المحتوى الرئيسى

محمد آدم يكتب: تغييرات ثورية

06/07 18:02

عندما تكون هناك ثورة، فحتما سببها أوضاع متردية أدت لقيام تلك الثورة وإلا لما ثار الشعب على النظام الذى يحكمه. ولكن ليس من السهل أن يثور المصريون، وليس ذلك لعيب فيهم ولكن نظرًا لعوامل عدة تراكمت على مر السنين أهمها الطبيعة الزراعية السلمية لدى المصريين، والتى تدفعهم للرضا بما لديهم ومحاولة تكييف أوضاعهم بما هو متاح. ولكن هذا هو نفسه الذى أغرى من حكموا مصر بأن المصريين قانعون راضون يصعب أن يعترضوا أو يثوروا، ولكن لم يفطن هؤلاء إلى أن هذا الشعب الصبور الراضى إذا غضب فإن غضبته لا تبقى ولا تذر، وهكذا صبر المصريون على مبارك ونظامه وحاشيته، الفساد ينخر فى جسد الوطن الطيب، والمفسدون يبيعون خيرات الوطن بأبخس ثمن والفساد والانحلال ينتشران فى كل ناحية ويشجع النظام الفاسد إلى مزيد من الانحطاط والتردى مع قتل الحياة السياسة والثقافية وتشجيع التغييب والانحطاط والتردى الفكرى لكى يحكموا قبضتهم على الشباب المحرك الحقيقى لأى تغيير مرتقب، تصوروا أن مصر ضيعة خاصة يرثها الابن من الأب دون أدنى اعتراض أو امتعاض من أهل هذا الوطن، وظنوا أنهم خدعونا، إذ صوروا لنا أن البلاد بدون تلك الشرذمة الحاكمة قد تضيع وأن مصر قد عقمت أن تنجب قائدا يدير شئونها، وأن كل المشكلات ليس سببها فسادهم بل سببها كسل المصريين وزيادة السكان، ولكن منذ متى كان المصريون كسالى وهم من هم يقظة وفكرًا وحيوية منذ فجر التاريخ؟ ومنذ متى كان تعداد السكان عائقًا أمام تقدم الأمم؟ وعندما بلغ الفساد مداه، وتسرب اليأس إلى نفوس المصريين فى أى انفراج لأزماتهم فى ظل نظام مستبد فاسد، والمصيبة أنه يمهد لوريثه من بعده ليكون فسادا على فساد وخرابا على خراب، عندها هب المارد المصرى بعد طويل سبات، هب المارد المصرى ولن يخمد ثورته كلام أو اعتذار أو دموع تماسيح، هب المصريون وليس لهم إلا مطلب واحد: اقتلاع النظام الفاسد من جذوره ومحاكمة الجميع محاكمة علنية واضحة صريحة يعاقبون فيها على مصائبهم تلك طوال عقود، ثار المصريون مطالبين بتغييرات حقيقية وليست مظهرية، ثار المصريون وتعهدت قواتهم المسلحة ثورتهم بالحماية واختار المصريون حكومة جديدة آملين أن تكون حكومة ثورة، وأن تقوم بخطوات إصلاحية سريعة واضحة لا خداع فيها ولا تباطؤ ليعرف الجميع أن ثمة ثورة قد مرت من هنا. ولكن.. حتى الآن ما هى أهم ما قامت به حكومة الثورة من تغييرات جوهرية فى واقع المآسى المصرية، أتكلم هنا عن تغييرات يلمسها المواطن المصرى الكادح من موظف وشاب عاطل ومزارع وعامل وخريج جامعة وطالب مدرسة؟ لقد ألهب عبد الناصر حماس المصريين عندما وجدوه ينتزع الأراضى من الإقطاعيين ويوزعها على أبناء الوطن، وعندما رأوه يؤمم قناة السويس، ضاربًا عرض الحائط بأى حسابات خارجية وواضعا مصلحة مصر فى المقدمة، وعندما رأوه يبنى السد العالى ويقيم المصانع ويبنى ويصلح هنا وهناك.. هكذا فعلا كانت الثورة لأن نتائجها نتائج ثورية، ما معنى أن تقوم ثورة وتأتى حكومة الثورة ولسان حالها يقول ليس فى الإمكان أبدع مما كان؟ أى حكومة ثورة هذه التى تفرغ وزراؤها للأحاديث الإعلامية دون أى تغييرات ملموسة يشعر بها المواطن الكادح؟ إننا كلنا نسعد ونستشعر خيرًا عندما نرى الدكتور زويل يعود مبتسمًا وكله أمل ليقيم مدينته العلمية فى مصر، ولكن عذرًا فالمواطن البسيط يشعر بمرارة كبيرة عندما يعجز أن يحصل على أنبوبة بوتاجاز أو كيلو لحم لأبنائه أو يجد أنه أصبح يدفع أكثر فى المواصلات، كيف يشعر المواطن بالتغيير، وهو يرى أن ابنه الذى صرف على تعليمه كل ما يملك ليعلمه يجلس بجواره بلا عمل؟ هل حدث تغيير فعلا إذا كانت الرشوة والواسطة مازالتا هما القانون الراسخ فى كل المصالح الحكومية؟ لابد أن يشعر كل مصرى بالتغيير الذى أعقب الثورة، ليست الثورة مجرد رحيل مبارك من قصره فى شرم الشيخ إلى مستشفى القوات المسلحة هناك أو وجود رموز نظامه فى سجن طرة دون محاكمات عاجلة، ولكن التغيير الأهم هو أن نشعر جميعنا بأن تلك المعاناة التى قامت من أجلها ثورتنا قد انتهت. سمعت كثيرين يتساءلون: هل قمنا فعلا بثورة؟ إذا كان الجواب نعم، فأين هى تلك الثورة؟ هذا السؤال لحكومة دكتور شرف ونتمنى أن يجيب عليه عمليا وليس بمزيد من الأعذار.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل