المحتوى الرئيسى

الطغاة يستأجرون المرتزقة لقتل شعوبهم

06/03 11:41

 لم يترك الطغاة العرب جريمة لم يرتكبوها في حق شعوبهم فمن نهب لموارد هذه الشعوب إلي حرمانها من حقوق الإنسان ومن حقها في أن يكون لها أي دور في إدارة دولها، إلي تخريب متعمد للعملية التعليمية حتي لا يخرج جيل يعرف حقوقه ويطالب بآدميته، إلي إفساد للضمائر وتحويل الرعايا إلي جواسيس يراقب بعضهم بعضاً لحساب الطاغية، وأخيراً وليس آخراً إلي استئجار الجنود المرتزقة من خارج البلاد لحماية عروش الظلام لأن الطغاة لا يثقون عادة في مواطنيهم لحمايتهم، وأمامنا هنا مثال صارخ لما يمكن أن ينحط إليه الطغاة في سبيل قهر شعوبهم للبقاء في كرسي الحكم المطلق إلي الأبد.نشرت جريدة نيويورك تايمز في 5/15 بقلم مارك مازيتي وإميلي هاجر تفاصيل جيش المرتزقة الذي استأجرته حكومة أبوظبي عن طريق أقذر وأحط شركات المرتزقة الأمريكية وهي شركة بلاكووتر ذات السجل الإجرامي الحافل. والتي قتل مرتزقتها الآلاف من مواطني العراق المدنيين خلال الحرب العدوانية الأمريكية التي شنتها أمريكا لاحتلال العراق 2003، وقد وصلت جرائم الشركة المذكورة وفضائحها في العراق لدرجة أن حكومة العملاء العراقية التي وضعتها أمريكا في السلطة في بغداد لم تستطع الاستمرار في الصمت علي جرائم الشركة المذكورة وطالبت بسحبها من العراق وإيقاف نشاطها. يقول الكاتبان تحت عنوان: »قوة الصحراء السرية التي أنشأها مؤسسو شركة بلاكووتر أنه في إحدي ليالي نوفمبر الماضي هبطت في أبوظبي طائرة تحمل العشرات من الرجال الكولومبيين الذين تسللوا بمساعدة المخابرات الظبيانية من الجمرك إلي أتوبيس دون أرقام حملهم إلي معسكر في الصحراء يبعد حوالي 30 كيلو متراً عن المدينة. جاء الكولومبيون تحت غطاء أنهم عمال بناء، ولكنهم كانوا في الحقيقة جنوداً من جيش مرتزقة سري أنشأه الملياردير إيريك برنس صاحب شركة بلاكووتر لحساب أبوظبي مقابل 529 مليون دولار.استقر برنس في أبوظبي العام الماضي بعد أن واجه مشاكل قانونية عديدة في بلدة أمريكا بسبب نشاطه في مجال تجنيد المرتزقة الذي سبب حرجاً دولياً شديداً لأمريكا. تعاقدت أبوظبي معه علي إنشاء قوة مرتزقة قوامها 800 مرتزق للقيام بعمليات خاصة داخل وخارج البلاد لحماية أنابيب النفط وناطحات السحاب من الهجمات الإرهابية وقمع مواطنيها إذا تمردوا، والدفاع عنها ضد أطماع إيران، ويقع معسكر تدريب المرتزقة في الصحراء مختفياً وراء أسوار عالية، ويقوم بتدريب الكولومبيين ومعهم مرتزقة آخرين من جنوب أفريقيا وغيرها ضباط أمريكيون متقاعدون ومحاربون سابقون من قوات العمليات الخاصة من بريطانيا وفرنسا، وقد أدخلت أبوظبي بذلك عنصر توتر جديداً في منطقة متفجرة تنظر لأمريكا بريبة شديدة، ويعترف المسئولون الأمريكيون بأن واشنطن تؤيد هذا العمل من أبوظبي »حليفتها«.وبالنسبة لبرنس فهو يأمل في بناء إمبراطورية في الصحراء بعيداً عن قوانين أمريكا ورقابة الكونجرس، وقد باع الشركة في أمريكا رسمياً العام الماضي، ولكن خلال أبريل الماضي أعادت محكمة استئناف أمريكية التحقيق مع مرتزقة بلاكووتر في جريمة قتل 17 مدنياً عراقياً عام 2007، وحتي يحقق برنس طموحاته أنشأ شركة جديدة اسمها فلكس رسبونز وحصل علي عقود بملايين الدولارات لسلسلة من محطات نووية مزمع إنشاؤها، ويأمل إنشاء كتائب مرتزقة جديدة من أمريكا اللاتينية لحساب الإمارات العربية. ويخفي برنس تماماً علاقته بكتائب المرتزقة، ولا يظهر اسمه في عقود إنشائها بل يستخدم اسماً كودياً هو »كينجفيسن« ويلزم برنس شركاته بقاعدة صارمة هي عدم استئجار مرتزقة من المسلمين بتاتاً لأنه لا يثق في إمكان اعتماده عليهم في قتل غيرهم من المسلمين.وقد سجلت شركته في مارس الماضي في أبوظبي من شركاء ظبيانيين يملكون 51٪ من الأسهم والباقي له، وحصلت الشركة علي 21 مليون دولار »عربون« من حكومة أبوظبي، ووقع العقد مع برنس ولي عهد أبوظبي صديقه الحميم وصاحب فكرة إنشاء قوة كوماندوز في بلده وعدو لدود لإيران، وبالنسبة لبرانس فإن كتيبة المرتزقة كانت فرصة لتحويل الحلم إلي حقيقة، فبعد أن حصلت بلاكووتر علي مليارات الدولارات من أمريكا في عقود أمن كان يتمني إنشاء جيش مرتزقة يمكن إيجاره لمناطق الأزمات في أفريقيا وآسيا والشرق الأوسط، وجاءت الفرصة في أبوظبي، وتعاقد مع شركة ثور جلوبال لتزويده بمرتزقة من جزر الكاريبي وخلال أشهر قليلة تم تمهيد مناطق واسعة في الصحراء وبناء معسكرات تلتزم الإمارات بتزويد المرتزقة بالسلاح والعتاد، وحتي لا يكشف برنس نفسه فإنه نادراً ما يزور المعسكر، ويقول القائمون علي المشروع إن هدف كتيبة المرتزقة هو الحماية من الإرهاب وقمع أي تمرد داخل أبوظبي يقوم به العمال الأجانب الذين يكونون الأغلبية الكبري من حجم العمالة.ورغم أن أحداً لا يتوقع استخدام المرتزقة في هجمات علي إيران فإن الإماراتيين يقولون إنهم قد يستخدمونهم في هجوم بحري أو جوي لاستعادة جزر الخليج التي تحتلها إيران وتنازعها الإمارات في ملكيتها.وقد بدأ وصول قوات المرتزقة لأبوظبي الصيف الماضي، وكانت تأشيرات دخولهم الإمارات تحمل ختماً من المخابرات الإماراتية يحظر تفتيشتهم في جمرك الدخول، وكان التدريب في المعسكر يبدأ الساعة الخامسة صباحاً ويشمل التدريبات البدنية العنيفة وتقسيم المرتزقة إلي فصائل للتدرب علي المناورات وضرب النار كقناص. وتتكلف الكتيبة حوالي 9 ملايين دولار شهرياً للرواتب والمأكل والذخيرة، وبسبب سرية المشروع يشعر المرتزقة كأنهم سجناء لا يحق لهم الخروج من المعسكر إلا لطابور الجري الصباحي، وقد خاب طن الإماراتيين في مستوي حرفية وكفاءة المرتزقة، وبدأ الكثير منهم يدمن المخدرات مما اضطر قياداتهم إلي إعادة بعضهم لبلده، واضطر برنس لتجنيد فصيلة من جنوب أفريقيا من محترفي حروب المرتزقة في الماضي، وكان دور هذه الفصيلة بمثابة قوة تدخل سريع عند الحاجة سواء لمواجهة هجوم إرهابي أو مهاجمة برج خليفة أعلي ناطحة سحاب في العالم الموجودة في دبي.ورغم ذلك كان مستوي الكتيبة في نوفمبر الماضي متخلفاً عن برنامجه الموضوع له، كان الهدف الأصلي إعداد 800 مرتزق مدرب جيداً جداً بحلول نهاية شهر مارس، ولكن عند هذا التاريخ نزل حجم الكتيبة إلي 580 مرتزقاً فقط، وقد وعد مسئولو الإمارات برنس بأنه لو نجحت الكتيبة الأولي فسيتعاقدون معه علي لواء كامل من عدة آلاف من المرتزقة مقابل المليارات من الدولارات، ولكن أصر مسئولو الإمارات علي ضرورة أن تثبت الكتيبة كفاءتها في معركة حقيقية أولاً وحتي يرفه الإماراتيون عن أفراد الكتيبة كانوا يأخذونهم من حين لآخر للتسوق في المدينة والترفيه، وفي ليلة ربيع مؤخراً أخذوهم في أتوبيس دون أرقام إلي فنادق وسط مدينة دبي حيث رتبوا لهم قضاء الليلة مع بعض العاهرات.وهكذا ينتهي التقرير المخزي الذي نشره الكاتبان في جريدة »نيويورك تايمز« عن إنجازات المشايخ في مجال التعامل مع الجنود المرتزقة، وسخائهم المفرط في إهدار موارد بلادهم علي من يتصورون أنهم سيحمونهم عند اللزوم من غضبة مواطنيهم، ولو كانت لدي المشايخ ذرة من نظر ثاقب لأدركوا أن أكثر من مليون وربع من جنود الأمن المركزي لم يستطيعوا حماية نظام ديكتاتور مصر الذي سقط بسرعة كثمرة عفنة، ولكن النظر الثاقب ليس من صفات من قضوا حياتهم في ملاهي العالم وبين أحضان غوانيها.عضو الهيئة العليا للوفدرئيس لجنة العلاقات الخارجية

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل