المحتوى الرئيسى

حضرة الضابط

06/04 09:23

بقلم: كمال رمزي 4 يونيو 2011 09:08:58 ص بتوقيت القاهرة تعليقات: 0 var addthis_pub = "mohamedtanna"; حضرة الضابط  فى واحدة من قصص نجيب محفوظ القصيرة، ذات طابع ساخر، يحكى كاتبنا عن ذلك الصبى المشاكس، المزعج، الذى يسكن مع أسرته فى بيت مجاور. كان الصبى مصدر عذاب لأقرانه، لذا تنفس الجميع براحة حين وضع عزال أسرة الولد الشرير على عربة كارو وغادرت.. بعد سنوات طويلة التقى به الراوى. صار الصبى كهلا منكسرا. طلب من الراوى، برجاء، أن يجلس معه قليلا على مقهى. ومن عجب أخذ الكهل، المسبل العينين، يتغنى بذكرى الأيام الخوالى الجميلة، النقية، المترعة بالمحبة والوئام.تذكرت القصة حين شاهدت المقطع الأخير من الفيلم التسجيلى القوى، الثرى «حضرة الضابط»، خاصة عندما تحدث أحد قيادات الأمن المركزى للمخرجة هويدا طه عن العلاقة الطيبة، الحميمة، بين قواته والشعب، قبل الثورة.. وبلماحية بنت البلد المصرية، الإسكندرانية، الشاطرة والعفية، نظرت هويدا فى عين القائد لثوان قليلة، وقالت له بلهجة من تدرك أن محدثها يعرف الحقيقة، كلمة واحدة، جامعة مانعة، هى «يا راجل!».. عندئذ، أيقن الرجل المهيب أنها سبرت غوره وكشفت أمره. ارتسمت الحيرة على ملامح وجهه ثم انطلق ضاحكا.هذه النهاية لـ«حضرة الضابط» تأتى كترويح من جرعة الألم التى يحملها الفيلم الذى عرضته قناة «الجزيرة»، والذى يأتى كأحد تجليات ثورة «25 يناير»، فهو يرصد، بضمير يقظ، تفاصيل ما حدث يوم حرق أقسام الشرطة.. تلك الساعات المخضبة بالنار والدم، وتبدو فى الفيلم وكأنها لحظة خاطفة، مليئة بالأحداث والمعانى، بؤرة من الزمن يتكثف فيها الماضى ويمتد إشعاعها نحو المستقبل.. يمكن اعتبارها لحظة «تصفية الحساب».. تعمد الفيلم، برؤيته الرحبة، ألا يكون أحادى الجانب، أو يفرض وجهة نظر مسبقة، صارمة، لذا تعددت الأصوات بداخله، فإلى جانب المعلق، ثمة أهالى الشهداء بقلوبهم النازفة، وأمهات وزوجات ضباط الشرطة المسجونين والضحايا، ومسئول إحدى مؤسسات حقوق الإنسان، وضباط من «ائتلاف» جديد يحاول بناء علاقات مختلفة مع الناس، ووجوه من جماهير الشعب تسرد شهاداتها، والفيلم لا يعتمد على مجرد اللقاءات، فهو أكبر من أن يكون تحقيقا تليفزيونيا، ذلك أنه، بدأب، يقدم مادة أرشيفية ثمينة، قام بتصويرها هواة بواسطة الموبايلات، تتدفق بإحكام على الشاشة. ويحسب لـ«حضرة الضابط» أن رؤيته لا تضيع وسط زخم الأحاديث والصور، ولا تغرق فى عواطف طوفان الدموع، فالفيلم، المحتكم للعقل، لا يضيع منه هدفه المتمثل فى تحليل لحظة «تصفية الحساب».من جماع خيوط الفيلم، وبفضل مونتاج متدفق وسلس، وكلمات من هذا الطرف وذاك، ندرك أن الشرطة كانت أذرع أخطبوط النظام، وبالتالى تعاملت بالقمع، والوحشية، مع الجميع، سواء قبل الثورة أو أثنائها، فها هى صورة «خالد سعيد»، يحملها متظاهر، مكتوب فوقها «بأى ذنب قتل».. وثمة ثائر يهتف «القصاص القصاص.. قتلوا ولادنا بالرصاص». لذا بدا من المنطقى أن تحترق أذرع الأخطبوط مع سقوط النظام. وإذا كان الفيلم يأمل فى شرطة جديدة، مع «ائتلاف» نزيه، فإنه، فى ذات الوقت يحذرنا من القائد الكبير، الذى يحلم بعودة الأيام الخوالى.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل