المحتوى الرئيسى

دعونا لا نكذب.. الأزمة تتفاقم

06/05 10:27

أحمد بومرعي مع بدء العد العكسي لانتهاء النصف الاول من هذه السنة، تبدو الأزمة المالية تراوح مكانها، وربما لم تتغير الأمور جذريا منذ بدايتها في سبتمبر 2008. وكشفت الفترة الاخيرة أن هناك قروض رجال أعمال كويتيين تمت تسويتها باستبدال ديون بملكيات بنوك وشركات. وهناك مؤشرات عدة تُظهر أن الوضع الحالي لا يختلف كثيرا عن نظيره في بداية الازمة، وربما هناك ما هو أسوأ من قبل، بعد أن تعطلت خطة التنمية بانتظار وضوح المشهد السياسي، وعدم حصول اكبر صفقة استحواذ على «زين» عوّل عليها السوق في 2010 وبداية 2011: • مؤشر السوق: بلغ حتى اغلاق الاسبوع الماضي 6338 نقطة، وهو أقل من أدنى نقطة بلغها المؤشر عند 6350 نقطة في بدايات الازمة المالية في فبراير 2009. • القروض المتعثرة: مازالت مصارف محلية تُصنف كصاحبة اكبر معدل قروض متعثرة في محافظها الائتمانية على مستوى المنطقة، كما جاء في تقرير لوكالة ستاندرز اند بورز المعروض اخيرا في القبس، ونسبتها المعلنة %8.1 من الاجمالي، كما في نهاية 2010، وهناك غير المعلن. ولم يتغير الوضع كثيرا بين 2008 و2010، فنسبة تغطية القروض المتعثرة أو غير منتظمة السداد بلغ %89 في 2008، ثم انخفض الى %67 في 2009، ثم عاد وارتفع الى %68 في 2010، أي هناك ما يُقارب %32 من القروض تحتاج الى تغطيتها، وتقدر قيمتها بـ350 الى 400 مليون دينار. لكن هذه النسبة قد ترتفع من جديد مع الانكشافات الجديدة لشركات ورجال اعمال، وربما تضطر بعض البنوك الى التحوط من جديد بالمخصصات لتغطية الانكشافات، كما توقع التقرير الصادر قبل يومين لصندوق النقد الدولي الذي أكد أيضاً امكان تحمل مصارف الكويت لصدمات اضافية. الائتمان معلق • محفظة التسهيلات الائتمانية: تبلغ قيمة هذه المحفظة 25 مليار دينار، ويبدو نموها شبه متوقف، اذ لم يزد في 2010 الا %0.6، بينما كان ارتفع %5.1 في 2009، و%17.5 في 2008، وفي ذلك مؤشر على أن الامور تسوء بين عام وآخر. وفي الاشهر الاربعة الاولى من هذه السنة لم تتغير المعادلة الصفرية في النمو. ويقول محلل مالي انه يفترض أن ينمو الاقراض بنسبة %10 لكي يُصنف نمو الاقتصاد طبيعيا. ويمكن ملاحظة أحد الاسباب الرئيسية خلف هذا الجمود في النمو، عند مطالعة أن %45 تقريبا من المحفظة تتركز في قطاعات شبه مأزومة: العقار (لا سيما في شقه التجاري) والانشاء والقطاع المالي وذلك منذ بداية الازمة. وهذه النسبة لم تتغير نسبة وتناسبا في المحفظة منذ الازمة، ويشكل حجم قروض القطاعات الثلاثة 11 مليار دينار تقريبا. ومن المرجح أن تكون البنوك المثقلة بهذه القروض غير مستعدة للمجازفة بأي قروض جديدة، نظرا للتركز لديها في 3 قطاعات غير مستقرة. كما أن الاوضاع الاقتصادية والسياسية غير المستقرة تحول دون المبادرات، علما بأن مشاريع تنموية عدة كانت موعودة في خطة التنمية لم تنطلق ورشتها، خصوصا الشركات الكبرى التي كان يفترض أن تقر في السنة الاولى من التنمية، ومع الاجواء الضبابية بين الحكومة والبرلمان لا يتوقع أن تمر قبل بداية السنة المقبلة، ويقول صندوق النقد الدولي في تقريره إن أي نمو للاقتصاد يرتبط بتحفيز الحكومة للخطة التنموية. ومن ناحية أخرى، هناك تكدس للسيولة في البنوك، حيث بلغت الودائع الخاصة 24 مليار دينار, وفائدتها انخفضت بنسبة %56 منذ سبتمبر 2008, أي ان هناك فرصة استثمارية في السوق اصبحت غير مجدية كما في السابق. انكشاف قروض • انخفاض قيمة الرهونات: تقود الاستنتاجات السابقة الى أن قيم الرهونات المأخوذة مقابل القروض تراجعت قيمتها بنسب تقارب %50 بعد الأزمة ولم تتغير معادلتها منذ فبراير 2009 وحتى الوقت الحالي، أي ان البنوك مازالت تعاني انخفاض هذه القيم ومزيدا من انكشاف قروضها، وربما ذلك يظهر في النموذجين التاليين: أولا, مؤشر أسعار الأسهم: خسرت القيمة السوقية للبورصة منذ بداية الأزمة ما يقارب %50 من رأسمالها، حيث بلغت 31.8 مليار دينار حتى إغلاق الأسبوع الماضي، مقارنة مع بلوغها ضعف هذا الرقم تقريبا في سبتمبر 2008. ويؤشر ذلك إلى أن معظم الاسهم المرهونة قد تكون خسرت من قيمتها، علما أن بعضها عدّل من أسعاره كقطاع البنوك في بداية السنة، لكنه عاد للتذبذب في الاشهر الاخيرة. ويلاحظ في قائمة اكبر 10 شركات مدرجة في البورصة التي تشكل قيمتها ما يقارب %50 من القيمة السوقية للبورصة، انها مرهونة بمتوسط نسبته %26 حسب الافصاحات تضاف إليها الرهونات التي هي تحت %5. هذا يعني ان افضل رهونات المصارف من الاسهم ما زالت تعاني اذا كان المؤشر عاد الى مستويات قاع الازمة. جدوى الدراسات.. أين؟ ثانيا, مؤشر أسعار العقارات التجارية: يتراوح متوسط تداول اسعار الايجارات للعقارات التجارية في محافظات الكويت ما بين 5 و8 دنانير وفق تقرير بيت التمويل العقاري للربع الاول من هذه السنة، وبلغ ادنى متوسط في العاصمة 5.5 دنانير واعلاه 6.5 دنانير. وفي مقارنة مع متوسطات ما قبل الازمة، يلاحظ أنها بلغت 15 دينارا وفق تقرير «بيت التمويل» للربع الثالث من 2008، مما يعني أن دراسات الجدوى للأبراج وبنايات المكاتب التجارية التي افترضت متوسطات ما قبل الازمة، واقترضت من البنوك على هذا الاساس، خسرت حتى الآن ما يقارب %57 من التدفقات النقدية المتوقعة من الايجارات، علما بأن هناك نسبة فائض في المعروض من المكاتب تبلغ %32 حتى الآن، وهناك معروض اضافي منتظر في 2011 و2012. • أزمة السيولة: كشف تقرير أخير لشركة مشاريع الكويت الاستثمارية لادارة الاصول (كامكو) عن أن %40 من الشركات المدرجة تجاوزت مطلوباتها المتداولة الموجودات المتداولة، أي أنها عاجزة عن سداد قروض تستحق من اليوم حتى سنة، وهذا أحد المؤشرات على أن لعنة أزمة السيولة وعدم القدرة على السداد أو الاقتراض التي بدأت في الازمة المالية لم تزل تراوح مكانها، وقد تتفاقم عندما يعرف السوق بيانات نحو 40 شركة موقوفة عن التداول الآن. وتتركز النسبة المذكورة لدى شركات الاستثمار، وهو دليل آخر على أنه ليس هناك حل ناجع ونهائي لملف التعثر منذ بداية الازمة المالية. وبلغ إجمالي الديون والالتزامات المالية في قطاع الاستثمار 4.25 مليارات دينار من بنوك محلية وأجنبية، كما في نهاية العام الماضي، علما أنها لم تنخفض سوى %2 عن نهاية 2009 مقابل انخفاض %24 في قيم أصولها. عمق الازمة هناك مؤشرات عدة تقود الى الاستنتاج أن السوق مازال في عمق الأزمة المالية، فالشركات مستمرة في عدم توزيع أرباح على المساهمين، لأنها لا تربح، وليس احتجازا للسيولة من أجل مشاريع مقبلة، وحتى الارباح المحققة في الربع الأول انخفضت %16 عن نظيرتها في الفترة المقابلة في 2010، كما حلل ذلك مركز الجمان، وملفات اعادة الهيكلة المالية لبعض الشركات لا تبدو انها عالجت الازمة جذريا بدليل مطالبة احدى الشركات دائنيها بإعادة النظر في خطة هيكلة كانت وقعتها. ويقول محلل مالي إن هناك شبه انفصام في الاقتصاد الكويتي، اذ ترتفع اسعار النفط وتكسب الميزانية فوائض بالمليارات، لكن القطاع الخاص يسير في اتجاه معاكس. وكانت القبس حللت في وقت سابق (عدد 13 ديسمبر 2010) أن هناك ترحيلا للأزمات من 2010 الى 2011، لكن كان هناك بصيص أمل من انطلاق عجلة التنمية. وبعد 6 اشهر لا تبدو الاوضاع السياسية الحالية مبشرة بامكانية الالتفات لمشاريع تنموية، مادامت المعركة السياسية الدائرة ليست من اجل الانجاز، وانما من اجل تصفية الحسابات. كما كان هناك امل آخر بصفقة زين، لكن السياسة ايضا دخلت على الخط لافشالها. ولاحت في الافق فرصة لانقاذ العقار التجاري من محفظة عقارية مليارية، لكن الاخيرة عالقة في اللجنة المالية والاقتصادية البرلمانية، ومصيرها لا يبدو مشرقا. واذا أُخذ بعين الاعتبار المؤشر السياسي المعتمد بشكل رئيسي حاليا لدى وكالات التصنيف الائتماني لاقتصادات المنطقة بعد الاحداث الاخيرة، فإن المؤشر يسير الى الاسوأ كما ظهر آنفا، وربما لن تنتج الفترة المقبلة حلولا جذرية لتغيير المشهد. *نقلاً عن صحيفة "القبس" الكويتية.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل