المحتوى الرئيسى

تضارب الآراء حول تبعات زيادة الأجور في المغرب

06/06 11:41

الرباط - حسن الأشرف انتقد خبراء اقتصاديون مغاربة الزيادات الأخيرة في رواتب موظفي الإدارات العمومية وفي الحد الأدنى من الأجور في قطاعات التجارة والصناعة والمهن الحرة، بسبب التداعيات السلبية لهذه الزيادات على النمو الاقتصادي. وفيما اعتبر هؤلاء الخبراء هذه الزيادات في الأجور خطوة غير إستراتيجية لكونها جاءت استجابة لضغوط الشارع المغربي، كشف تقرير اقتصادي رسمي عن أثرها الإيجابي من جهة في تحسين دخل الأسر وقدرتها الشرائية، ومن جهة أخرى تأثيرها السيئ على رصيد الميزانية والميزان التجاري. وكانت الحكومة قد رفعت أجور موظفي الإدارات العمومية مطلع مايو الماضي، وفي الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص في مرحلتين ابتداء من يوليو المقبل وحتى يوليو 2012. آثار فورية وتداعيات سيئة ويعتبر الخبير الاقتصادي الدكتور عمر الكتاني أن الزيادات الأخيرة في الأجور سواء في القطاع العمومي أو الزيادة في الحد الأدنى من الأجور بالنسبة للقطاع الخاص، جاءت تحت ضغط الشارع والحركات الاحتجاجية في البلاد منذ 20 فبراير المنصرم. وتساءل الكتاني في حديث لـ"العربية نت" أنه عوض الزيادة في الأجور، لماذا لم تبحث الحكومة في مناسبات سابقة عن الزيادة في مناصب التشغيل والاستثمار في التشغيل، مضيفا أنه لو تم توظيف شخص عاطل داخل كل أسرة، لكان ذلك أكثر مردودية اقتصاديا من الرفع في الأجور. ويشرح المتحدث بأنه إذا لم تكن المردودية الاقتصادية مرتفعة فإن الرفع من الأجور سيفضي في الأجل المتوسط والبعيد إلى مديونية مالية ومزيد من الخصخصة؛ لكون سياسة التقشف وعقلنة الاستثمار لم تتبناها الدولة، وبالتالي فالموارد التي تذهب إلى سد الزيادات في الرواتب ستأتي من خصخصة ما تبقى من القطاعات الاقتصادية وأيضا من الاقتراض. وشدد الكتاني على أن هذا الرفع في أجور الموظفين والعمال في القطاع العمومي والخاص مجرد حلول ظرفية وترقيعية تلجأ إليها الدولة كل مرة منذ خمسين عاما دون نتائج ملموسة على الواقع المعاش للمواطنين. مشروع الطاقة المتجددة وأفاد الكتاني أن الحل يكمن ليس في الزيادة في الأجور، وإنما في تبني المؤسسات العامة لبناء مشروع آخر للاستثمار يختلف عن المخطط الوطني للإقلاع الصناعي "إيميرجونس" ويكون مكملا له، كما يجب استقصاء القطاعات التي لا تدخل في نطاق هذا المشروع، ويمكنها أن تخلق مناصب شغل عديدة للشباب العاطل والمؤهل. واستطرد قائلا: هناك أيضا مشاريع كثيرة يمكن أن تخلق نموا اقتصاديا يتيح التشغيل للشباب العاطل، مثل مشروع التشجير بالمغرب، وأيضا مشروع التنمية المستدامة، ومشروع الطاقات المتجددة بناء على الكفاءات المغربية. وعاد الكتاني ليؤكد أنه ليس ضد الزيادة في الأجور لصغار الموظفين والعمال لكونه سيساهم في الرفع من القدرة الشرائية لهم، لكنه يتساءل بالمقابل عن أولوية ذلك مقارنة مع الاستثمار الإنتاجي، وليس الاستثمار الموجه للاستهلاك الذي يتفشى أكثر بالمغرب. وخلص الخبير الاقتصادي إلى أن هذه الزيادات في الأجور سيكون لها أثر فوري ولحظي خلال سنوات قليلة، لكن على المدى المتوسط والبعيد ستتفاقم المشاكل الاقتصادية الكبرى مثل البطالة والاستدانة، وأيضا على مستوى النمو الاقتصادي بصفة عامة. شراء السلم الاجتماعي وبدورها، اعتبر الخبير الاقتصادي الدكتور ادريس بنعلي أن ما قررته الحكومة من زيادات في الأجور يأتي في سياق البحث عن مخرج سريع للضغوطات الاجتماعية التي تعرضت لها سواء من طرف الاحتجاجات في العديد من القطاعات أو من لدن النقابات المهنية المختلفة. وتأسف بنعلي في تصريح للعربية نت من النظرة القاصرة للدولة في هذا المجال، باعتبار أنها حاولت شراء السلم والأمن الاجتماعي من خلال الرفع من رواتب الموظفين والحد الأدنى للأجور للعمال في القطاع الخاص والمهن الحُرة، وليس بإقامة وتطبيق إستراتيجية اقتصادية واضحة المنطلقات والغايات. وتوقع بنعلي أنه في غضون سنتين ستبدأ العديد من القطاعات الاقتصادية في التقوقع والتدهور نتيجة تبعات هذه الزيادات في الرواتب التي أتت دون تخطيط ولا دراسة قبلية معمقة، معربا عن أمله في أن تجتاز الحكومة هذه العراقيل في الآجال المتوسطة بسلام. إيجابيات وسلبيات وفي السياق ذاته، كشف تقرير صدر أخيرا عن المندوبية السامة للتخطيط، وهي هيئة حكومية تعنى بالإحصاءات والتخطيط الاقتصادي، على أن الزيادة في رواتب موظفي الإدارات العمومية ستؤثر إيجابا على دخل الأسر المغربية وقدرتها الاستهلاكية واستهلاكها، كما ستؤثر بشكل إيجابي على الاستثمار والتشغيل والنمو الاقتصادي. بالمقابل، تقر المذكرة الرسمية أن هذه الزيادة في الأجور ستؤثر سلبيا على رصيد الميزانية والميزان التجاري، باعتبار أن ارتفاع الطلب المحلي سيفضي إلى ارتفاع الواردات، مما يزيد من تفاقم العجز التجاري، وهكذا سيتفاقم عجز الميزان التجاري بنسبة 0.63 سنة 2013، وعجز رصيد الميزانية بنسبة 0.51 في المائة سنة 2012. وبحسب تقرير مندوبية التخطيط، فإنه من جهة ثانية ستؤدي الزيادة في الحد الأدنى من الرواتب للقطاع الخاص إلى ارتفاع في تكاليف الإنتاج، الأمر الذي يحد من طاقات المقاولات ويقلص عرضها، وتفضي أيضا إلى ارتفاع الأسعار وإلى تقليص هامش عائدات المقاولات. وتردف المذكرة الرسمية ذاتها أن هذه الزيادة في الحد الأدنى من الأجور بالمغرب ستؤدي إلى انخفاض الناتج الداخلي الإجمالي، حيث يصل تقلص النمو الاقتصادي إلى 0.13 في المائة سنة 2012، وإلى 1.2 في المائة سنة 2015، وسيفقد سوق الشغل جراء ذلك 1500 منصب سنة 2012.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل