المصري ( وحيد سيف ) والثالث على العبد لله كاتب هذه السطور ، حيث كنتُ بعثت للمجلة رسالة تهنئة لجهودها في بث الوعي المسرحي والثقافي بصفتي المسؤول الإعلامي لفرقة بغداد للفن الشعبي ! ورغبته الثانية  كانت الرسم ... انه رسام متمكن من أدواته وقد نظرت يوماً الى إحدى لوحاته في زيارة له في بيته ( العزّابي ) في حي المنصور ببغداد حسبما أتذكر ، صحبة الزميل لطفي الخياط  ، فاندهشت لفكرتها وأسلوب تنفيذها ، حيث طبعها بطابعه الشخصي وبخصوصيته المتفردة في الرؤية من منطلقات التجربة الإنسانية..  واللوحة عنده تكون حية وتستطيع التغيير إذا كان من ورائها هدف وقضية , وتموت عندما تستقر على الحائط وتمتلك قوة التغيير إذا انتشرت بفعل الحركة والتداول بين الناس  .. لقد خسره الفن التشكيلي وخسرته الصحافة الثقافية ، لكن الفن الروائي ربحه .. !    وفي فترات من بداياتنا الحياتية ، جمعنا العمل في أعداد برنامج يومي شهير لإذاعة بغداد في أواخر ستينيات  القرن المنصرم  باسم ( صباح الخير ) ككتّاب خارجيين ، وكان الأستاذ " بهنام ميخائيل " المدرس الكفء في أكاديمية الفنون الجميلة ، مشرفاً على البرنامج  الذي كان يساهم  في أعداده  أيضا مجموعة طيبة من المثقفين وكان زهده واضحاً في فسح المجال لزملائه في تقديم حلقات أكثر عددا في الوقت  الذي كان فيه هو المفضل عند المشرف على البرنامج  في كتابة ذلك البرنامج الصباحي الفيروزي في كل شيء، كلمات وغناء وألقاء وموسيقى حيث كانت لغة الربيعي هي ألأحلى من بيننا ... كان شاعراً متمكناً ونحن صحفيين نعمل في صحف يومية ..  لم يعرف عن الصديق الربيعي إلا الدماثة والخلق .. هو محب للناس ، معارفه كثيرون لكن أصدقائه قليلون وآمل ان الأمر تغيّر في غربته الطويلة .. و أظن انه من المؤمنين بان المرء قد يحتاج لساعـة  كي يفضِّلَ أحد الأصدقاء  ويومـاً ليُحبَّ أحدهم ولكنه قد يحتاج إلى العمر كلـه كي ينسى أحدهم ، وما الصديق المشترك الأستاذ عزيز السيد جاسم  ولطفي الخياط واحمد فياض المفرجي وخالد حبيب الراوي وسركون بولص و غازي العبادي  و.. و.. إلا مثالاً .. اليس كذلك أبا حيدر ؟ أنه لم يصرف أيامه بلا حب .. لأن ذلك يعني له العيش في حياة بلا رونق وهرق العمر بلا مسرة .. اعتداده بنفسه واضح عند محبيه ، لكنه لم يصل إلى حد الغرور.. والرواية عنده ليس سلعة تباع ولا سوقاً للحظوة ، بل هي قبل كل شيء عاطفة تلبس الحروف وشعور يروي حديث الهاجس البعيد.. والصديق عبد الرحمن الربيعي (طفل كبير) ينطبق عليه ما قاله " هنري ماتيس " وهو في الثمانين من عمره ، عندما وجده بعض معارفه يلعب مع الأطفال والحمام أمام كنيسة " مونمارتر" في باريس وقالوا له : كيف تلعب مع الأطفال وتقف بينهم ترسم الحمام والأطفال يلعبون بها ، فقال هنري ماتيس : أتمنى أن أعيش بقلب  طفل وعقل رجل.  بعد سنوات طويلة على معرفتي به ، لم أحسه يوماً إلا وطني المنبت ، قومي الجذور ، إنساني العاطفة .. له حضوره الوطني والقومي والعالمي .. عاش غربته الطويلة في تونس وهو يغني لوطنه .. ان همّ الربيعي ان يعبر عن الحدث الذي يخرج من ذاته ، لا الحدث الموجود خارجه ، وانتمائه لوطنه العراق ، أجمل ما فيه ويبدو ذلك جلياً من خلال أعماله التي تنطلق من المحلية الى محيطها القومي ثم الى فضائها العالمي .. وهو مؤمن بأن من لا يدرك ما حوله لن يدرك ما بعده !         أهداني روايته " الوشم " في عام 1972 بعبارة ظلت محفورة في ذهني .. وكنتُ أسعد عند إطلاع أصدقائي وأبنائي  عليها .. وكانت تحدوني الرغبة لإيرادها مع هذا الاستذكار لكن الخشية  من تفسير لا أود سماعه .. منعني ! شخوص الماضي في ذاكرة الربيعي قرأت معظم ما كتبه ، عدا ما لم أستطع الحصول عليه لا سيما التي تتحدث عن فترات العمل في ستينيات القرن المنصرم واستذكاره لأصدقاء مشتركين  ، فلاحظت مدى تكامل تلك الكتابات مع المضمون .. فلكل عنصر فيها مدلول أنساني .. ورواياته غنية المعاني وعميقة الدلالات ، شيقة الأحداث ... هي تجارب وسجل ذاكرة ... وهو لم يتدثر بعباءة غيره ، وهنا لا أريد ان أكون ناقداً لإبداع الربيعي ،  فهذا الرجل المتميز في عطائه وغزارة إنتاجه ، ظلت تجربته موّارة بالحياة ، رافلة بالبساطة والعفوية والعمق ، أنها من النوع السهل الممتنع ، مما أغرى العديد من كتًاب الرواية العرب على تقليدها ، لكنها ظلت عصية على التقليد ..كونها وثيقة الصلة بجذور الحياة المتجددة أبداً وبصولات الفكر الإنساني الذي لا يهدأ.. قرأت للربيعي تصريحاً ، اثر صدور كتابه ( أية حياة هي ؟ )  قال فيه انه كان حكّاء وأنه لم يرو سيرة آخرين بل سيرته هو ، وليقبل عتبي على شكل تساؤل بريء  دون ان يغفل ان العتب دليل محبة  : اين خالد الحلي وعبد الرحيم العزاوي وطارق الصيدلي و عبد الرحمن طهمازي  وسجاد الغازي إبراهيم الزبيدي وبهنام ميخائيل وحميد المطبعي ومجلته " الكلمة" ومحمد هاشم ابو جعفر، الذي لوحده يصلح لمشروع كتابة عمل روائي ..و..و  من ذاكرتك وسيرتك صديقي العزيز ؟  سيما انك خلقت من نكران ذات ومن تراب المحبة الطهور وجبلت بماء الورد... ارجو ان يكون لما ذكرت مثابة لعملك اللاحق رغم ان الصديق عبد الستار ناصر قال في مقال له نشرته " الزمان " ( لم يبق من شيء من عالم الربيعي المتشعب إلا وكتبه ومن صندوقه المحشو بالأسرار إلا وفتحه، وما من زقاق أو شارع أو محلة أو مقهي أو حانة أو مطعم الا دخل اليه وجاء علي ذكره في بغداد كان ذلك أو في بيروت، ودائماً مع هذا الصديق أو ذلك المحب) وأضيف لما أشار اليه ناصر، بالقول ان الذاكرة هي الجسر الممدود عبر الزمن ، تنهل من ماضينا لكي نثري حاضرنا ، فلا ينبغي علينا السماح لها بالدوران حول ما تشتهي وتبتعد عن غير ذلك والحق أقول ، ان جميع أعمال الربيعي التي اطلعت عليها ، رواية وشعراً ودراسة ، تتمتع بقدرة مدهشة على إثارة الأسئلة وإبقائها معلقة في الهواء ، تبحث دون جدوى عن مفاتيحها وإجاباتها ، وتلك ميزة لم يحصل عليها إلا قلة قليلة ، فكتاباته لؤلؤاً لا يخالطه الحصى  ! والربيعي الذي أراه ألان بعين الستينيات، كان يتصرف بنفس الطريقة التي يفكر بها بمعنى أنه لم يتناقض ابداً .. وأظنه يتذكر كيف تحول الاهتمام عن صفحته الثقافية في " الأنباء الجديدة " الى صفحات جريدة " أبناء النور" الأسبوعية ، مما دعاه لنشر نتاجات شعراء وأدباء لم يكونوا على المستوى المطلوب ، لكن مكانة صفحته عادت الى الصدارة والاهتمام من جديد ، بجده ومثابرته ولديّ أعداد من هذه الصحيفة وتلك ، تبين ما ذهبت اليه .. وفي هذه الجزئية ، أتذكر تكليفي من قبل الرائد الصحفي شاكر علي التكريتي وهو مدير تحرير صحيفة " العرب" اليومية التي كنت أعمل فيها لدعوة الربيعي للأشراف على الصفحة الثقافية في الصحيفة  ، غير إنني لم أقم بالمهمة كون الصفحة المذكورة  كان أستلمها للتو الصديق عمران القيسي ( الناقد التشكيلي المعروف المقيم حالياً في بيروت ) بعد ان تركها الصديق  (ابو لقاء) إبراهيم الزبيدي  وما كنت أظن ان أخي عبد الرحمن سيعتذر من هذا التكليف لو عرف به لا سيما ان له مساهمات في الصفحة أيام صديق الزمن الجميل الزبيدي . ومجلدات هذه الصحيفة ، المدرسة ،موجودة بالكامل لديّ ، ناهيك ان العمل في صحيفة يومية لها ثقلها في صحافة الستينيات  خير من العمل في صحيفة أسبوعية   ! وما أود الإشارة إليه هنا ...أن  صديقي الربيعي ربما يعتقد ان تلك المرحلة من سلم  بداياته لا تستحق الذكر ،  لكني أقول ان السطح لا يمكن بلوغه لولا مساطر السلالم الأولى .. أليس كذلك ؟ فلم يكن الواحد منا ، كما هو الآن ، ولم يهبط احدنا من كوكب  " الشهرة " في مظلة من صنع القدر ... فالبداية هي مهماز كل شيء ولا من عيب أن ذكرالبدايات مهما كانت صغيرة طالما أصبح المرء شأناً عاماً ، وأرى ان الشجاعة ليست مجرد ميزة إنسانية بل حاجة ضرورية .         ورحم الله الشاعر العالمي الكبير رسول حمزا توف الذي قال كلمته الشهيرة ( إذا أطلقت رصاص مسدسك على الماضي ، أطلق المستقبل عليك  مدافعه ) وحفظ الله الربيعي من مدافع الغد ! ان " إطراف حديث " الصديق مجيد السامرائي ..  تصلح مادة ثرية لكتاب آمل من زملائنا  في " الشرقية " السعي لإصداره .. فالسامرائي يبدأ حواراته بهدوء وعندما تمضي الدقائق يتحول الى حوار عاصف فيحلوا عندئذ السماع والمشاهدة  ... وهذا سر نجاح البرنامج  ، حيث يعتمد على الغمزة المحببة واللمحة الخاطفة والمغزى الجميل .. ينتقل بمشاهده  الى غصن بعد ان يودع شجرة ويذهب الى ينبوع بعد ان يشرب من ماء النهر ... انه برنامج شبيه بالحب والعطر لا يمكنه ...الاختباء ..! أخي عبد الرحمن ... سعيد بك وبتواصل أبداعك .. وآمل ان يمد بنا العمر لنقرأ كتابك الرقم ( 50 ) بأذنه تعالى ولا تنسى شهود البداية .. لا تنسى! [email protected]

نرشح لك

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل