المحتوى الرئيسى

رقيُّ الأُمم في اسْتِنْهَاضِ الهِمَم ..بقلم الشــيخ ياســين الأســطل

06/04 21:18

رقيُّ الأُمم في اسْتِنْهَاضِ الهِمَم ..بقلم / الشــيخ ياســين الأســطل الرئيس العام ورئيس مجلس الإدارة بالمجلس العلمي للدعوة السلفية بفلسطين معالي الأمور مبدؤها ذوو الألباب الأخيار ، تعتمل في العقول بجليلِ الأفكار ، فتصبح ُقوةً في العزائم وصدقاً في الإرادات ، تتحول إلى عملٍ محبوكٍ صالحٍ ظاهر ، ودربٍ مسلوكٍ واضحٍ سافر ، فيكون أولئك الأخيار بأعمالهم مع أقوالهم هم القُدْوَةَ والقادة ، ويصبحون بحكمتهم مع استقامتهم هم ذوي الألباب السادة ، فتستجيب لهم سائر جماعات الأمة بقضها وقضيضها ، وتُسْلِسُ مُسَلِّمةً لهم قِيادَها بعَدِّها وعَدِيْدِها ، وعندئذٍ تَرْقَى عظيمُ الأمم حين تُسْتَنْهَضُ الهمم ، بإصلاح فساد الذمم ، فتندفع الهمم العاليات لتحقيق المرادات الغاليات ، وتنطلق بأعمال المكارم النفوس الكرائم ، فما من فلاحٍ ولا نجاحٍ مع الإخلاد إلى الأرض ، ولا عزٍ ولا تمكينٍ مع تضييع السُّنَّةِ والفرض ، والحذرَ الحذرَ من وُلوجِ الشبهات ، واتباعِ الشهوات ، فكلٌّ منهما مُزْلِقٌ مُهْلِكٌ ، ومَوْرِدٌ مُرْدٍ ، وصدق من قال : الشرفُ بالهمم العالية لا بالرمم البالية . على أنه لا يرتفع عظيمُ البناء إلا على متين الأساس ، وقد أسس أجدادنا وآباؤنا البناء من قبلُ وبهم عَظُمَ و ارتفع ، لكن ضَيَّعَ منا من ضَيَّعَ ، فتهدم ولم يَنْقَضْ ، فلنُعِدْ ما انْهَدَم فالأصل ثابت والفرعُ في السماء بإذن الله . وفي الحديث قال صاحب المستدرك : أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه ، أنبأ محمد بن عيسى بن السكن الواسطي ، ثنا داود بن عمرو الضبي ، ثنا صالح بن موسى الطلحي ، عن عبد العزيز بن رفيع ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إني قد تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما : كتاب الله وسنتي ، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض " . وقد صححه الحاكم وحسنه الألباني. أيها الإخوة المسلمون :مما يبعث فينا قوةَ الهمة وسموَّ الروح أن الله أحسنَ خَلْقَنا وأكرمَ خُلُقَنا ابتداءً : فلقد جاءنا الوحي من القرآن العظيم والسنة المطهرة يستنهض فينا أصيلَ الخُلُقِ الكريم ، والهَدْيِ السمحِ القويم ِ، الذي هو فرعٌ من الأصل ، ومن المعلوم أن كرم المخلوق دليلٌ على كرم الخالق ، وأن جمال وكمال الصورة يعلم بجمال وكمال السريرة ، فقد خلقنا الله في أحسن تقويم ٍعلى الفطرة القديمة ، والسيرة المستقيمة ، وفي سورة التين قوله تعالى : { لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) } . وهذا يتجلى في أمرين : * الأول : أصلنا واحدٌ أبونا آدم ، وأمنا حواء ، ونصوص القرآن الكريم والسنة الشريفة تعلن مصرحةً أن الناس جميعاً يتساوون في أصل خلقتهم ، وقد خلقهم الله سبحانه أسوياء من أصلٍ واحد ، قال الله تعالى في سورة النساء :{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1) }، أما قوله جل وعلا :{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ } فهو تذكير بالعبودية الخالصة لله تعالى، وفي قوله : { الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء } تذكير بالأصل الجامع للناس فكلهم أبناء آدم وحواء فهم إخوة بعضهم لبعض ، وهذا يقتضي الشعور بالمساواة والعدل بينهم ، ثم ختم الله تعالى بقوله :{ وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } ليقرر هذا المعنى ولتتأكد هذه الحقيقة في الواقع الاجتماعي بقوة الهمة واستنهاضها في الأمة بسمو الروح عن أوضار الدنيا وشهواتها ، ليُصَدِّق ذلك تَحَوُّلُه إلى سلوكٍ وعملٍ وخلقٍ يوميٍّ بين الناس ، يؤدي إلى استقرار المجتمع ورسوخه . وفي الحديث الذي رواه الإمام أحمد بن حنبل في المسند عَنْ أَبِي نَضْرَةَ ، عَمَنْ شَهد خُطْبَةَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أوَسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ , قال : قَالَ رَسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيُّهَا النَّاسُ ، أَلاَ إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ ، أَلاَ وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ ، أَلاَ لاَ فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ ، وَلاَ لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ ، وَلاَ أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ ، وَلاَ أَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ ، إِلاَّ بِالتَّقْوَى ألا هَلْ بَلَّغْتُ ؟ قَالُوا : بَلَّغَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ .." اهـ . * الثاني : خلقنا الله حنفاء مؤمنين غير مشركين وفي صحيح الإمام مسلم رحمه الله قال :حَدَّثَنِي أَبُو غَسَّانَ الْمِسْمَعِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارِ بْنِ عُثْمَانَ وَاللَّفْظُ لِأَبِي غَسَّانَ وَابْنِ الْمُثَنَّى قَالَا حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ قَتَادَةَ عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ الْمُجَاشِعِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ فِي خُطْبَتِهِ :" أَلَا إِنَّ رَبِّي أَمَرَنِي أَنْ أُعَلِّمَكُمْ مَا جَهِلْتُمْ مِمَّا عَلَّمَنِي يَوْمِي هَذَا كُلُّ مَالٍ نَحَلْتُهُ عَبْدًا حَلَالٌ وَإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمْ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنْزِلْ بِهِ سُلْطَانًا " . أحبة الإسلام والإيمان ، مما يبعث فينا قوةَ الهمة وسموَّ الروح أيضاً : * الاقتداء بسيرة الصالحين من الأنبياء والرسل و بمَنْ جاء مِنْ بعدهم من السابقين المهتدين ، فإن تذكرَ وتذكيرَ الناس بذلك يدفعهم دفعاً إلى سلوك درب الفضائل ، والتنزه عن الرذائل ، ومن هنا جاءت هذه الآياتُ في سورة الأنعام هدايةً من الله لنبيه محمدٍ صلى الله عليه وسلم وأمته من بعده ليقتدوا بمن سبق من الأنبياء والمرسلين عليهم السلام: { الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (82) وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (83) وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (84) وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ (85) وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ (86) وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (87) ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (88) أُولَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ (89) أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ (90) } .ومن التذكير بالآباء الصالحين في العلو بالهمة لاستنهاض الأمة قول الله تعالى نقلاً عن بني إسرائيل في سورة مريم ، وهي زوجة نبينا محمدٍ في الجنة عليه وعليها الصلاة والسلام : {فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا (27) يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (28) فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (29) قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31) وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (32) وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (33) ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (34) مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (35) وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (36)} . يا عباد الله : هذا ديننا سمحٌ فلنتبع ، وربنا يدعونا فلنسمع ، ورسولنا صلى الله عليه وسلم يبين لنا فلنَهْتَدْ ، والعلماء يذكروننا فلنَقْتَدْ. أيها الناس يا عباد الله : مما يقوي همتنا ، ويشد من عزيمتنا التذكر والتذكير بالآخرة والترغيب لما فيها من الأجر المقيم للمتقين ، والتخويف من عذاب النار للكافرين ، بخلاف نعيم الدنيا الزائل : ففي سورة الرعد قوله تعالى : { مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ (35) }. قال الشيخ عبد الرحمن السعدي في تفسيره : ( يقول تعالى: { مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ } من هم المتقون ؟ الذين تركوا ما نهاهم الله عنه، ولم يقصروا فيما أمرهم به ، أي: صفتها وحقيقتها { تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ } أنهار العسل، وأنهار الخمر، وأنهار اللبن، وأنهار الماء التي تجري في غير أخدود، "الأنهار اليوم تجري في أخدود في الأرض في شق الأرض- أما انهار الجنة فلا - تجري في غير أخدود كيف الله اعلم ؛ اكبر من تصوري وتصورك- أمر الآخرة أمر عظيم لا نستطيع أن نتصوره نسأل الله أن نكون من أهل الجنة "...فتسقى تلك البساتين والأشجار فتحمل من جميع أنواع الثمار.{ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا } دائم أيضا، { تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا } أي: عاقبتهم ومآلهم التي إليها يصيرون، { وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ } فكم بين الفريقين من الفرق المبين؟!! ) وفي صحيح البخاري في وصف بعض نعيم الجنة للمؤمنين قال رحمه الله : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :" إِنَّ فِي الْجَنَّةِ خَيْمَةً مِنْ لُؤْلُؤَةٍ مُجَوَّفَةٍ عَرْضُهَا سِتُّونَ مِيلًا فِي كُلِّ زَاوِيَةٍ مِنْهَا أَهْلٌ مَا يَرَوْنَ الْآخَرِينَ يَطُوفُ عَلَيْهِمْ الْمُؤْمِنُونَ وَجَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا وَجَنَّتَانِ مِنْ كَذَا آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا وَمَا بَيْنَ الْقَوْمِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى رَبِّهِمْ إِلَّا رِدَاءُ الْكِبْرِ عَلَى وَجْهِهِ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ". هذا لا ينظرون إلي ربهم لأجل ذلك الرداء في سائر الأيام إلا يوم المزيد فيوم المزيد يخرج أهل الجنة إلي النظر إلي الله سبحانه وتعالي فيرون ربهم كما يرى الناس القمر ليلة البدر لا يتضامون -يعني لا يتزاحمون في رؤيته وإنما يرونه ويراهم سبحانه وتعالي فسبحان الذي خلق خلقه وأكرمهم بما شاء فما من نعمة في الجنة لا القصور ولا الدور ولا الشجر ولا البساتين ولا العنب ولا الحور ما من نعيم أعظم وألذ عند أهل الجنة من النظر إلي وجه الله سبحانه وتعالي نسأل الله أن نكون من أهل لذة النظر إلي وجه تبارك وتعالي , ولذلك لما رأت النسوة جمال يوسف قطعن أيديهن ونسين الفاكهة , وَ قُلْنَ حَش للَّهِ مَا هَذَا بَشراً إِنْ هَذَا إِلا مَلَكٌ كَرِيمٌ , فكيف لو رأينا ؛ ورأينا نحن وجه الله سبحانه وتعالي يوم القيامة إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر لست أنا القائل وإنما القائل هو محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى. أيها المؤمنون ، يا أهل فلسطين :لقد كنا أجدادنا وآباؤنا في أمسهم من البدو الأجلاف ، فأصبحوا في يومهم من السادةَ الأشراف ، سَلِمُوا فأسلموا لما سَلَّمُوا ، وعَلِمُوا فعَمِلُوا وعَلَّمُوا ، أخبتوا فأخلصوا ، وأحسنوا فَخُلِّصُوا ، فلتقوى في الخير عزيمتنا ، ولتنهض في البناء همتنا ، ولنمض في تحقيق المصالحة والإصلاح لذات بيننا ، فالمصالحة والإصلاح والوحدة بالتوحيد لله أساسُ بناء دولتنا المتين ، و هو سياج عزنا المكين ، و يا أهل فلسطين لنسارع فنبدأ العمل فقد كثر القول ، وكثرة القول دون العمل تضعف الهمة ، وتوهن الأمة ، فلنتق الله في أنفسنا وشعبنا وما حملنا ، والله الهادي والنصير.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل