المحتوى الرئيسى

يجب رفع سعر الأسمنت

06/03 12:03

سعيد بن على العضاضي بينت في مقال الأسبوع الماضي وجهة نظري حيال أزمة الأسمنت التي تثور ثم تخمد، وقد أخذت الجانب التسويقي عند التحليل حسب المعلومات المتاحة. فذكرت أن الأزمة ليست إنتاجية بقدر ما هي خلل في المزيج التسويقي الذي تتبعه مصانع الأسمنت الوطنية خصوصا في وظيفتي التسعير والتوزيع. وقد ناقشت عنصر التسعير في المقال السابق، وفي هذا المقال سأعرض الطريقة المثلى لتوزيع المنتجات وكيف تقوم مصانع الأسمنت في بلادنا بممارستها. يقصد بقنوات التوزيع مجموعة من التنظيمات تعتمد بعضها على بعض بهدف تسليم المنتج للمستهلك النهائي. وتأخذ قنوات التوزيع شكلين أساسيين؛ الأول يطلق عليه ''قنوات التوزيع الرأسية''، حيث يعمل المنتج مع قنوات التوزيع كنظام واحد، وقد تكون جميعها تحت مظلة قانونية واحدة. والشكل الآخر ''قنوات التوزيع الأفقية'' والتي يقوم فيها المصنع بإسناد عملية توزيع المنتجات إلى شركات أخرى ليس له سيطرة عليها، وبهذا يعتبر المُنتج وقنوات التوزيع هياكل تنظيمية مستقلة، وقد تكون مختلفة حتى في الشكل القانوني. ويرغم قانون الأعمال في بعض الدول الشركات على توزيع منتجاتها عن طريق موزعين معتمدين، وكلما كانت قناة التوزيع طويلة كانت أكثر فاعلية وأكثر مساهمة في الاقتصاد الكلي، رغم أن هذا قد يرفع سعر المنتج للمستهلك النهائي، إلا أن هذا الأسلوب يحقق للدولة عدة مميزات منها المساهمة في محاربة البطالة عن طريق خلق كثير من فرص العمل، وتفتيت الاحتكار، وتركيز الشركات على الإنتاج والتصنيع وبعض أدوات التسويق، أما وظيفة التوزيع فيجب التخلي عنها للشركات المتخصصة. ويقف قانون الأعمال في هذه الدول بالمرصاد لأي شركة توزع منتجاتها بنفسها أو عن طريق قنوات توزيع غير مرخص لها من قبل الهيئات المعنية ولا تسمح للمستهلك بأن يشتري مباشرة من المنتج أو من بائع جملة، وإنما عليه أن يشتري السلعة من آخر طرف في القناة وعادة ما يكون بائع التجزئة. اقتصاديات أخرى ترى ألا ضير من أن يشتري المستهلك من المُنتج مباشرة أو من إحدى قنوات التوزيع، وترى أن للمستهلك حرية الشراء من أي طرف وللمُنتج حرية البيع بأي أسلوب يراه مناسبا ولا تتدخل الدولة أبدا في ذلك بل إنها تعتقد أن التوزيع أحد المهام الأساسية لإدارة التسويق، ومن حق الشركة أن تديره بالطريقة التي تراها. ولهذا النمط مزاياه وعيوبه منها أن قنوات التوزيع تحاول أن تطور خدماتها لجذب أكبر عدد ممكن من المستهلكين مثل التغليف، وتوصيل السلعة، وخدمات ما بعد البيع. ورغم حرية التوزيع التي تتمتع بها الشركات المنتجة في ظل هذه الاقتصاديات إلا أنها ــــ أي الشركات ــــ تفضل الاستعانة بقنوات توزيع متخصصة وتقوم بدعمها إدارياً ومالياً خصوصا في المهام الحرجة كالنقل والتغليف والإعلان. ولننظر إلى مصانع الأسمنت في بلادنا لنرى أين هي من كل هذا؟ تقوم مصانع الأسمنت بتسليم عبوات الأسمنت بعد اكتمال صنعها لأساطيل نقل برية يمتلكها أفراد ينقلونها مباشرة من المصانع إلى الأسواق ويحمل المستهلك مبتغاه من عبوات الأسمنت مباشرة من الحاملة إلى وسيلة نقل خاصة بالطريقة التي نعرفها جميع. ورغم بساطة العملية إلا أن المستهلك هو المتضرر الوحيد من طريقة التوزيع البدائية هذه. ومن أهم الأضرار التي يدفع ثمنها المستهلك دون أن يدري أنه لا يستطيع أن يعيد عبوات الأسمنت إلى المصنع عندما يشتري أكثر من حاجته، فالمصنع لا يقبل ألبتة عودة عبوات الأسمنت التي تفيض عن حاجة المستهلك، وهذه خسارة واضحة ومباشرة يدفع ثمنها المستهلك. كما أنه ـــ أي المستهلك ـــ قد يشتري بعض العبوات وعندما يشرع في استخدامها يجدها غير مكتملة الصنع أو بها عطب، وهنا ما عليه سوى القبول بالأمر الواقع وستحسب عليه عبوة صالحة للاستخدام رغم أنه لم يستفد منها. ولتفادي كل هذه السلبيات في طريقة توزيع الأسمنت يجب أن يكون هناك قنوات توزيع لها خبرة في هذا المجال تشتري الأسمنت من المصانع بكميات كبيرة ثم تخزنها بطريقة تتلاءم، وطبيعة هذا المنتج وتتولى مهمة البيع للمستهلك النهائي، وما يتبع ذلك من خدمات كضمان الجودة، والعروض الترويجية والبيعة كالخصومات بل قد يصل الأمر إلى توصيل عبوات الأسمنت إلى المستهلك أين ما كان موقعه، كما تتعهد شركات التوزيع بقبول إعادة العبوات المعيبة واستبدالها أو إعادة ثمنها للمستهلك. ونحن نعلم أن مثل هذا التنظيم قد يترتب عليها ارتفاع سعر كيس الأسمنت للمستهلك النهائي، فهذه الخدمات لا يمكن أن تقدم مجاناَ، ولكن الفائدة في نهاية المطاف تصب في مصلحة المستهلك النهائي. إن وضع منتج الأسمنت بطريقة التوزيع الحالية وبالسعر الحالي يكلف المستهلك الكثير دون أن يدري، لذا يجب دخول قنوات توزيع متخصصة تدير هذه المهمة الضخمة وتضمن للمستهلك منتجا سليما من العيوب، يصل في الوقت المناسب، ويعيد ما يفيض عن حاجته، وتتولى هذه القنوات نقل العبوات مهما كان عددها إلى الموقع دون أن يضطر المستهلك إلى الوقوف في صفوف الانتظار أو أن يستغل أحد المتلاعبين هذه الفجوة بين المستهلك النهائي والمنتج. نتمنى من الغرف التجارية والجهات المعنية بحماية المستهلك أن تدعو إلى إعادة هيكلة قنوات توزيع الأسمنت بطريقة تليق بالمرحلة التي تمر بها بلادنا، وعليها أن تأخذ في حسبانها أن المُقاوم الأول لتغيير طريقة توزيع الأسمنت هو المستهلك ذاته لأنه يقيم الأمر بطريقة ضيقة فهو ينظر إلى سعر عبوة الأسمنت ويغفل الخدمات الأخرى التي تقدم له وتوفر له الكثير كضمان الجودة وإعادة المنتجات المعيبة وخدمات ما بعد البيع الأخرى. * نقلا عن "الاقتصادية" السعودية.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل