المحتوى الرئيسى

د. محمود غزلان يكتب: ادعاءات الوصاية الكاذبة على الشعب

06/07 20:08

تؤكد الدساتير الحديثة أن الشعب هو مصدر السلطات، وأن السيادة له، وأنه هو الذي يمنح نفسه الدستور الذي يرتضيه، وتقرر الديمقراطية أن الشعب هو صاحب الحق أن يحكم نفسه عن طريق نوابه الذين ينتخبهم بإرادته الحرة في انتخابات نزيهة، وأن الحاكم هو وكيل عن نفسه لتنفيذ إرادتها، وتزيد الشريعة أنه بالإضافة إلى وكالته عن الأمة فإنه أجيرٌ عندها.   هذه المكانة العظيمة للشعب التي طالما تغنَّى بها أصحاب الفكر العلماني نجدها الآن تنهار تحت معاول الأنانية الفكرية، وحل محلها الآن: إما أن يرى الشعب ما يراه أولئك العلمانيون، وإما أن يصبح الشعب جاهلاً قاصرًا يجب فرض الوصاية عليه والاختيار له، وللأسف غدت هذه المقولة بمعناها تردد بلسان الحال وبلسان المقال.   فبالأمس القريب انعقد مؤتمر حاشد أصدر مجموعة من الأوراق، الورقة الأولى أعدَّها عشرون من رجال القانون والعلمانيين تنص على النظر في الأخذ بالتصويت التمييزي على ضوء المستوى التعليمي.   أي أن يكون للمواطن المتعلم صوت في الانتخابات والاستفتاءات، ويكون للمواطن غير المتعلم نصف صوت، وهو أمر لا مثيل له في الدنيا، ثم ما هو تعريف المتعلم؟ أهو الذي يحمل شهادة الابتدائية؟ أم الإعدادية؟ أم الثانوية؟ أم الجامعة؟، وإذا كان هو الشخص الجامعي، فهل يكون لمن يحمل الماجستير صوت ونصف ؟ والدكتوراه صوتان. والـ"Post doctor" ثلاثة أصوات؟   والأدهى من هذا أن يخرج شخص يُوصف بأنه قانوني عالمي في مؤتمرٍ آخر يقول: إن الدستور يجب أن تضعه لجنة ليست منتخبة من الشعب؛ لأن الشعب يجهل أولوياته وتحكمه العصبية.   الشعب يجهل أولوياته، يجهل أنه يريد الحرية والعدل والكرامة والحق والسيادة والأمانة والشفافية والصدق، والعمل ومستوى الحياة الكريمة والرفاه، ويريد حكم الشريعة الذي يضمن له ذلك كله، الشعب يجهل كل ذلك، والأستاذ النابغة العبقري هو الذي يعلم مصلحة الشعب؛ لأن الشعب جاهل قاصر، أليس هذا مؤدى كلام ذلك الرجل؟   ما الفرق بين هذا الكلام وبين ما كان يقوله أحمد نظيف من أن الشعب المصري غير مؤهل للديمقراطية؟   أبعد ما قام الشعب بثورته العظيمة المباركة غير المسبوقة، وقدَّم الأرواح والدماء والتضحيات لاستعادة حريته وكرامته وحقوقه، يخرج علينا أرباب الأبراج العالية والقاعات المكيفة يتهمون الشعب بهذه التهم؟   أيها السادة إما أن تحترموا الشعب وتحترموا إرادته، وإما أن تعتزلوا وتصمتوا.   إذا تحدَّث الشعب فعلى الجميع أن ينصت، وإذا قرر فعلى الجميع أن يمتثل، وشعبنا متمسكٌ بدينه وهويته وحضارته وثقافته ومبادئه، ولن يذوب بإذن الله في مذهبٍ مستورد أو تيار غريب.   (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ) (الرعد: من الآية 17)   --------- * عضو مكتب الإرشاد

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل