المحتوى الرئيسى

مؤسسات تدرب الطلبة الصينيين لضمان مقاعد لهم في أفضل جامعات أميركا

06/04 09:17

في ديسمبر (كانون الأول) عام 2009، وصل خطاب رفض من جامعة كولومبيا إلى مدينة شنتشن بجنوب الصين. لقد كان الخطاب مرسلا إلى لو جينيو، إحدى الطالبات المتفوقات وعضو اتحاد الطلاب في مدرستها. بمجرد أن قرأت تلك الكلمات الموجعة للقلب، شعرت بالهلع. ما سبب ذلك؟ وكيف يمكنها معالجة الأمر؟ وسعيا للحصول على إجابة لجأت إلى مؤسسة «ثينك تانك ليرنينغ» لاستشارات القبول في الكليات بكاليفورنيا والتي افتتحت فرعا لها مؤخرا في شنتشن بالقرب من هونغ كونغ. وقالت: «لقد أردت أن يطلع متخصصون أميركيون على طلب الالتحاق الذي قدمته للجامعة ويوضحوا لي كيف أجعله أفضل». كان سعر الاستشارة مرتفعا، حيث بلغ 100 ألف رنمينبي (ما يعادل 15 ألف دولار). لكنها استشارة مضمونة، فإذا لم يتم قبول لو في أي من التسع جامعات الأميركية التي تقدمت إليها، يمكن لأسرتها استعادة المبلغ المالي بالكامل. أخذت لو تفكر مع المستشار الذي يعمل بالشركة في طرق تحسين المقال المرفق بطلب الالتحاق الذي كان عن تنس الريشة. ركزت لو في النسخة الجديدة على مؤتمر الحوار الذي نظمته لو مع طلبة في المرحلة الثانوية بتايوان. ونجحت هذه الطريقة، فقد أتمت السنة الأولى من الدراسة في جامعة بنسلفانيا. وفي ظل تنافس عدد كبير من الطلبة خارج الولايات المتحدة على عدد محدود من الأماكن في أفضل الجامعات الأميركية، تسعى مؤسسات فكرية (ثينك تانك) إلى جني الأرباح من طموحات هؤلاء. اتجه الكثير من الطلبة في الولايات المتحدة إلى مستشارين مستقلين في هذا الشأن، لكن خلال السنوات القليلة الماضية، دخلت مجموعات أكبر السوق من خلال تقديم دورات تدريبية شاملة وأنشطة لا صيفية ومساعدة مكثفة في كتابة الطلبات. انتشرت هذه الخدمات وامتدت إلى سوق مربحة سريعة النمو في الصين. ومع زيادة عدد طلبة البعثات التي ترسلها الصين إلى جامعات أميركية والذي فاق عدد الطلبة المبعوثين من الدول الأخرى، زادت المنافسة على المقاعد المتاحة في أفضل الكليات هناك. وطبقا للمعهد الدولي للتعليم وهو مؤسسة أميركية، وصل عدد الطلبة الصينيين الذين يدرسون في الولايات المتحدة خلال العام الدراسي 2009 - 2010 إلى 39,947، بزيادة 52 في المائة عن العام السابق وأكبر من العدد قبل خمس سنوات بخمسة أمثال. لكن يمكن أن يجد الطلبة من الصين أنفسهم غير مستعدين لعملية التقدم للالتحاق بالجامعات الأميركية، حيث يركز النظام التعليمي في الصين على إعداد الطلبة بشكل مكثف لاختبار الالتحاق بجامعة محلية والذي عادة ما يكون على حساب الأنشطة التي تمارس خارج المدرسة. حصلت نحو 400 مؤسسة تعليمية في الخارج منها مدارس أجنبية ومراكز تعليم لغات وشركات استشارية في مجال طلبات الالتحاق بالجامعات على ترخيص من وزارة التعليم الصينية. وتعاقدت الوزارة مع أكبر شركتين استشاريتين في هذا المجال بالصين وهما المركز الصيني للتبادل التعليمي الدولي و«تشيفاست إيديوكيشين إنترناشونال». ويؤكد بعض المستشارين على أن بعض هذه الوكالات تقدم لعملائها كتابة مقالاتهم الجامعية من الصفر وتدريبهم على إجراء مقابلات الخريجين وحتى تعديل درجاتهم. واعتمادا على نظام تعليم يزداد عولمة، دخلت ثينك تانك ليرننغ السوق في الولايات المتحدة والصين. مؤسس الشركة هو ستيفن ما، 32 عاما، المحلل المالي السابق في وول ستريت والذي أقام شركة لإعداد الطلبة لاختبارات الالتحاق بالجامعة في 2002 قبل التوسع في تطبيق الاستشارة في عام 2006 والتي بدأت بسبعة طلاب. وصل إجمالي عدد الطلاب في عام 2010 إلى 300 طالب بينهم 75 طالبا من الصين. وقالت الشركة إنها حققت أرباحا بلغت 7 ملايين دولار العام الماضي، جاءت 50 في المائة من هذه الرسوم من استشارات القبول. وتقول شركة «ثينك تانك» إنها تمكنت من تحويل عملية القبول الجامعي إلى علم محدد، والذي شبهه ما بالهندسة الوراثية، حيث يقول «نحن نجعل المستحيل ممكنا». فالطلبة الذين عادة ما يدفع آباؤهم عشرات وربما مئات الآلاف من الدولارات عادة ما يتحولون بواسطة «ثينك تانك» إلى طلاب متفوقين واعين اجتماعيا عبر برنامج عادة ما يبدأ مبكرا قبل دخولهم الثانوية العامة. وتقوم الشركة بإعداد أنشطة للطلبة وتقديم توجيهات لهم في كتابة المقالات، وتقوم بتعليمهم مناهج سات، مناهج امتحانات القبول للجامعات الأميركية، وتساعدهم في ذلك بجلسات للتعارف مع عدد من الخريجين. ويقول ما: «هناك نظام وضعته الجامعات لاختيار نجوم المستقبل ونحن هنا للمساعدة في تجاوز هذا النظام». وتعد لو شوانج تشو مثالا حيا على تلك الطريقة، فتشو التي ولدت وتربت في الصين قبل الهجرة في سن التاسعة بصحبة والديها للإقامة في إحدى ضواحي كاليفورنيا كان لديها آمال كبيرة بأن تكون الأولى بين أبناء عائلتها التي تلتحق بالجامعة، لكن النتائج الضعيفة التي حققتها في اختبار سات وصعوبة المناهج الإضافية أقنعت تشو، 17 عاما، بأنها بحاجة إلى ترتيبات دراسية جديدة إذا أرادت أن تلتحق بالجامعة التي تمكن والديها من التباهي أمام أقاربهم. قامت شركة «ثينك تانك» بإرسالها إلى معسكر حديث عام وساعدتها في تطوير مقالها وقدمت لها عناوين البريد إلكتروني لكل أساتذة قسم التاريخ بجامعة ستامفورد. وبتحفيز من الشركة عثرت على برنامجي تدريب عملي مع أستاذين في القسم. كما أدرجت اسمها ضمن برامج الإعداد للجامعة التي تعدها «ثينك تانك»، والتي ساعدتها في تطوير إجمالي نقاطها من 410 إلى 2160 من مجموع 2400. وسوف تلتحق ابتداء من العام القادم بجامعة هارفارد. نجاح ثينك تانك مع الطلبة أبناء الجالية الآسيوية في كاليفورنيا، والذين يقدرون بنحو 90 في المائة من عملاء الشركة من الأميركيين استقطبت اهتمام الأثرياء في الصين، وهو ما دفع ما إلى افتتاح مقر لشركته في تشنزين في عام 2009 وآخر في بكين العام الماضي. دخلت الشركة إلى الصين في الوقت الذي شهدت فيه صناعة الاستشارات الجامعية رواجا كبيرا على البر الرئيسي للصين، عندما وعدت العديد من الوكالات بتحقيق أحلام الطلاب الصينيين الأكاديمية عبر ممارسات مثيرة للشكوك. وتتقاضى شركة «بيست إديوكيشن»، التي تمتلك عددا من المقرات في أنحاء الصين المختلفة 500,0000 رينمبي مقابل كتابة مقالات الزبون وتدريبه على مقابلة التأشيرة في السفارة الأميركية في بكين وتقديم التوجيهات المهنية له. ويقول أحد ممثلي الشركة، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه خشية فقد وظيفته: «يقوم الطلاب بتقديم بياناتهم ونحن نتكفل بالباقي». وتقدم الشركة عرض إعادة 50 في المائة من المبلغ الذي دفعه الطالب في حال رفض طلبه من قبل الجامعة المختارة. وقد لا ترغب الوكالات الصينية في إثارة انتباه الجامعات بتدخلها لأن الطلبات التي تبدو واضحة أنها قادمة من الوكالات ترفض من قبل الجامعات الأميركية، لكن الوكالات تعزز من نجاحها في الصين. وتقدم وكالة بوشي أوفرسيز إديوكيشن ومقرها بكين قائمة بأسماء العملاء الذين تم قبولهم في كل جامعة ومن بينهم اثنان في جامعة هارفارد في عام 2010 وواحد في عام 2011. وقالت ممثلة الوكالة في حديث معها عبر الهاتف، حيث طلبت عدم الكشف عن اسمها خشية الملاحقة من قبل أرباب عملها: «إن الشركة تقوم بما هو أكثر من سيرة ذاتية جيدة فإذا ما كانت اللغة الإنجليزية للعميل ضعيفة فأساتذتنا المدربون قادرون على كتابة التقرير للتأكد من أن كل شيء يبدو تاما». وقد لقيت هذه الممارسات العدائية للصناعة إدانة من قبل العديد من الجامعات الأميركية التي قالت إنها ترفض استئجار العائلات مستشارين لأبنائهم. فتقول باربرا نوث، نائب رئيس جامعة كورنويل بولاية نيويورك والتي تشرف على قبول الطلبة الجدد: «الطلبة يتحملون مسؤولية تحديد مسارهم الخاص بشأن أهدافهم المستقبلية بدلا من التحايل للدخول إلى كلية معينة». وتقول جامعة هارفارد «إننا نراجع كل طلب على حدة وإنه لا يوجد لدينا طريقة للتواصل مع شركات استشارات القبول في الجامعات، على الرغم من أننا مدركون تماما لوجودها». ولم تجب جامعة بنسلفانيا التي ستلتحق بها لو من شينزين على طلبات بالتعليق على القضية. وعلى الرغم من قلق الجامعات من هذه الممارسات، فإن مشاورات القبول كان من الصعب تجاهلها. ويقول ما إن من بين 110 من الطلبة من الصين تم رد الأموال إلى طالب واحد فقط، على الرغم من قبول اثنين في حال دفع الأقساط كاملة. مساعدة الطلبة من الصين على التغلب على عقبات دخول الجامعة قدمتها «ثينك تانك» بمجموعة جديدة من التحديات. فعادة ما تكون مهارات الطلبة في اللغة الإنجليزية ضعيفة ولم يقوموا سوى بالقليل من التدريبات في أوقات فراغهم فيما بعد الواجب المنزلي، لكن آباءهم عادة ما يطالبون بإعداد أبنائهم للالتحاق برابطة اللبلاب. ويقول ما: «ينبغي علينا فعليا أن نمسك بأيديهم للقيام بكل شيء لمساعدتهم بما في ذلك تعمد ترك الأخطاء الإملائية عن عمد في مقالات القبول حتى تبدو وكأنهم هم من كتبوها، وندربهم من أجل اختبار اللغة الإنجليزية كلغة أجنبية ونقيم مناهج إضافة من الأساس». بالنسبة لطموحات الآباء الصينيين يصعب مقاومة عروض «ثينك تانك»، فقد خططت لي مانهونغ، صاحبة شركة لبناء المنازل في بكين لإلحاق ابنها البالغ من العمر 17 عاما بجامعة أميركية، حتى أنها قامت بإلحاقه بمدرسة ثانوية في أوريغون مدة عامين لتحسين مهاراته في اللغة الإنجليزية وكتابة سيرته الذاتية. وبعدما علمت بأمر «ثينك تانك» من أحد جيرانها، أقنعت لي زوجها بتوقيع العقد مقابل 90,000 رينمبي والذي يركز على تسع جامعات أميركية مختارة، وسوف تقوم «ثينك تانك» بتدريب ابنها على منهج سات لمساعدته في الحصول على زمالة وحتى مناهج جامعية ليصبح عميلا جديدا. وترى لي أن هذه التكلفة استثمار في مستقبل ابنها. وتقول: «مهما تكلف الأمر ليصل إلى أقصى طموحاته، فإن الأمر جدير بذلك». * خدمة «نيويورك تايمز».

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل