المحتوى الرئيسى

إيجابيات وسلبيات أموال المساعدات

06/06 08:10

اعتاد الناس على تصريحات الحكومات المتعاقبة فى الماضى، التى كانت تخرج بأرقام وردية عن الاقتصاد، ولهذا فإنه عندما قامت الثورة ظهرت بعدها الإضرابات الفئوية مطالبة بتوزيع هذه الثروات المفترض تحققها. ومع سوء حالة الاقتصاد نتيجة تعطل قطاعات عديدة فى الوقت نفسه فقد خرج المجلس الأعلى للقوات المسلحة بحقيقة أن الاقتصاد فى حالة سيئة، وإذا لم يعد الإنتاج إلى معدلاته الطبيعية فسنكون فى ورطة اقتصادية حقيقية. ولم تكد هذه التصريحات تخرج حتى سارع المعلقون إلى أنهم لن ترهبهم تلك الآراء التى سميت فزاعة الاقتصاد. لكن المشكلة حقيقية. فلننس الأرقام. فلا يستطيع أحد أن ينكر أنه ليس هناك الكثير من السائحين فى الشارع، وهذا يعنى أن قطاع السياحة والصناعات المرتبطة به فى تباطؤ تام، ولا أحد يستطيع أيضا أن ينكر انخفاض تحويلات العاملين بالخارج بعد عودة آلاف المصريين العاملين فى ليبيا، ولا يخفى على أحد الارتفاع المستمر فى الأسعار وانخفاض قيمة الجنيه، مما يدل على انخفاض الإنتاج والإنتاجية. كان من الممكن تلافى حدوث الكثير من الإضرابات أو على الأقل تخفيضها لو كانت الحكومة فى وقت مبكر قد قامت بشرح الحالة الاقتصادية بوضوح، أوضحت أنها لن تستطيع تلبية طلبات الناس فورا، وبينت للناس متى وكيف ستستطيع تلبية مطالبهم. والآن، مصر حصلت على وعود بمساعدات تقدر بمليارات الدولارات من دول مختلفة، وهنا ينبغى ألا نقع فى فخ التصريحات الوردية مرة أخرى، فيجب على الحكومة أن توازن بين طمأنة الناس بمستقبل أفضل، فى ظل تحقق هذه الاستثمارات وبين الإسراف فى توقع منافع فورية، نتيجة الحصول على مليارات نعرف مسبقا أنها لن تكون فى صورة نقدية، لأنه من الصعب أن تجد دولة مانحة من الممكن أن تقدم مساعدات نقدية غير مشروطة باستخدامات معينة. يجب أن تشرح الحكومة للناس طبيعة وتوقيت هذه المساعدات، وأن إنشاء المشروعات والموافقة عليها سيستغرق عدة شهور على الأقل أو عاماً قبل أن نشعر بتأثير تلك المساعدات على انخفاض معدلات البطالة، فبالرغم من أننا نتوقع طفرة فى الاقتصاد فى المدى المتوسط فهذا لا يمثل سيولة نقدية نستطيع إنفاقها الآن. إن الحصول على هذه المساعدات ليس نهاية المطاف، فيجب أيضا توفير المناخ الملائم لاستثمارها جيدا عن طريق التالى: صياغة وتنفيذ رؤية واضحة بالنسبة للاقتصاد على أن يتضمن هذا التزاما باستمرار تبنى سياسة اقتصاد السوق الحرة فتكون الرسالة أن مصر ملتزمة بنظام رأسمالى منظم جيدا يتضمن عدالة اجتماعية، لكن مع الإدراك أن للقطاع الخاص دوراً مهماً فى تنمية الاقتصاد فى المستقبل، بينما يتركز دور الحكومة فى الرقابة والتنظيم وتوزيع الدخل عن طريق الضرائب، والتأكد من إتاحة فرص متساوية للجميع، وهذا يتطلب سن قوانين لتجهيز الساحة لمثل هذا النظام. فقوانين مثل قانون بيع واستغلال الأراضى، ومكافحة الاحتكار والضرائب، مكافحة الفساد- يجب تفعيلها وتوضيح العقوبات الناتجة عن مخالفتها لخلق بيئة استثمارية صالحة تعتمد على سيادة القانون وعدم وجود مفاجآت. يجب أن نستعد بقائمة من المشروعات المنتقاة جيدا، وندرس جدواها الاقتصادية الآن، بحيث تكون قابلة للتنفيذ خلال الأشهر القليلة المقبلة، فبدلا من التفكير فى إنشاء مصانع أسمنت جديدة تلوث البيئة وتستهلك طاقة مستنفدة، فلنحسن استغلال ما هو موجود لدينا فعلا من مقومات سياحية تعتبر الأكبر فى العالم، ومن موقع جغرافى مميز يمكن الاستفادة منه فى إنشاء موانئ نموذجية ذات وضع تنافسى كبير، تساهم فى خلق مجتمعات جديدة. العالم كله أظهر الاستعداد لمساعدتنا، ولذا فإنه يجب علينا أن نتأكد من أنه عندما تتحقق هذه الاستثمارات فإنها ستكون فى أرض خصبة للاستثمار، مما سيعود بالنفع على المستثمرين، وبالأكثر على البلاد. إننا نملك كل شىء لنكون الأفضل، لكن كل ما نحتاجه هو حسن استغلال ما نملكه.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل