المحتوى الرئيسى

مسرح الثورة.. إبداع يفتش عن الهوية

06/04 17:50

- عمرو دوارة: الفنان العربي أول المستفيدين من الثورة - السر السيد: الثورات صنعت البطل الحقيقي للمسرح - عز الدين مدني: طفرات مسرحية قريبة بمستقبل الفن   تحقيق: مهدي محمد مهدي من السياسة إلى الاقتصاد، ومن الفكر إلى الأخلاق.. ينتقل فعل الثورات العربية، ويمتد تأثيرها، ويصل إلى الإبداع الفني فيغير خارطته وأهدافه وحتى الجمهور.. هذا ما يؤكده تاريخ الثورات في العالم؛ حيث تفرض الأوضاع الجديدة تغييرًا كبيرًا على كل المستويات، ومن بينها عالم الفنون.   وفي سطور التحقيق التالي يبحث (إخوان أون لاين) مع عدد من أهل المسرح العربي الذين كانوا في زيارات للقاهرة مؤخرًا آثار الثورات العربية على خشبته والمكتسبات التي يحصدها من نجاحات الثورة وآمالها، فإلى التفاصيل:   بدايةً يرى الدكتور عمرو دوارة، رئيس الجمعية المصرية لهواة المسرح، أن الفنان العربي في مقدمة المستفيدين من مستقبل ما بعد الثورة؛ لأنه سيبدع في جوٍّ أكثر حريةً وديمقراطيةً، ويضيف: إذا كان الحكام العرب قد انشغلوا عن شعوبهم ولم يلتفتوا إلى القومية العربية وتحقيق الوحدة كما فعلت أوروبا، فإن الثورات العربية التي قادها الشباب قد طالبت بهذه القومية العربية وبالوقوف ضد الصهيونية والإمبريالية.   ويتابع قائلاً: في هذه اللحظة التاريخية من تاريخنا العربي يجب على المسرح العربي أن يقوم بدوره، ولذلك كان إصرارنا على إقامة دورة المهرجان العربي للمسرح لهذا العام برغم أية ظروف، وأطالب وأتمنَّى من كل الجهات أن تدعم وتساند هذا المهرجان؛ لأنه من المهم جدًّا أن يوجد مثل هذا المهرجان على أرض مصر كل عام؛ ليدعم ويقوِّي توجهاتنا وأهدافنا العربية المشتركة.   البداية ويعبر الناقد السوداني السر السيد عن فرحته الشديدة بثورة 25 يناير؛ التي اعتبرها البداية لعودة مصر إلى مكانتها الطبيعية، ويضيف: مصر هي الأخ الكبير للعرب وطوال ثلاثين عامًا مضت لم تستطع أية دولة عربية أخرى القيام بهذا الدور الذي أثبته التاريخ والجغرافيا، وعندما تقف مصر على قدميها وتستعيد عافيتها فسوف نشهد واقعًا عربيًّا مختلفًا.   ويؤكد أن الثورات العربية ستؤثر بشكل كبير في شكل ومضمون المسرح العربي، وسيتم طرح مفاهيم جديدة، خاصةً وأن هذه الثورات طرحت من خلال الفضائيات خطابًا مغايرًا، فقد غيَّرت من شكل البطل ومن شكل الحوار والاستجواب ومن فكرة الأقوى والأضعف، وكسرت الكثير من الحواجز، وبهذه الطريقة فسوف تتغير الكثير من المفاهيم المرتبطة ببناء الشخصيات داخل العمل الدرامي العربي، سواء كان  مسرحًا أو غيره.   ويضيف: وكذلك سيحدث تغيير على مستوى الشكل بعد التظاهرات والاحتفالات المختلفة التي شهدتها الثورات، وخاصةً الثورة المصرية والتي أظهرت إبداعات مختلفة على مستوى الشكل، ومن الممكن أن تساعد المسرحيين العرب في بحثهم عن هويَّة وشكل خاص للمسرح العربي.   ويتابع: الأهم من ذلك كله أن هذه الثورات علمت الشعوب التي ستتحوَّل إلى جمهور في المسرح؛ علَّمتهم التحرك بشكل جماعي والالتحام والحضور في مساحات جديدة مختلفة، ودفعتهم إلى فعل أخطر ما في المسرح، وهو أن يكتشفوا صوتهم ومدى قوته، وكذلك جعلت هذا الجمهور يصنع بطله داخل واقعه الحقيقي، وهو الأمر الذي ظل المسرح العربي يبحث عنه ويحاول تحقيقه عبر سنوات طويلة وأجيال متعاقبة.   مرآة الحياة وعن مسرح ما بعد الثورة، يقول النجم المصري أحمد ماهر: المسرح مرآة عاكسة لكل مجريات الحياة، ومن هذا المنطلق فمن المؤكد أن المسرح سينعطف انعطافة ذات لون وطعم ورائحة مغايرة تمامًا لما كنا نشاهده من قبل، وما من شك في أن الثورة وما أحدثته من تغيرات واضحة في الحياة المصرية سوف نرى تأثيره في مستقبل المسرح وهذا ما سنشاهده في قادم الأيام.   طفرات مسرحية ويرى المسرحي التونسي الكبير عز الدين مدني أنه من الممكن أن يحدث بعض التغيير في المسرح العربي، وقد نرى طفرات مسرحية جديدة، ولكننا لا ينبغي أن ننسى أن الكثير من نصوص المسرح العربي قد طرحت  القضايا التي مهَّدت لهذه الثورات، وبعد الثورات العربية فمن المؤكد طرح مفاهيم جديدة ورؤى جديدة وعلاقات مختلفة حتى على مستوى الجماليات، ونحن في انتظار حالة انتقال مختلفة للمسرح العربي.   ويضيف: وكذلك على مستوى الجمهور فإذا كانت الثورات تقدم له البديل الأفضل في الحياة فإنها أيضًا ستقدم البديل الأفضل للمسرحيين عن الحالة المأساوية التي كانوا عليها قبل الثورات والحالة التي كانت عليها المسارح، وعليهم أن يقوموا بإصلاح جذري لأوضاع الحركة المسرحية العربية، وهو ما يعيد الجمهور والحياة مرة أخرى للمسرح العربي.   إبداع ثوري ويوضح الناقد القطري الدكتور حسن رشيد أن الثورات العربية سوف تحدث تغييرًا في شكل المسرح العربي، ولكن الفنان لا يقدم بيانًا ثوريًّا كما يحدث من السياسيين، ولكن يقدم إبداعه من خلال مجموعة من العمليات التراكمية في ذاكرة المبدع ومن خلالها يخرج شكله الجديد.   ويضيف: وبغير ذلك يكون عمله الفني مجرد منشور سياسي بلا معنى أو قيمة، وينتهي عمله بانتهاء الثورة، ولذلك عادة عندما يكتب الفنان عن الحرب أو الثورات وما تنتجه من تغيرات وحالات إنسانية فيجب عليه أن يستغرق وقتًا في التفكير والتأمل؛ حتى يخرج فنه في إطاره المناسب.   ويستطرد: وعندك مثلاً بريخت عندما كتب "الأم شجاعة" لم يكن يكتب عن حالة آنية، ولكن من خلال تجربة حقيقية مع الحرب، وتأمل هذه التجربة فكان عمله صرخةً ضد كل الحروب وسوريا وغيرها، ويقول: أتصور أننا الآن في مرحلة الزرع وعلينا أن نزرع نخلاً لا برسيمًا على وجه الأرض.   ويلفت إلى أن آثار الثورات تمتد في محيطها الداخلي وإلى بلدان عربية في ليبيا واليمن، والغد بإذن الله أفضل بكثير؛ لأننا تغيرنا، وقد مللنا عروضنا المقتبسة ومن يسرق مجهود غيره وعروض الشعارات الجوفاء والعروض التي أطلقوا عليها تجارية، وعلينا الآن أن نغير هذا كله.   تغير إيجابي وتدعو الفنانة المصرية ناهد رشدي إلى انتظار بعض الوقت حتى تتضح ملامح الفترة القادمة على جميع المستويات، وبعدها تتضح صورة المسرح العربي والمصري ورؤية المسرحيين لكل ما حدث.   وتضيف: ومما لاشك فيه أن المسرح سيشهد الكثير من التغيرات على مستويات مختلفة، ولكن الأهم هو بحثنا عن أعمال جادة ومحترمة تليق بحجم ورقي هذه الثورات ومطالبها في مستقبل أفضل وأكثر حريةً وعدلاً.   ويوضح المخرج الأردني الكبير أن المسرح سيتأثر بالإيجاب على كافة المستويات نتيجة هذه التحولات السياسية والاجتماعية، ويقول: سنستطيع أن نقدم أعمالنا الابداعية بكل حرية وبلا قيود أو خوف، وأن نوجه النقد لمن نشاء في سبيل تقدم وتطور مجتمعاتنا نحو الحرية والعدالة.   ويبين المسرحي العراقي الكبير فخري عقيدي أن أول مبادئ الثورات هو التغيير ودائمًا ما يبدأ هذا التغيير من الحياة الثقافية لمجتمع هذه الثورة، ويضيف: إذا كان المسرح من قبل محصورًا داخل أربع جدران، فالزمن تغير وأصبح الآن يدخله الهواء النقي من كل الجوانب، وعلينا أن نصنع من هذا الهواء مناخًا مختلفًا نقدم به مسرحًا مختلفًا يناسب المرحلة القادمة، وإذا كنا من قبل نستخدم الرمزية والإسقاطات من أجل الوصول للحقيقة، والآن وبعد أن وصلت الحقيقة والحرية فإننا لن ننتهي من النقد والبحث عن الأفضل؛ لأنها طبيعة الفنان.   ويؤكد المخرج والممثل المسرحي أحمد مختار أنه من الصعب التوقع بما سيحدث في الفترة القادمة، ويقول: كل تغير اجتماعي ينتج أشكاله المسرحية الخاصة به، ومن الصعب حاليًّا التوقع أو التنبؤ بالشكل أو الأشكال التي ستنتجها التغييرات التي حدثت ولكن الشيء المؤكد أن هناك تغييرات كبيرة حدثت في مصر، والفن انعكاس للمجتمع، وسوف نرى نتائجه في المستقبل.   ويلفت مهندس الديكور دكتور حسين العزبي إلى ارتباط المسرح بالحالة السياسية لمجتمع النص والعرض المسرحي، وبالتالي سيحدث تغيير كبير على مستوى شكل ومضمون العرض المسرحي.   ويضيف: كان المسرح دائمًا سباق للأحداث، وعين الفنان تسبق الحدث وتتوقعه، ولكن في ثورة 25 يناير كانت المرة الوحيدة التي خابت فيها رؤية الفنان، وأتحدَّى أن يكون هناك فنان قد توقع ما حدث، وقد ألهمتني هذه الثورة الكثير من الأفكار، منها استخدام المسامير والجرائد في تصميم نصب تذكاري للثورة.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل