المحتوى الرئيسى

الحكومة الهندية تدرس سياسة «الطبق الواحد» في حفلات الزفاف

06/05 09:18

نتيجة للقلق السائد حول الإهدار الضخم للطعام خلال حفلات الزفاف المترفة وارتفاع أسعار الغذاء، تفكر الحكومة الهندية في إصدار قانون لتحديد قائمة الطعام التي تعد أحد العناصر الأساسية لحفلات الزفاف الهندية الثمينة. وقال وزير الغذاء الهندي كيه في توماس إن الحكومة تضع في عين الاعتبار وضع قانون لتحديد عدد الضيوف الذين من الممكن دعوتهم إلى حفلات الزفاف وغيرها من الأحداث الاجتماعية، بالإضافة إلى الأطباق التي يمكن تقديمها. وأضاف أن الحكومة ستدرس سياسة «الطبق الواحد» المتبعة في باكستان، والتي من الممكن أن تحاكيها الهند، بالإضافة إلى القوانين المشابهة المتبعة في البلاد الأخرى للتعامل مع المشكلة. وكانت قائمة المدعوين الذين بلغ عددهم 30.000 في حفل زفاف ابن أحد السياسيين البارزين في الكونغرس، قد أثارت ضجة شعبية وسياسية ضخمة في البلاد، حيث تعددت المأكولات المقدمة للضيوف، وكان بإمكانهم الاختيار من بين ما يزيد على مائة طبق خلال حفل الزفاف الذي استمرت مراسمه لمدة أسبوع. وقد بلغت تكاليف الأطعمة المقدمة في حفل الزفاف أكثر من 14 مليون جنيه إسترليني، وقد تم تقديمها على أكثر من 500 طاولة، وكانت هناك ثلاثون نكهة مختلفة من الآيس كريم. وتعد حفلات الزفاف الهندية أحداثا ممتدة، حيث تستمر لأيام عدة وتشتمل على الكثير من الاحتفالات. لذا تزيد قوائم المدعوين على المئات وربما الآلاف. ومن المعتاد أن يكون الطعام المقدم في حفلات الزفاف مترفا، وتشتمل قائمة الطعام على تشكيلة واسعة من الأطباق. فإطعام ضيوفك جيدا جزء من أحد التقاليد المتعارف عليها في جنوب آسيا. وعلى الرغم من ذلك، فإنه في الهند الجديدة الغنية، أصبحت الوجبات مترفة بشكل مبالغ فيه. فتتضمن قوائم الطعام الكثير من الأطباق، وبات من الطبيعي أن تواجه الاختيار من بين مئات الأطباق في حفلات الزفاف. ومعظم الأطعمة المقدمة في حفلات الزفاف لا يأكلها المدعوون، ولا يتم أيضا إرسالها إلى الفقراء والجائعين، لكنها تجد طريقها إلى صناديق القمامة. لذا يهدف قانون الطبق الواحد إلى تقليل هذا الإهدار. وفى السنوات الأخيرة، تقام بعض حفلات الزفاف الكبرى في «منتجعات الزفاف»، حيث من الممكن أن تشتمل قوائم المدعوين على ما يزيد على 15.000 اسم. ولا يكون حفل الزفاف مكتملا من دون أن يتم تقديم ثلاثة أنواع طعام مختلفة على الأقل للمدعوين - النوع الأول من شمال أو جنوب الهند، والثاني «قاري» أو أوروبي، أما الثالث فيتم اختياره من المطبخ المكسيكي أو الصيني أو الياباني. ويقود هذه الحملة سودارشان أغاروال، البالغ من العمر 80 عاما والذي كان حاكما لإحدى الولايات الهندية، وقد قال متحدثا إلى المراسل «أجد أنه من المؤلم بشدة أن ترى مائة طبق يتم تقديمها لنحو 1000 مدعو أو أكثر في حفلات الزفاف هذه وغيرها من المناسبات الاجتماعية. يستطيع المرء أن يتخيل الإهدار الهائل للطعام في بلد ينام 40 في المائة من سكانه من دون تناول العشاء. كيف يمكننا أن نبرر مثل هذا العرض المبتذل للثروة والإسراف الواضح في بلد يعاني من الفقر المدقع؟». وعلى مدار السنوات الثماني الماضية، قامت غيتا سيشاماني، الأستاذة الإنجليزية التي تدير ملجأين للكلاب، بتجميع الطعام المتبقي من فنادق الخمس نجوم التي تستضيف لقاءات اجتماعية كبيرة.. وتقوم بتجميع نحو 80 كيلوغراما من الطعام المهدر، وتطعم الكلاب في الملجأين التابعين لها. وقالت سيشاماني «من الواضح أنه أمر جيد بالفعل، لكن لا أدري إذا كان على المرء أن يفرض قيودا على رجل غني ينفق نقوده بطريقة غير حكيمة بواسطة القانون، أم لا. لكني أعتقد أنه سيكون من الأفضل أن نفعل ذلك عن طريق الأخلاق والوعي، وأن نخبر الناس بأن إهدار المال في الوقت الحالي أشد جرما منه في الماضي، بسبب الاتساع الضخم في الفجوة بين من يملكون ومن لا يملكون شيئا». وقال وزير الغذاء الهندي كيه في توماس «نعتقد أنه بإمكاننا أن نحافظ على حبوب الغذاء للفقراء والمحتاجين في هذا البلد عن طريق تقييد استخدامها في مثل هذه المناسبات الاجتماعية المترفة». وأضاف الوزير أن نحو 15 في المائة من الحبوب الغذائية والخضراوات في الهند يتم إهدارها «في مثل هذه المناسبات التي تتسم بالبذخ والإسراف الشديد»، لهذا ترغب الحكومة في عرض هذا القانون على البرلمان في أقرب فرصة ممكنة للحد من التبذير في مثل هذه المناسبات. وفى ولاية أسام شمال شرقي الهند، يسمح قانون التحكم في المدعوين المطبق حاليا، بوجود 25 شخصا فقط في الحفلات، بمن فيهم المضيف أو المضيفون، وبحد أقصى مائة ضيف في حفلات الزفاف والجنازات. وفى عام 2004، قامت حكومة جامو وكشمير بإصدار قانون يحدد عدد الأفراد المفترض تقديم الطعام لهم في حفلات الزفاف بنحو 250 شخصا إذا كانت الأطباق المقدمة نباتية، و200 شخص إذا كانت الأطباق ليست نباتية. وظل هذا القانون مدعوما من قبل المحكمة العليا. وتعد الهند عاصمة الجوع في العالم، فهي موطن لأكبر عدد من الجائعين في العالم. ووصف تقرير المؤشر العالمي للجوع لعام 2010 الوضع في الهند بأنه «مقلق». وتقدر منظمة «سريشتي أنام» غير الحكومية، أن نحو 7.000 شخص يموتون جوعا في الهند كل يوم، وتذكر أن سوء تغذية الأطفال في الهند أكثر حدة مما هو عليه في جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا. هناك نظام توزيع عام في الهند يكون مخولا بمقتضاه لمن هم تحت خط الفقر الحصول على حصة غذائية شهرية. وستقوم الحكومة بإنفاق نحو 13.6 مليار دولار هذا العام لدعم المعونات الغذائية الممنوحة للفقراء. وقال أشيش أبرول، المؤسس والرئيس التنفيذي لموقع «BigIndianWedding.com»، الذي يعد مركزا لبيع كل الأشياء المتعلقة بالزفاف «نحن مجتمع قديم، لكن طريقة إظهارنا لثرائنا تبين أننا حديثو العهد جدا بهذا النوع من الثروة. لم ير الناس ثروة مثل هذه من قبل، لذا يكون هناك عرض متباه للثروة في المراحل الأولى، حيث تكون هناك حاجة شديدة لمثل هذا العرض». لكن هل ستمنع هذه القوانين سوق حفلات الزفاف الهندية، التي تعد أكثر الحفلات لفتا للأنظار وارتفاعا في التكاليف في العالم (تصل تكلفتها إلى 1250 مليار روبية) من الوصول إلى نسبة 25 في المائة؟ ولا نحتاج أن نذكر أن مخططي حفلات الزفاف وهؤلاء الذين يهتمون بصناعة حفلات الزفاف الهندية لا يعتقدون أن هذا القانون الذي يمنع التجمعات الاجتماعية المترفة سيتم تطبيقه كثيرا. «في المقام الأول، يعتبر غير عملي. وحتى إذا وضع هذا القانون موضع التنفيذ، فسيقوم الناس بالتحايل عليه عن طريق دفع رشاوى للمسؤولين المختصين بالمراقبة»، هذا ما يقوله شيريبال كايلاش، أحد مخططي حفلات الزفاف والمقيم في دلهي. ويذكر آخرون أن إقامة حفلات زفاف مترفة جزء جوهري من ثقافة الكثير من المجتمعات الهندية. ويشير مورالي كاوشيك، محام بالمحكمة العليا، إلى أن «بعض المجتمعات، ولنقل على سبيل المثال بونجابي، تعرف بحفلات الزفاف المترفة. وبغض النظر عن الطعام، من الممكن أن يسرف الناس أيضا في شراء زهور لحفلات الزفاف بشكل مبالغ فيه. كيف يمكنك إذن أن تشرع قانونا يمنع الناس من شراء الزهور بكثرة؟ إن هذا مساو لانتهاك خصوصياتنا أو حقوقنا الأساسية». ويضيف كاوشيك أنه بدلا من فرض قانون، من الممكن أن يتم تشجيع المنظمات غير الحكومية على توزيع الطعام الزائد من حفلات الزفاف على الفقراء. يقول البعض إن الناس يدخرون لسنوات لضمان أن تكون حفلات زفاف أبنائهم على أعلى مستوى من الفخامة.. فما شأن الحكومة، ولا سيما في دولة ديمقراطية، كي توجه الناس إلى الطريقة التي يجب أن يقيموا بها حفلات الزفاف الخاصة بهم؟ وهناك تساؤلات عن كيفية تطبيق هذا القانون. هل ستقوم وزارة الغذاء أو الشرطة بمراقبة قوائم الطعام؟ هل ستتم إضافة هذا إلى مهام الشرطة الهندية التي تعمل كثيرا وتقبض قليلا؟ الأمر متروك لك للحكم على مدى صحة هذا التعليق.. ربما أصبح البشر متبلدي المشاعر لدرجة أنه يتعين عليك أن تفرض قانونا لكل شيء. فمن دون سريان قانون في هذا الشأن، يبدو أن الناس لا يؤمنون بدعم أعمال البر أو الإحسان.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل