المحتوى الرئيسى

اختراق فني لبناني لخريطة الدراما العربية

06/03 09:38

أخيرا بدأت الدراما اللبنانية تصحو من سبات عميق غرقت فيه لسنوات طويلة، وتمكنت من اختراق الحصار الذي فرضته عليها ظروف الحرب الأهلية من ناحية، وظروف أخرى إنتاجية حالت دون وصولها إلى مستوى مرموق يمكنها من المنافسة عربيا، بسبب غياب كامل لدعم الدولة، ورفض التعامل معها على أنها صناعة قائمة بحد ذاتها، وحصر التجربة الإنتاجية بالمجهود الفردي لعدد محدود من الأشخاص الذين سعوا ويسعون إلى فرض الدراما اللبنانية على خريطة الدراما العربية. ويبدو أن جهود هؤلاء بدأت تقطف ثمارها، إذ بدأ الحديث عن تعاون درامي عربي - لبناني، إنتاجا وكتابة وتمثيلا، في أكثر من عمل، البعض تم إنجازه والبعض الآخر لا يزال قيد التحضير، وسيتاح للمشاهد العربي التعرف عليه ومتابعته خلال شهر رمضان المبارك.ويأتي في طليعة هذه الأعمال مسلسل «الشحرورة»، الذي ينتج بتعاون لبناني - مصري مشترك بين شركتي «Cedars Art Production» لـ«صبّاح إخوان»، و«Screen 2000» لأمير إبراهيم شوقي. المنتج صادق الصباح أكد أن مسلسل «الشحرورة» سوف يسهم في تنشيط الدراما اللبنانية، لأن المنتجين اللبنانيين سيتعرفون من خلاله على سلبيات وإيجابيات الإنتاج الدرامي، متمنيا أن يستفيدوا من الإيجابيات وأن يتعلموا منها، وأضاف: «لعل أبرز وأهم مشكلة تعاني منها الدراما اللبنانية، أنها لا تسوق في الخارج، فهي ناجحة محليا ولكنها لا تصدر إلى السوق العربية، ولكي يتحقق هذا الأمر، لا بد وأن تتوفر فيها مجموعة من المقومات، ولذلك فإن الزملاء المنتجين مدعوون لمشاهدة (الشحرورة)، ليكتشفوا نوعية المواد التسويقية التي يمكن أن تسوق عربيا، ولكي يقدموا أعمالا شبيهة تساعدهم على تصدير أعمالهم». وعما إذا كان هدفه كمنتج لبناني نشر الدراما اللبنانية عربيا، يجيب الصباح: «أنا أقوم سنويا بإنتاج مجموعة من الأعمال السورية - المصرية - العراقية، ويهمني كمنتج لبناني أن أؤسس لصناعة درامية لبنانية مهمة وراقية، ولذلك انتظرت العمل اللبناني الذي يمكن من تحقيق هذا الهدف، واخترت مسلسلا يجمع بين التقنيات المصرية، القدرات الفنية السورية والقدرات اللبنانية التمثيلية، ولا يسعني سوى أن أتمنى أن تتكرر التجربة في المستقبل، وأن أنتج المزيد من الأعمال الدرامية اللبنانية، إذا سنحت الظروف بذلك». الكاتبة كلوديا مارشليان أعدت نصا باللهجة اللبنانية سيتحول إلى مسلسل تتولى إنتاجه إحدى الشركات السورية، تقول: «سوف أباشر قريبا بتصوير مسلسل من إنتاج شركة (سانا برودكشن)، وهو سيكون باللهجة اللبنانية وسيشارك فيه عدد من الممثلين المصريين إلى جانب مجموعة من الممثلين اللبنانيين، أما التصوير فسيتم بين مصر ولبنان، تحت إدارة المخرجين السوريين رامي حنا والليث حاجو. أما بالنسبة للتفاصيل الأخرى التي تتعلق بهذه العمل فسوف تعلن عنها الشركة المنتجة في مؤتمر صحافي خاص، وستعلن عنها الشركة المنتجة في الوقت المناسب». وعن موقفها من الأعمال الفنية التي تعتمد على الإنتاج المشترك وانعكاس ذلك على مستقبل الدراما المحلية، رأت مارشليان أن «الإنتاج المشترك منتشر في كل أنحاء العالم، ولكن لكل تجربة خصوصيتها ولا يمكن التعميم والقول بأن كل إنتاج مشترك يمثل تجربة ناجحة، بل إن المسألة نسبية، ويجب التعامل مع كل واحدة منها على حدة، وفي الوقت نفسه لا يمكن تقويم نجاح أو فشل أي عمل، من منطلق أن يعتمد على الإنتاج المشترك، بل لأن رأس المال لم يقدموه على الشكل المطلوب». ماذا يضيف الإنتاج العربي إلى الدراما اللبنانية التي كثيرا ما عانت ولفترة طويلة من مشكلات إنتاجية؟ توضح مارشليان قائلة: «علينا أن ننتظر النتيجة، ولكن من حيث المبدأ، من المفترض أن يكون الإنتاج السخي أفضل من ذك الذي يكون من دون سخاء، على مستوى التحضيرات والتعامل. وبالنسبة لتجربتي الخاصة في هذا المجال، فإن النتيجة تبدو إيجابية جدا، لأن الشركة المنتجة للعمل تحترم نفسها وتعمل باحتراف عال». ولكن مارشليان قللت من أهمية الإنتاج العربي في انتشار الدراما اللبنانية قائلا: «مسلسلا (سارة) و(أجيال) هما من إنتاج لبناني وسوف يعرضان على محطة (mbc) قبل المسلسل الجديد الذي نستعد له، وهذا يؤكد أننا لا ننتظر الإنتاج العربي لكي نعرض أعمالنا اللبنانية على الشاشات العربية». وعما إذا كانت تقصد بكلامها بأن الدراما اللبنانية تمكنت من إثبات نفسها أو أنه لا يزال ينقصها الكثير، توضح مارشليان أن «الدراما العربية كلها ينقصها الكثير. من جهتنا نحن نحاول ونسعى إلى المضي بخطوات حثيثة إلى الإمام. وشخصيا أنا راضية عن تجربتي، ولكني لا أستطيع أن أتحدث عن وضع الدراما بشكل عام، لأنني لست قيمة عليها، وإن كنت أعتقد أنه عندما تتوفر الإمكانات المطلوبة نستطيع أن نقدم دراما لبنانية ناجحة. وأنا أتوقع أنها ستتمكن خلال الأيام المقبلة من المنافسة عربيا، إذا استمرت على النحو الذي هي عليه اليوم». المنتج مروان حداد انتهى مؤخرا من تصوير مسلسل «آخر خبر»، وهو عمل رمضاني يحمل توقيع هشام شربتجي إخراجا ويضم مجموعة من النجوم اللبنانيين من بينهم: وسام صباغ، وماغي بو غصن، ومارسيل مارينا، إلى جانب عدد من نجوم الدراما السورية أمثال مصطفى الخاني، وزهير رمضان، وشكران مرتجى، ومحمد خير الجراح. وعن تأثير انفتاح الدراما اللبنانية على العالم العربي، يقول حداد: «منذ أن بدأت العمل في الإنتاج الدرامي قبل 10 سنوات، كان حلمي أن أفتح سوق الدراما اللبنانية على العالم العربي، ولقد جرت في الفترة الماضية محاولات خجولة لبيع إنتاجنا اللبناني إلى بعض الدول العربي، وفي عام 2007 استطاع مسلسل (حواء في التاريخ)، الذي يتناول سيرة عدد من الشخصيات النسائية عبر التاريخ، أن يحقق خرقا في هذا الإطار، كما أننا تمكنا في الفترة الأخيرة من الوصول إلى شاشة (mbc) من خلال مسلسلي (أجيال) و(سارة)، وأتمنى أن يشاهد الجمهور العربي المزيد من المسلسلات اللبنانية خلال الفترة المقبلة». من وجهة نظره كمنتج لبناني أجاب حداد عن تساؤل: إلى أين يمكن أن تؤدي ثقة المنتج العربي بالدراما اللبنانية؟ قائلا: «عندما كانت الدراما المصرية في أوجها واستعانت بنجوم الدراما السورية، فلا شك أنها أسهمت في مرحلة لاحقة بصعود السورية، وحاليا فإن وجود الوجوه اللبنانية كدم جديد في الدراما العربية، سيزيد طلب المنتجين العرب عليها للتعامل معها. إذا لم تتنقل عدوى الثورات التي يمر بها العالم العربي إلى لبنان، فلا شك في أن هذا الأمر، سيشجع المنتجين العرب على الاستثمار فنيا في لبنان». ويبدي حداد ثقة عالية بالدراما اللبنانية وقدرتها على المنافسة عربيا قائلا: «مسلسلات (أجيال)، و(مدام كارمن)، و(الحب الممنوع)، تملك كل المواصفات الدرامية التي تمكنها من منافسة أي عمل درامي سوري أو مصري، وبفضلها تردني اتصالات من عدد من المنتجين العرب لأنها لفتت نظرهم، وذلك لا يعني فقط أننا سوف نتمكن من المنافسة، بل لقد بدأنا بالمنافسة فعلا». وعن طبيعة العروض الإنتاجية التي يتلقاها من الخارج، يوضح حداد أنها «موجودة.. وأتوقع أن تزيد، ولكن هذا الأمر يتوقف على الوضع الأمني في لبنان. لا أنكر أنني رفضت في البداية الشراكة مع الإنتاجات العربية، لأنني أفضل أن تكون الدراما لعبتي، ولأنني أرفض أن أقدم تنازلات، ولكن عندما أحظى بعرض مناسب، بمستوى راق ولا يقيدني، فسوف أقبل به». كما أكد حداد «أن كل ما يتردد عن خوف من الدراما اللبنانية بسبب جرعة الجرأة الإضافية فيها، هو مجرد مقولة كانت تصح سابقا، وهي لم تعد في مكانها، منذ أن غزت الدراما التركية الفضائيات العربية، التي لا تقل جرأة عن الدراما اللبنانية، بل وتتشابه معها في الكثير من المواضيع العربية. والذي يشاهد الدراما التركية لا شيء يمنعه من مشاهدة المسلسل اللبناني، على الرغم من بعض العقبات التي تزال تعترضه، كالحاجة إلى بعض الوجوه الجديد. أما بالنسبة للعقبات الإنتاجية، فلقد بدأت بعض المصارف تؤمن بالدراما كصناعة ولا بد من تقييم لهذه الناحية، وهذا ما نقوم به حاليا كجمعية منتجين بعد أن قررنا إنشاء جمعية تضم جميع المنتجين اللبنانيين لكي نتمكن من تصنيفها كصناعة مثل سواها من الصناعات الأخرى، وعليه لا بد من أن تتمتع بمقوماتها وبكل التسهيلات التي تحظى بها، وأنا أتوقع أن نتوصل مع مصرف لبنان المركزي إلى بروتوكول تعاون يتعلق بالدراما اللبنانية». ولا يتوقع حداد أن يؤثر دخول الإنتاج العربي على خط الدراما اللبنانية سلبا على المنتج اللبناني «ولمَ يؤثر؟ سوف يزيد الطلب على الممثل اللبناني أكثر، وأنا متأكد من أن المنتج العربي لن يرفع أسعاره في لبنان، لأن هذا الأمر لا يناسبه، فهو يعرف كم يتقاضى الممثل اللبناني وسوف يدفع له المبلغ نفسه. المنتج العربي سيقصد لبنان، لأنه سيجد فيه سوقا استثمارية أقل تكلفة من الأسواق السورية، والمصرية، والخليجية، لأن هناك فرقا في التكلفة بين إنتاج مسلسل سوري أو مصري في لبنان، وأن يكون العمل برمته لبنانيا. وأنا أتمنى أن تكون المغامرة التي بدأناها قبل 10 سنوات قد أعطت ثمارها، خاصة وأن الدراما اللبنانية بدأت تحظى اليوم بنسبة مشاهدة عالية، كما أن المحطات وصلت إلى قناعة بأن الدراما فرضت حضورها على شاشاتها، بعد أن عانينا لفترة طويلة من قلة الدعم ومن عدم الإيمان بما نفعله، وبناء عليه؛ فيجب على شركات الإنتاج، الذين تحرص على تحقيق انتشار بمستوى راق للدراما اللبنانية، أن تقدم نوعية جيدة، لكي نتمكن من خلق تيار يستطيع السيطرة على المنطقة دراميا». الفنان وسام صباغ الذي يشارك، كتابة وتمثيلا في مسلسل «آخر خبر» اعتبر أن التعاون اللبناني - العربي كثيرا ما كان موجودا في لبنان، وقال: «معظم الأفلام العربية كانت تصور في لبنان، وبمشاركة ممثلين لبنانيين، نظرا لما يتمتع به لبنان من طقس جميل ومشاهد طبيعية خلابة، ولكن الحرب أثرت على كل شيء، واليوم لا بد من العودة إلى الوضع السابق، خصوصا أن العناصر البشرية الجيدة متوفرة ولا ينقصنا سوى الظروف الإنتاجية لكي تقدم الدراما اللبنانية بشكل صحيح، وهذه الخطوة لا بد وأن تسمح للجمهور العربي بالتعرف على الدراما اللبنانية». وعن تجربته الكتابية في هذا المسلسل، يقول صباغ: «هي تمت بمشاركة محمد السعودي. النص كوميدي، واستغرق التحضير له مدة عام كامل، لكي نحصل على نتيجة جيدة. النصوص الكوميدية مفقودة في المسلسلات العربية على الرغم من وفرة الإنتاج الدرامي، وهذا الأمر دفعنا إلى كتابة نص لبناني محترم، دعمناه بعدد من النجوم السوريين لكي يصل اللبناني من خلالهم». ورأى صباغ أن الدراما اللبنانية بحاجة إلى الدعم العربي لكي تصبح أفضل، خصوصا أن الدولة اللبنانية مغيبة عن الإنتاج المحلي، مضيفا أن «الانفتاح بدأ وسوف يستمر.. ولا بد أن تتحقق الثقة في الدراما اللبنانية، خصوصا أن الصورة انطلقت من لبنان إلى العالم العربي».

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل