المحتوى الرئيسى

الدستور أولًا

06/06 08:41

بقلم: أحمد مجاهد 6 يونيو 2011 08:33:42 ص بتوقيت القاهرة تعليقات: 0 var addthis_pub = "mohamedtanna"; الدستور أولًا أظن أن هذه هى المرة الأولى التى يحرص فيها كاتب على اختيار عنوان مكرر لمقال جديد، دعما لمطلب جوهرى يسهم بشكل حاسم فى تحديد المستقبل السياسى للوطن فى سنواته القادمة. وأول ما أود تأكيده هو أن الذين يرفعون شعار «الدستور أولا» لا يعارضون المجلس العسكرى، بل يعظمونه ويرون أنه الجهة الوحيدة الجديرة بثقة وضع دستور البلاد الجديد تحت رعايته، لأنه لا يستهدف إلا مصلحة الوطن المطلقة والمجردة، أما أى تيار سياسى سيفوز بالأغلبية البرلمانية فلابد أن يحاول صبغ الدستور بصبغته الأيديولوجية أولا، وسن تشريعات تمنحه صلاحيات واسعة تضمن بقاءه مستحوذا على السلطة أطول وقت ممكن ثانيا.كما أنه إذا كانت الديمقراطية الحقيقية تؤدى إلى تداول السلطة بالضرورة، فإن أى حزب سيحقق الأغلبية فى الدورة البرلمانية القادمة لا يضمن أن يحققها فى الدورة التالية، فكيف نمنحه منفردا ميزة التحكم فى وضع الدستور؟ فلا يليق بدستور أمة أن ينطوى تحت عباءة حزب، ولا نقبل فى بلد عريق كمصر أن يتغير دستورها كلما تغيرت التوجهات الأيديولوجية للأغلبية البرلمانية.•••ولا أعرف لماذا يتصور الإخوان المسلمون أن هذا المطلب موجه ضدهم تحديدا على الرغم من أن طبيعة المنطق تقتضى وضع الدستور قبل الانتخابات البرلمانية التى لا تقوم إلا على أساسه. فمازلنا لم نحسم بعد هل سيكون نظام الحكم رئاسى أم برلمانى؟ وما هى قواعد الفصل بين السلطات؟ وهل سيكون لدينا مجلس نيابى واحد أم مجلسين؟ بل مازلنا لم نحسم هل ستكون الانتخابات نفسها فردية أم بالقوائم النسبية أم المطلقة أم مشتركة وبأى نسبة؟أما ترويج الإخوان لأن الهدف من وضع الدستور أولا هو تغيير المادة الثانية من الدستور فقط قبل حصولهم على الأغلبية البرلمانية، فترويج باطل يعزف على أوتار التعصب الدينى فى واقع مشتعل من أجل مكاسب سياسية ضيقة. فالمادة الثانية من الدستور تقرر حقيقة لا تقبل التغيير وهى أن أغلبية المصريين مسلمين واختلاف التوجهات السياسية وتعددها لا يؤدى لتغيير العقائد وفقا لاتهامات صبحى صالح الذى أعلن أن الإخوان لا تعترف بمسلم ليبرالى أو علمانى. كما أن المسيحيين أنفسهم أكثر تشبثا بهذه المادة من الإخوان المسلمين لأنها تضمن لهم الرجوع إلى شريعتهم فى قوانين الأحوال الشخصية بدلا من الرجوع إلى محاكم مدنية تطبق قوانين عامة على كافة المواطنين بغض النظر عن دينهم.أما تصور الإخوان أنهم سيحصلون على الأغلبية البرلمانية فى الانتخابات القادمة فمشكوك فيه أيضا لعدة أسباب: أولها أن النظرة الشعبية لأعضائها قد تحولت من مؤمنين مثاليين لهم أجنحة ترفرف بالحرية والعدل إلى سياسيين يصيبون ويخطئون ويختلفون ويتصارعون على مكاسب سلطوية، فقد سقطوا فى أعينهم من السماء إلى الأرض. وثانيها أن التيارات السياسية الأخرى كانت محظورة أيضا لكن دون إعلان صريح، وقد أخذت فرصتها الآن فى المنافسة السياسية الحقيقية. وثالثها وهو الأهم أن نواب الحزب الوطنى السابقين الذين يستندون إلى عائلات قوية وبخاصة فى الصعيد والدلتا يتم انتخابهم فى دوائرهم بعيدا عن انتمائهم الحزبى، وهم يعملون الآن بجد فى دوائرهم بينما تنشغل النخبة بخلافاتها السياسية، وقد صرح مصدر داخل الحزب الوطنى المنحل لليوم السابع بإمكانية عودة نحو 250 نائبا منهم للبرلمان الجديد.•••أما إشاعة أن المطالبة بالدستور أولا تلتف على نتيجة الاستفتاء ورأى الأغلبية فهى باطلة أيضا، لأن الاستفتاء على تعديل بعض مواد الدستور قد عُدِل عنه برمته بصدور الإعلان الدستورى الذى نعمل فى ظله الآن. لأن الاكتفاء بتعديل بعض مواد الدستور السابق فقط وفقا للاستفتاء مع الإبقاء على باقى مواده القديمة كما هى، لم يكن يمنح المجلس العسكرى وضعا قانونيا لإدارة البلاد وهو ما يقره الشعب كله ولا يسمح بالاختلاف عليه، فحتى تعديل المسار من أجل المصلحة العليا أمر وارد ومقبول.وعلى الرغم من جدية هذه القضية وخطورتها، فإن أطرف ما قيل فيها هو كاريكاتير الفنان مصطفى حسين الذى رسم فيه ديكا يقف على سور سطح إحدى عمارات القاهرة العالية وهو يصيح بأعلى صوت «الدستور الأول قبل الانتخابات».•••فهل سيتم الالتفات إلى هذه الصيحة الموضوعية العالية، أم سيتم التعامل مع الأمر بمنطق أن ديك مصطفى حسين، وديك الشباب الذين شاركوا فى جمعة الغضب وأعلنوا بجريدة الوفد أن إجراء الانتخابات قبل وضع الدستور إهدار لدم الشهداء، وديك الخبراء المشاركين فى أعمال لجنة الحقوق والحريات والواجبات العامة التابعة لمؤتمر الوفاق القومى التى خلصت لحتمية وضع الدستور أولا، وديك تحالف القوى الثورية الذى يضم 58 حركة وأعلن أنه سيدخل فى اعتصام مفتوح يوم 23 يوليو إذا لم تتحقق مطالب الثورة وعلى رأسها هذا المطلب، وديك كل الأطياف السياسية المصرية التى يحق لها المشاركة فى وضع دستور وطنها باستثناء الفيتو الإخوانى، كل هذه الديوك تؤذن فى مالطا. 

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل