المحتوى الرئيسى

الفاجومي: شباب السبعينيات بتاع ثورات مش بتاع سندويتشات

06/06 13:14

كنت أحد زوار الفاجومي في مركز قيادة السطوح في التسعينيات من القرن الماضي, تابعت شعره وقرأته وشعرت به , هزني كما هز مشاعر أبناء جيلي بالحماس وضرورة التغيير .كنت أذهب أنا ومجموعة من الصحفيين اصدقائي لكي نرى هذا الكائن الخرافي احمد فؤاد نجم الملئ بحكمة السجون والمعتقلات ومحمل بعبق الماضي وثورات جيله .كنا نذهب إلي مساكن الزلزال بمنطقة المقطم بجوار السوق لنصعد في رحلة إلى آخر دور في العمارة التي يسكن بها لنصعد مرة أخرى سلما حديديا ضيقا لنصل إلى مركز قيادة السطوح , وقتها كنت مبهورا به وبالشعارات والعبارات الرنانة ملأ بها معجبوه أرجاء غرفته , في الوقت الذي كان هو أيضا مبهورا بجهاز " أتاري صغير " علمه احد الشباب عليه لعبة " كرة القدم " فكان يجلس أمامه ساعات طويلة يتنافس مع أبناء جيله وجيلنا على اللعب " حين ذاك لم يكن قد تم اختراع البلاي ستيشن أو النينتندو ولكن تكنولوجيا عصرنا بهرته فكان يقول إن الثورة القادمة هي ثورة التكنولوجيا فمن يستطيع استخدام هذا الجهاز المعقد يستطيع فعل أي شئ كنا نستمع من المنبع الاصلي للشعر , وتدور علينا صواني الشاي لنرتشف الأكواب بنهم وهدوء حتي لا يعلو صوتنا فوق صوته الضعيف الواهن الذي كان يمتلئ بالقوة رغم ذلك .كان يروي لنا علاقته بالفنانين وبالعسكر والمعتقلات ويغذي أرواحنا بأشعاره ونغني معا البقرة حاحا , وجيفارة مات , ويحبش لنا الجو بحكاياته ومغامراته النسائية للدرجة التي كان يغار منه الشيخ امام منه علي ذلك حيث كان يقول له أنت يا إمام عشان أعمى عليك " التحسيس " وأنا عليا أقوم بالباقي .في مركز قيادة السطوح كانت أحلام الثورة تنمو بداخلنا , وعندما جاءت ثورة 25 يناير كان هذا الحلم قد أصبح شابا يافعا ممتلئا بالحماس والشموخ . فذكريات سجنه التي كان يرويها لنا وهو جالس معنا نحن شباب الصحفيين الذين انبهروا به كانت تجذبنا نحو الانتفاضة لنغير هذا البلد والخوف من أن نلاقي نفس مصيره بالسجنوعندما شاهدت فيلم الفاجومي شعرت بنفس أحاسيس جلسات عم أحمد فؤاد نجم " نفس الحكايات المتفرقة بالتواريخ نفس شهيته المفتوحة للحياة وللتغيير , فلقد حاول الفنان خالد الصاوي أن ينقل نسخة من عم أحمد فؤاد وإن كانت إمكانيات السيناريو لا تساعده أحيانا في تحقيق ما يريد .استغل حبه للشعر وكتابته له وتأثره في فترات من حياته بشعر نجم في تقمص الشخصية , فهو شاعر والشعراء هناك جسر غير مرئي من الهموم والحزن يجمعهم معا , ولقد نقل خالد هذه الأحاسيس ببراعة شديدة , وإن كانت القفزات في الأحداث قد حدت من قوة التأثر وعلاقاته بالنساء في الفيلم قد يراها الكثر مبالغا فيها ولكن من يعرف احمد فؤاد نجم الحقيقي لا يرى ما يحدث مبالغا فيه لأن النجم كان محبا للجمال والنساء هما مصدر الجمال في هذا الزمن .قد يعتقد من يشاهد إعلان الفيلم أن فيلم الفاجومي " يسجل أحداث الثور أو يتعرض لعصر مبارك , ولكن هذا غير صحيح , فالفاجومي يبتعد كثيرا عن هذا العصر ولكنه رصد بعض مشاهد الثورة على انغام " الورد اللي فتح على جناين مصر في نهاية الفيلم وتزامن آخر اعتقال لأدهم فؤاد نسر في الفيلم أو احمد فؤاد نجم الحقيقي في شهر يناير ليعني أن هذا الشهر في كل العالم هو شهر الثورات .وتعاقب الأحداث والاعتقالات بنفس ما حدث في ثورة 25 يناير جعل كل المشاهدين بطريقة غير مقصودة يرون أن التاريخ يعيد نفسه من حيث ثورة الطلبة , واعتقال المعارضة ومحاكمة رموز الفساد في المعتقلات وأصحاب المناصب العالية والتي كان يمثلهم " محمود قابيل " الذي كان يؤدي دوره ببراعة شديدة , وقد لا يعلم الكثيرون أن الفنان محمود قابيل كان احد الضباط الاحرار الذين كونوا وقتها جماعة سرية وقتها ضد حكم الملك فاروق , ولقد عبر هو عن الرمز الفاسد من المجتمع كما ينبغي .الفيلم لم يتعرض لفترة السابق حسني مبارك بكل مساوئها رغم أنها امتدت لـ 30 عاما كاملة واكتفى بنقد تاريخ السادات وجمال عبد الناصر من خلال فتحهم للمعتقلات وتغير كلمة المعتقل من عصر جمال الي السجن في عصر السادات دون أن يتغير الظلم والقهر وطرق التعذيب مثلما يحدث الآن تغير " أمن الدولة " بالأمن الوطني " دون أن يتغير رموز الفساد به وطرق تعذيبهم .كانت هناك العديد من السقطات الدرامية في العمل حيث قام بتغيير اسماء الأبطال ليصبح أحمد فؤاد نجم أدهم فؤاد نسر , والشيخ إمام إلي الشيخ همام , وذلك تجنبا لأي مشاكل قد تحدث , كما أن هناك العديد من الديكورات في الحارة المصرية لم تناسب فترة السبعينيات مثلا " سور كورنيش النيل " في مشهد اختلاف الشيخ همام مع أدهم فؤاد نسر ,ومشاجرة الشارع مع الفنانة جيهان فاضل التي فضحت شكل الديكورات , وان كان عصام الشماع قد استعان بالكثير من المشاهد التسجيلية ليداري عيوب الديكورات في العمل , رغم أن هناك العديد من الأفلام المصرية التي تعرض الحارة المصرية مثل فيلم " العيش والملح " بطولة نعيمة عاكفتجسِّد في الفيلم دور "آمال"وهي مزيج بين أكثر من شخصيَّةٍ نسائيَّةٍ عاش معها الشَّاعر أحمد فؤاد نجم العديد من التجارب وهو دور فتاةٍ شعبيَّةٍ تعتبره الأصعب في مسيرتها الفنيَّة وهو أيضا خروج من دور الفتاة الأرستقراطية بسبب طبيعة ملامحهاجاءت شخصية جيهان فاضل في العمل قريبة من النساء المصريات في هذا الوقت ولقد ادت جيهان دورها كسيدة لا تفقه شيئا في السياسة غير ما يقال لها ببراعة شديدة وإن كان الدور يحتوي علي مجموعة من المبالغات في البداية ولكن في منتصف العمل استعادت الشخصية توازنها من جديد , جيهان تفوقت في هذا الدور بشدةتقوم بدور الكاتبة صافيناز كاظم إحدى زوجات نجم. ويعتبر هذا الفيلم ثاني لقاء لكندة علوش مع خالد الصاوي، الذي يجسّد شخصية الشاعر نجم.كندة كانت تؤدي دور الكاتبة والصحفية , صافيناز كاظم ببراعة , بنفس التحدي والقوة , وان كان يعيب عليها انها كانت تستخدم الروج والمكياج حتي وقت اعتقالها , فبألتاكيد لا توجد نساء في المعتقلات مصابات بمرض في الحنجرة يرقدن على سرير الطبيب وهن يضعن روج على شفاههم أو على اقل تقدير " زبدة كاكاو " لكن في العموم كان أداء كندة جيدا خاليا من اي مبالغاتجسدت شخصية "عزة بلبع" وهى من طبقة ارستقراطية، ولها عاداتها وتقاليدها، وترتبط بخالد الصاوى "أدهم عز"، داخل أحداث الفيلم وتتزوج منه،فرح لم يكن هناك الكثير لتقدمه حيث ادت دور عزة بلبع التي شاركت نجم والشيخ أمام فترات طويلة من حياتهما , وان كان دورها جاء مهمشا بعض الشئ , كان يمكن أن يصبح أفضل في اداء فرح اذا كانت لها المساحة المناسبة .الفنان الكبير صلاح عبد الله، يجسد شخصية "همام موسى"، ويقصد بها شخصية الشيخ إمام داخل أحداث الفيلم، وهو ملحن وصديق خالد الصاوى "أدهم عز" اللذان يبدآن معا مشوار النجاح والكفاح أيضاً ضد العدوان الثلاثى، صلاح عبد الله غنى داخل أحداث الفيلم، ولكن غناءه عبارة عن مقاطع، وليست أغنية طويلة، والصوت ركب على حركات شفاه فقط.ممثل من العيار الثقيل , كنت أخشى كثيرا ألا يؤدي دور الشيخ أمام بالطريقة المناسبة ولأنه فاق كل توقعاتي وأداه بطريقة جيدة جدا رغم أنه لم يكن بنفس الصورة التي رسمتها لي الافلام التسجيلية التي شاهدت الشيخ إمام ورؤيتي المباشرة لاحمد فؤاد نجم من حيث التكوين الجسدي لإمام ولنجم , حيث ان الأبطال الحقيقيين في غاية النحافة وصلاح عبدالله وخالد ذوا بنية قوية ممتلئة .الفيلم من بطولة خالد الصاوى وصلاح عبدالله وفرح يوسف وكندة علوش محمود قابيل وفرح وجيهان فاضل وتامر هجرس وتأليف وإخراج عصام الشماعالفليم نوعا ما جيد من حيث أنه سوف يعود بالشباب إلي فترة الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي وتشابه أحداثة مع ما حدث في ثورة 25 يناير وأن الجيل القديم أيضا ان " بتاع ثورات مش بتاع سندوتشات "

Comments

عاجل