المحتوى الرئيسى

في شارع المعز.. إدخل الجنة بزجاجة عطر

06/05 20:18

على بعد أمتار من محطة مترو حدائق الزيتون، رفع شاب في ثياب قصيرة ولحية غير مهذبة كوبا مثلجا من التمر الهندي إلى فمه، استغراقه في الشرب لم يقطعه سوى مكالة هاتفية لصاحب محل" الأمير"، صارخا في الطرف الآخر :" أيوه يا أحمد هيجيلك أبونا بولا، وهو قسيس زي أخويا بالظبط".. إنتبه الرجل ثم تحركت عيناه إلى أعلى حيث صور المسيح وبعض القديسين، فأكمل كوبه متحفظا قبل أن يغير اتجاهه جنوبا إلى منطقة "العزيز بالله".. حيث ما يطلق عليه "مستوطنة السلفيين". الفصيل الذي أثار جدلا سياسيا ودينيا عقب ثورة يناير.وفيما تبرز منطقة حدائق الزيتون كمركز للطبقة الوسطى القاهرية، ويشكل الأقباط رقما مهما في تركيبتها الثقافية، إلا أن العزيز بالله تستقل بخصوصيتها، فتفتقد التنوع السابق لصالح السلفيين، كمركز لمحاضراتهم، وتجارتهم، ومكتباتهم.بدأ التجمع السلفي ببناء مسجد العزيز بالله على يد الداعية محمد جميل غازي، وهو داعية سلفي له دروس عديدة، يوفرها إلى الآن المركز الإسلامي التابع للمركز، موقعه الإليكتروني، تستنبط من عناوينها ملامح تياره وعلاقتة بالآخر، ومنها؛" الرد عل أهل الكتاب"، "من تخاريف الصوفية"، "الرافضة"، " الطاغوت كما يصره القرآن".اكتسب المسجد شعبية إضافية بلمعان نجوم السلفية الجدد، محمد حسان وياسر برهامي، ومحمد حسين يعقوب، تحول تدريجيا إلى مؤسسة فكرية، تضم مركزا إسلاميا ومستشفى، وملتقى للدروس والدورات، وانعكس الإقبال السلفي عليه إلى رواج تجاري، لسلع يعتبر بعضهم بيعها رسالة.على جانبي شارع سليم الاول ولمئات الأمتار تتناثر المحلات والأكشاك، بعناوين دالة:" التوحيد للزي الإسلامي وملابس المحجبات" ، "مكتبة سلسبيل"، "المؤمنة لملابس المحجبات"، المدينة المنورة للزي الإسلامي، عسل نحل الفردوس.يقول محمد وهو واحد من بين ثلاثة إخوة يتاجرون في "الزي الإسلامي"،:"بدأنا كعمال عند أناس غيرنا، ثم قررنا الاستقلال، والآن بعد سبع سنوات نملك ثلاث محلات ومصنع،الحمد لله تجارتنا رابحة، نشعر بالبركة، لكن إيجارات المحلات تتعدى 4500 جنيه، تروج المنطقة وقت صلاة الجمعة ومع حضور كبار المشايخ مثل، يعقوب وحسان وعبد المقصود، والحال الآن راكد نسبيا".يؤمن محمد بعمل المرأة لكن بحسب تعبيره وفق الضوابط الشرعية، "فلا يصح أن تبيع إمرأة ملحفة ونقاب وهي ترتدي البنطلون، وإذا دخلت إمرأة للشراء تقابلها إمرأة تبيع لها، أما إذا جاء رجل ليشتري لزوجته أو أخته فنحن الرجال نتعامل معه".بجوار محل محمد وأشقائه "فرشة" لبيع سلع أخرى، كعسل النحل الجبلي، وأدوات الحجامة"، والتمور، وزجاجات العطر... إلخ، يرتفع صوت الشقيق الأكبر محتدا على انتقادات للحجامة، ويجزم أن ظهره اختفى منه الألم بعد إتباعها، ودور الطبيب برأيه يقتصر على تحديد حالات استخدامها،" أما جدواها وكونها سنة عن النبي فليس مجالا للتشكيك".وقت الصلاة يختفي الباعة الذكور، ويصطفون بجلالبيبهم تباعا في جنبات مسجد العزيز بالله، وأمامه، بكثافة تشبه ما تكون عليه بقية المساجد في صلاة التراويح.يقول أحمد الحاصل على دبلوم التجارة ويعمل في محل الأزياء الإسلامية:"أنا من المطرية، نحن أنا عاديون، أنا أشاهد مباريات الكرة والافلام، وأحب المشايخ في ذات الوقت، أعتبر نفسي مقصر، والطريق واضح فهم على حق".يحتد الشيخ سعيد صاحب المكتبة الإسلامية ، بعد أن سأل مرؤوسه عن أصل الجريدة وهل" هي علمانية أم لا"، والعلمانية برأيه هي الابتعاد عن دين الله، والترويج لمذاهب الغرب".قال سعيد:" لا أحب الصحافة وأكرهها كره العمى لأنها تضلل الناس".وأمام "فرشته" وقف إسلام يبيع "عبوات لبن الإبل الذي يشفي من الأمراض، وعسل النحل الجبلي ، والكشميري"، يتقاضى 20 جنيها في اليوم الواحد مقابل 12 ساعة من العمل، يستعد للتطوع في الجيش المصري ، ويضيف:" أنا باكسب والحمد لله لكن أريد وظيفة مضمونة وثابتة".على أبواب محطة المترو وقف محمد سعيد أمام عربة تحمل إسطوانات مدمجة، عناوينها اختلفت عن مثيلاتها هناك في العزيز بالله، زاحمت اسطوانات البرامج والألعاب تلك الخاصة بمشايخ السلفية، وفيما كان تجار "مستوطنة السلفيين"، ينعمون في جلابيبهم البيضاء ارتدى محمد بنطلونا وقميصا وإن بقيت اللحية.يقول محمد سعيد 55 عاما:" بدأت كبائع في منطقة رمسيس، وجئت إلى هنا بعد 12 عاما، أكثر ما أبيعه اسطوانات الشيخ الشعرواي، زبائني من كل نوع، الأقباط يشترون أحيانا اعمال مصطفى محمود والدكتور إبراهيم الفقي، لكن مشايخ السلفية كالحويني ويعقوب لهم زبائنهم أيضا وإن كان بنسبة أقل من منطقة العزيز بالله".يمثل سعيد تدين الزيتون "الأصلي" يحب عمرو موسى ويؤيده للرئاسة ، ويستنكر ترشيح البعض لمحمد حسان معتبرا إياه داعية فاضل، لكن لا علاقة له بالسياسة، يجاور أصحاب محلات أقباط، وبين الحين والآخر، يطل على "عصائر الأمير" يطفئ لهيب الصيف بكوب من التمر الهندي.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل