المحتوى الرئيسى

مجلس "العدالة الوطنية".. كيف نقضي على الفتنة؟!

06/05 20:19

- د. حبيب: مشكلة العنف الطائفي نتاج سياسات النظام السابق - الشريف: دولة القانون تقف في وجه مشعلي الفتن - د. قنديل: المجالس عوامل مساعدة والحل يحتاج لجرأة - إسكندر: ما صلاحيات هذه اللجان للقضاء على الفتنة؟ - د. الجندي: تهيئة المناخ الإيجابي لنشر ثقافة المواطنة في مصر   تحقيق: الزهراء عامر "الفتنة الطائفية" ملف ظل يستخدمه النظام السابق طوال فترة حكمه للبلاد، محاولاً تفتيت نسيج المجتمع المصري الواحد المتماسك ليضمن وجوده متمتعًا بكرسي الحكم، وبعد سقوط هذا النظام قررت عناصر جهاز أمن الدولة المنحل وأعضاء الحزب الوطني السابق استثمارها لإشعال البلد وإغراقه في أزمات متلاحقة،‮ ‬وهي خطة معروفة لإشاعة الفوضى.   وبدأت هذه الخطة بأحداث كنسية أطفيح بعد سقوط النظام مباشرة، وبعدها أحداث فتنة إمبابة عقب صدور حكم المحكمة بحبس حبيب العادلي وزير الداخلية السابق، وعقب بدء التحقيق مع سوزان مبارك بدأ الاعتداء على المسيحيين أمام ماسبيرو.   أدت حالة الاحتقان الشديدة التي يعيشها أبناء الشعب الواحد من مسلمين ومسيحيين؛ نتيجة لبث الفتن بينهم إلى تشكيل العديد من اللجان والمجالس قبل وبعد الثورة لتبني فكرة الاعتدال والوسطية بين الإسلام والمسيحية، فكانت البداية مع "بيت العائلة" التابع للأزهر الشريف الذي تم إنشاؤه في عهد المخلوع ولم يستطع أن يقضي أو يحل الأزمة الطائفية، وبعد أحداث ماسبيرو قرر الدكتور عصام شرف، رئيس مجلس الوزراء، تشكيل لجنة العدالة الوطنية بمجلس الوزراء، لصد محاولات الفتنة الطائفية ورسم خريطة للمشاكل والقضايا المتعلقة بهذا الملف واقتراح حلول فعالة، كما كلف شرف اللجنة بإعداد مشروع قانون يجرم كل أنواع التمييز بين كل المواطنين.   وفي هذا الاتجاه أصدر المجلس العسكري مرسومًا بإنشاء مجلس "العدالة الوطنية" تحت شعار "الوحدة الوطنية"؛ بهدف وأد الفتنة والتصدي لها بقوة، وهذا المجلس  يجمع رجال دين مسيحيين وعلماء مسلمين ومستشارين قانونيين ومُفكرين من الجانبين؛ للتعامل مع أحداث الفتنة الطائفية والعمل على وأدها وإزالة أسباب الاحتقان الطائفي.   علامات استفهام كثيرة يطرحها قرار المجلس العسكري على الساحة حول طبيعية هذا المجلس وصلاحياته، والفرق بينه وبين اللجنة التي شكَّلها مجلس الوزراء لنفس الغرض، وهي لجنة العدالة الوطنية، وهل هذا هو الحل الفعلي لحل الأزمة الطائفية المتوطنة في المجتمع؟!    د. رفيق حبيب  بدايةً يوضح المفكر المصري د. رفيق حبيب، نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، أن مشكلة العنف الديني التي تتكرر بين المسلمين والأقباط في مصر، هي نتاج لعدة ظروف مجتمعية وسياسية تحتاج لمعالجة وحسم قانوني؛ لأنها مشكلة بالغة التعقيد.   وفيما يتعلق بدور مجلس العدالة الوطنية لوأد الفتنة الطائفية، يوضح حبيب أنه لا بد أن نعرف في البداية طبيعة هذا المجلس وصلاحياته، ووظيفته، والمساحة التي سيتحرك فيها،  وكيف سيتعامل مع الملفات الساخنة، مثل ملف التحويل من دين لآخر، ومشكلة بناء الكنائس، متسائلاً: هل سيستطيع المجلس أن يحل المسألة المحتقنة ويطبق العدالة ويحقق الردع؟ وهل سيكون جهة تساعد في تقصي الحقائق وتحديد المخطئ وتسعى للحسم؟   ويتابع: إذا كانت هذه الأمور هي وظيفة المجلس، وقد وضعها القائمون على تشكيله في الاعتبار، فنحن نوافق على إنشاء هذا المجلس؛ أما إذا كان دوره استشاريًّا فقط فلا داعي لقيامه من البداية.   ويرى أن وأْد مشكلة التعصب الديني والفتنة الوطنية سيكون بالقانون وليس بأي عوامل أخرى أو مسكنات يطرحها البعض هنا أو هناك، مؤكدًا أنه عندما تفعَّل دولة القانون دون عمل حسابات للديانة سيتم وأد الفتنة، وعندما نقف جميعًا أمام ساحة القضاء كمصريين وكمواطنين مصريين ستنتهي جميع المشكلات الناشئة بين المسلم والمسيحي؛ ولهذا فلا بد أن تكون هناك إجراءات قانونية محكمة لوأد الفتنة، بجانب وجود قواعد محددة تحمي من قام بتغيير دينه؛ لأن الإجراءات الحالية غير كافية، وهناك عشرات الأحكام غير مكملة لبعضها البعض، مرجعًا السبب إلى عدم وجود قوانين يتفق عليها الجميع.   قدما مبارك   الشيخ عبد الخالق الشريف "لا توجد في مصر فتنة طائفية على الإطلاق" بهذه الكلمات بدأ الشيخ عبد الخالق الشريف، مسئول قسم نشر الدعوة بجماعة الإخوان المسلمين وعضو الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين، كلامه، معتبرًا الفتنة الطائفية حوارًا مقيتًا أنشأه نظام مبارك السابق وتلقَّفه الإعلام الليبرالي، ومن ثم السياسيون والمثقفون وعمَّقوه في أصول المجتمع؛ حتى أصبح الأمر في غاية الحساسية؛ الأمر الذي رسخ عند الناس وهمًا بأن هناك فتنةً حقيقيةً بين نسيج المجتمع المصري.   ويلفت النظر إلى أن الأمن المصري حتى الآن يسير على إحدى قدمي النظام السابق التي كان يرتكز عليها، وهي إشعال نيران الفتنة لضمان وجوده، والقدم الثانية هي القضية الفلسطينية، وعندما زال هذا النظام تمت المصالحة.   ويرى أن تشكيل لجان ومجالس في ظل عدم وجود دولة قانون وحكومة عادلة قوية تستطيع أن تحكم البلاد وتحقق الاستقرار الاجتماعي المطلوب هو مجرد  كلمات طيبة؛ ولكنها لا تؤتي ثمارها في ظل هذا المناخ غير المستقر؛ بالإضافة إلى أن أطراف نسيج المجتمع الواحد يصرون على مواقفهم تجاه الأطراف الأخرى، فضلاً عن أن الكنسية حتى الآن لا تعرف ما لها وما عليها.   ويتمنى أن يتعامل المجتمع مع الأحداث الطائفية الأخيرة على أن هذا إنسان مصري يتعامل مع إنسان مصري آخر بصرف النظر عن ديانته، منتقدًا التركيز الإعلامي على أن الأفعال الخاطئة يرتكبها شخص مسلم وآخر مسيحي؛ لأنها إحدى وسائل تأجيج الفتنة.   مجتمع عادل    د. عبد الحليم قنديل ويوضح د. عبد الحليم قنديل، رئيس تحرير جريدة "صوت الأمة" أن مجلس "العدالة الوطنية" يسير في نفس اتجاه ما يسمَّى ببيت العائلة أو العديد من الجمعيات واللجان التي كونها بعض الشخصيات العامة في عهد النظام السابق أو بعد قيام الثورة، مبينًا أن الفتنة الطائفية إحدى صور التصنيف الاجتماعي المحتقن المليء بالعاهات؛ بعدما ارتفعت معدلات البطالة والفقر في المجتمع، وكل ما يحدث من أزمات يغلب عليها طابع الفقر والبطالة، مضيفًا أنه إذا أنشئ ألف مجلس ولجنة وما زال التصنيف الاجتماعي يعاني من مثل هذه الأزمات، فلن يكون المجلس له دور في وأد الفتنة الطائفية.   ويرى أن فكرة إنشاء المجالس فكرة مساعدة؛ لكن العنصر الأساسي فيها أن الأوتار لا تقوم على أساس العدالة، مبينا أن الأقباط لا يعانون من تمييز عنصري ضد وجودهم؛ فهم في كثير من الأحيان يحصلون على امتيازات لا تعطى لغيرهم.   ويبين أن الأزمة أوسع بكثير وأعمق من إنشاء مجلس يقضي على الفتنة التي زرعها النظام في ثلاثة عقود هي فترة حكمه للبلاد، فهذه القضية تستلزم تغييرًا جذريًّا في الأنماط السياسية والاقتصادية والاجتماعية في المجتمع لتقبل الآخر.   ويشير إلى أن ترسيخ مبدأ المواطنة والذي يعني أن يحصل الجميع على حقوقهم الأساسية، سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو مادية، لن يكون له معنى إذا لم يتوفر مجتمع عادل.   صلاحيات المجلس   أمين إسكندر ويضيف أمين إسكندر، وكيل مؤسسي حزب الكرامة "تحت التأسيس"، أن المسألة الرئيسية ليست إنشاء مجلس؛ ولكنها تتطلب معالجةً جادَّةً لمناهج التعليم والإعلام ونشر ثقافة حقيقية لوأد الفتنة في المجتمع، مع وجود آليات فعالة من شأنها غرس قيم المحبة؛ بما يسهم في تهدئة الأجواء ويسمح بتفاعلات سياسية يملؤها التفاهم وروح الديمقراطية الحقيقية في إطار المواطنة، فضلاً عن الحاجة إلى نص دستوري لا يميز بين طرف وآخر في المجتمع.   ويتساءل: هل وظيفية هذه المجالس إطفاء حرائق الفتنة؟ أم أنها تكتفي بتقديم تقارير حول طبيعة الأزمة؟ وما أغراض هذه المجالس وصلاحيتها؟ وما المميزات التي تستطيع فعلها وتختلف عن سابقيه؟، موضحًا أنه إذا كان هذا المجلس له دور في تأهيل المجتمع وله صلاحيات ويستطيع أن يجيب على هذه التساؤلات فنحن نرحب به، أما دون ذلك فنرفضه.     بداية الطريق   د. محمد الشحات الجندي على جانب آخر يشيد الشيخ محمد الشحات الجندي، أمين عام المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، بفكرة تشكيل مجلس يتبنَّى فكرة الاعتدال والوسطية في الإسلام والمسيحية؛ من أجل وأد الفتنة والتصدي لمحاولات التفرقة بين أبناء الوطن الواحد، معتبرًا ذلك المجلس خطوةً على الطريق الصحيح لإنهاء حالة الاحتقان الطائفي التي يعاني منها المجتمع.   ويوضح أن مصر بحاجة ماسة لمثل هذا المجلس؛ حتى تتصدَّى لأعداء الوطن الذين  يحاولون تفتيت نسيج الوطن الواحد المسلم والقبطي، مشددًا على ضرورة أن يتم التنسيق بين جميع اللجان والمجالس التي تم تشكيلها، مثل "بيت العائلة" والمجلس لكي تفعِّل كل الجهود لإزالة المفاهيم الخاطئة بين النسيج الواحد للوطن.   ويؤكد أنه لا بد من دعم مفهوم المواطنة؛ بحيث يصبح واقعًا حقيقيًّا وليس مرسومًا عسكريًّا، وهذا يتطلب وضع ضمانات لتفعيل قيم المواطنة والقوانين والنظم الانتخابية، وأداء أفضل لوسائل الإعلام المختلفة لتهيئة مناخ إيجابي لنشر ثقافة المواطنة المتساوية في مصر.   ويوضح أنه ينبغي مشاركة جميع أطياف المجتمع وأقطابه الدينية والعامة المعروفين بإخلاصهم ومواقفهم الوطنية، موضحًا ضرورة أن تتمتع هذه المجالس بصلاحيات كقوة القانون، وأن تكون جهات مسئولة تصدق على جميع القرارات التي يتخذها؛ حتى لا تتم مصادرة اختصاصاته.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل